في المسجد سنة وطاعة، فإذا جازت مخالفتها لطلب الأفضل ورد مثله في الصدقة بالمال المعين.
وجوابه: أن الصدقة المطلقة وإن كانت راجحة إلا أن المنذور ليس هو المطلقة وإنما هو الصدقة المخصوصة بالمال المعين، وهو أيضا أمر راجح متشخص لذلك المال المخصوص، فالطاعة المنذورة إنما تعلقت بالصدقة بذلك المال لا مطلقا فكيف يجزي المطلق عنه؟ وأيضا أن الطاعة المطلقة لا وجود لها في الخارج إلا في ضمن المعين من المال والزمان والمكان والفاعل وغيرها من المشخصات، فإذا تعلق النذر بهذا المتشخص انحصرت الطاعة فيه كما تنحصر عند فعلها في متعلقاتها، فلا يجزي غيرها مما هو أفضل منها، ولأن فتح هذا الباب من المناقشة يؤدي إلى عدم تعين شئ بالنذر حتى صوم يوم معين وحج سنة معينة وغير ذلك، فإن الصوم والحج في أنفسهما طاعة وتخصيصها بيوم أو سنة مخصوصين من قبيل المباح، وذلك باطل اتفاقا. ثم بهذا الشرط من كونه سائغا خرج ما كان محرما بالاتفاق، فلا ينعقد نذره للمستفيضة المتفق عليها من قولهم عليهم السلام (لا نذر في معصية) وقد تقدمت في اليمين بطرق عديدة.
منها موثقة زرارة (1) (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي شئ لا نذر في معصية؟ قال: فقال: كل ما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا فلا حنث عليك فيه).
ومثله موثقته الأخرى (2).
وصحيح منصور بن حازم (3) عن أبي جعفر عليه السلام (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا رضاع بعد فطام - إلى أن قال: - ولا نذر في معصية ولا يمين في قطيعة رحم).