وأما ما قيل من أن الجهالة فيها مؤدى إلى الغرر ولا يكاد أحد يرغب فيها حيث لا يعلم بالجعل فلا يحصل مقصود العقلاء فمدفوع بالمنع تارة لأن الحاجة قد تمس إلى جهالة العوض بأن لا يريد بذل شئ آخر غير المجعول عليه حيث لا يتفق ذلك بأن يريد تحصيل الآبق لبعضه وعمل الزرع لبعضه ونحو ذلك.
وأيضا لا نسلم أن ذلك لا يرغب فيه فإن العادة قاضية باطراد حصول الرغبة في أعمال كثيرة مجهولة بجزء منها مجهول، وإنما التوقف في صحة ذلك شرعا ولاطباقهم على صحة الجعالة مع عدم تعين الجعل ولزوم أجرة المثل مع أن العمل الذي يثبت أجرة مثله غير معلوم عند العقد، فالأقوى إذا ما ذهب إليه البعض من اغتفار الجهالة في العوض، حيث لا يمنع من التسليم كنصف العبد الآبق إذا رده ومنه سلب المقتول من غير تعيين، فإن ذلك معين في حد ذاته في الجملة ولا يفضي إلى التنازع، بخلاف العرض ثوبا ودابة ونحو ذلك مما ذلك مما يختلف كثيرا أو تتفاوت أفراده قيمة تفاوتا عظيما يؤدي إلى التنازع والتجاذب.
وإذا تقرر ذلك فالمعتبر من العلم بالعوض عند مثبتيه ما يعتبر في عوض الإجارة، فيكفي فيه المشاهدة عن اعتباره بأحد الأمور الثلاثة حيث يكتفى بها في الإجارة بطريق أولى، وحيث كان العوض مجهولا ولم نقل بصحته فسد العقد ويثبت بالعمل أجرة المثل.
ومثله ما لو قال: إن فعلت كذا فأنا أرضيك أو أعطيك شيئا ونحو ذلك من العبارات المشتملة على جهالة العوض. وربما قيل: بعدم فساد العقد بذلك وأن أجرة المثل حينئذ هو العوض اللازم للعوض بواسطة الجعالة، وهو بعيد.
وقد اختلف الأصحاب في ما يعتبر من الشرائط في الحامل من مراعاة البلوغ والكمال وعدمه، والمقطوع به ما مر وإن كان المشهور عدم اشتراط الكمال بالبلوغ والتمييز.
فلو رد الصبي المميز ولو بدون إذن وليه والمحجور عليه استحق الجعل