أحدها: أن القول قول المالك، فإذا حلف على نفي ما يدعيه العامل يثبت أجرة المثل، وهو قول الشيخ وجماعة. أما تقديم قوله فلان الاختلاف في فعله فيقدم فيه كما يقدم في أصل الجعل، ولأنه ينكر ما يدعيه العامل فيكون معه أصالة عدم بذله وبراءة ذمته منه. وأما ثبوت أجرة المثل فلأنه قد حلف على نفي ما يدعيه العامل، فإذا انتفى ما يدعيه العامل ولم يثبت ما يدعيه هو يثبت أجرة المثل للاتفاق على وقوع العمل بعوض، وأجرة المثل عوض ما لا يثبت فيه مقدر.
واستوجه هنا جماعة بعد الحلف ثبوت أقل فقد انتفى ما يدعيه العامل بيمين المالك فتثبت أجرة المثل لما ذكر في القول الأول، وإن كان ما يدعيه أقل من الأجرة فلاعترافه بعدم استحقاق الزيادة وبراءة المالك منها فكيف تثبت له؟ وبهذا تبين لك ضعف إطلاق القول الأول، وهذا الذي اختاره المحقق والعلامة في التذكرة والتحرير وهو ثاني الأقوال في المسألة.
الثالث منها: تقديم قوله لكن يثبت مع يمينه أقل الأمرين من أجرة المثل ومدعى العامل وأكثر الأمرين منها ومن مدعى المالك. أما الأولان فقد تبين وجههما، وأما الأخير فلأن ما يدعيه المالك إن كان أكثر من أجرة المثل فهو يعترف بثبوته في ذمته للعامل فيؤاخذ بإقراره والعامل لا ينكره وقد ثبت باتفاقهما وبهذا يظهر قوة هذا القول على الأولين. لكن يبقى الاشكال فيهما من حيث توقف ثبوت ذلك على يمين المالك، لأنه مع مساواة ما يعترف فيه المالك من أجرة المثل أو زيادته عليها لا يظهر لليمين فائدة لأنه ثابت باتفاقهما من غير يمين، واليمين لا يثبت غيره فلا فائدة فيها.
وأما مع نقصان ما يدعيه من أجرة المثل فقد تظهر فائدة يمينه في إسقاط الزائد عنه فيما يدعيه فيتجه يمينه لذلك.
الرابع: تقديم قول المالك إلا إن الثابت بيمينه هو ما يدعيه لا أجرة المثل