وأما اعتبار الاقرار من الطرفين فيه فهو عائد إلى الآخرين كما هو صريحه، والأمر كذلك في الفتوى.
ولو أنكر بعد بلوغه لم يلتفت إلى إنكاره بسبق ثبوت نسبه كما لو قال ثبت بالبينة لأن النسب مبني على التغليب فلا يتأثر بالانكار بعد الحكم بثبوته، وهو مذهب العلامة في التذكرة.
وللشافعية قول إنه يندفع النسب بالانكار، لأنا إنما حكمنا به حيث لم يكن انكار، فإذا تحقق لم يثبت، وليس بشئ. ولو أراد المقر به بعد بلوغه تحليف المقر له يمكن من ذلك، ومثله ما لو استحلف مجنونا فلما أفاق أنكر.
الثالثة: لو مات الصغير ورثه الأب لثبوت النسب المقتضي للإرث، وكذا العكس، ويدل عليه الصحيحان المتقدمان وإطلاق بقية تلك الأخبار لاطلاقها وظهورها ولو اعترف ببنوة ميت مجهول ثبت نسبه وورثه وإن كان كبيرا ذا مال مع عدم وارث غيره لم يرثه، وربما قيل بثبوت الإرث من الكبير.
وتقرير هذا الحكم على التفصيل وإن خلا عن خصوص الدليل أن الميت الذي ادعيت ثبوته إن كان صغيرا وكان مجهول النسب الحق بالمدعي وثبت نسبه، لأن تصديقه غير معتبر وتكذيبه غير مؤثر سواء كان ذا مال أم لا، ولا ينظر إلى التهمة بطلب المال لأن أمر النسب مبني على التغليب، ولهذا يثبت بمجرد الامكان بالنسبة إلى الولد حتى أنه لو قتله ثم ادعى ببنوته قبل استلحاقه حكم بسقوط القصاص.
ومنع من ذلك أبو حنيفة للتهمة بوجود المال، وهو غلط كما هو شأنه التملك السخيفة (1)، ولهذا لا يمنع نفوذ الاقرار يسار الصبي وفقر المقر في حال الحياة.
وإن كان كبيرا ففي ثبوت النسب إشكال من أن شرط لحوق البالغ تصديقه وهو منتف هنا، ولأن تأخير الاستلحاق إلى الموت يوشك أن يكون لخوف إنكاره