المطلب الثالث في بقية أحكام الجعالة عند اختلاف العامل والجاعل وفيه مسائل:
الأولى لو قال العامل: شارطني وقال المالك: لم أشارطه فالقول قول المالك مع يمينه. والمراد بالمشارطة أن يجعل له جعلا على الفعل سواء كان معينا أو مجملا يوجب أجرة المثل، فإذا ادعى العامل وأنكر المالك ذلك وادعى تبرع العامل كان عملا مجانا، فالقول قوله لأصالة عدم الجعالة وبراءة ذمته، أما لو كان النزاع في أن المالك هل شارطه على شئ بعينه أو أمره على وجه يوجب أجرة المثل؟
فقد اتفقا على ثبوت شئ في ذمة المالك وإنما اختلفا في تعينه فكان كالاختلاف في القدر والجنس، وسيأتي بيانه.
وكذا القول قوله لوجاء بأحد الآبقين فقال المالك: لم أقصد هذا وإنما قصدت الذي لم تأت به لأن مرجع هذا الاختلاف إلى دعوى العامل شرط المالك له على هذا الآبق الذي رده والمالك ينكر الجعل عليه، فكان القول قوله لأصالة عدم الشرط عليه وإن كان قد اتفقا على أصله في الجملة، وبهذا خالف الفرع السابق.
ومثله ما لو قال المالك: شرطت العوض على ردهما معا قال العامل: بل على أحدهما أو على هذا الحاضر المعين فيقدم قول المالك لأصالة براءة ذمته من المجموع.
وهل يثبت للعامل قسط من رده من المجموع؟ يظهر من التذكرة للعلامة.
وفيه نظر، لأن المجعول عليه المجموع لا الابعاض. ومثله ما لو اتفق على وقوع الجعالة عليهما فرد أحدهما خاصة.
الثانية: لو اختلفا في قدر الجعل بأن قال المالك: بذلت خمسين فقال العامل بل مائة مع اتفاقهما على الجنس والوصف وفيه أقوال: