في إحداهما لا تنحل الأخرى كما لو قال: والله لا أكلم زيدا، والله لا أكلم عمرا.
ولو قال في الاثبات: لا ألبسن هذا الثوب وهذا الثوب ففي كونهما يمينين أو واحدة وجهان كما سبق.
الثامنة عشرة: إذا حلف: لا آكل خلا فاصطبغ به حنث عند جماعة وعند آخرين لا يحنث لأنه ينصرف عرفا إلى أكله متميزا إما منفردا أو مع غيره. أما لو استهلك بالمزج نحو الطعام وانتفت التسمية فلا حنث وإن بقيت الحموضة وغيرها من أوصافه، وقد تقدم الكلام عليه في السمن.
التاسعة عشرة: لو قال: لا شربت لك ماء من عطش فهو حقيقة في تحريم الماء، وهل يتعدى إلى الطعام فيه؟ قيل: نعم، عرفا، وقيل: لا، تمسكا بالحقيقة لأن هذا اللفظ في شرب مائه حالة العطش. وقد يتجوز فيما هو أعم من ذلك بأن يريد به أنه لا يتناول شيئا من مائه، وإن قل فلفظه خاص. وقيل: يعم بواسطة سببه وهو عكس ما يقوله الأصوليون في مؤلفاتهم فيما إذا كان اللفظ عاما وسببه خاص كبئر بضاعة وشاة ميمونة.
وهل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ وقد اختلف العلماء في العمل بحقيقة هذا اللفظ الخاص أو بمجازه حيث هو كناية عن ترك غير الماء من المأكول ونحوه نظرا إلى القرينة. فجماعة على العمل بالثاني لأن العرف يدل عليه فيكون من باب تعارض اللغة والعرف أو الحقيقة المتروكة والمجاز الغالب، وهو تحقيق حسن لكن مع انضباط العرف أو دلالة القرائن عليه، وإلا تمسك بالحقيقة لا صالة البراءة فيما زاد عليها، ولأن إرادة العام من اللفظ الخاص ليس من أنواع المجاز المستعملة اصطلاحا فكيف تحمل عليه عند الاشتباه؟ وإنما غايته أن يحمل عليه مع قصده أو ظهور القرائن بإرادته.
وقيل: يعمل على الحقيقة مطلقا لأن الأيمان إنما تبنى على الألفاظ لا على