وجهان، وتظهر فائدة الوجوب في جواز الشروع في اخراجها حينئذ وفيما لو مات قبل الوقتين.
الخامسة: لو حلف أن لا ماء يشرب من الفرات حصل الحنث بما يصدق عليه الشرب من مائها كرع منها أو شرب بيده أو بإناء).
وربما قيل: إنه لا يحنث إلا بالكرع منها، وهو مذهب الشيخ في المبسوط وابن إدريس في السرائر. وما قلناه هو مذهب الأكثر، وعليه الشيخ في الخلاف، وإليه مال الحقق في الشرايع لدلالة العرف على صدق الشرب منه بذلك.
واللغة لا تنافي ذلك لأن (من) هنا للابتداء، إذ المراد كون الفرات مبدأ للشرب سواء كان بواسطة أم بغيرها، ويؤيده قوله تعالى (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني) إلى قوله (من اغترف غرفة بيده) (1) والأصل في الاستثناء الاتصال.
وحجة الثاني أن الشرب منها بغير واسطة كالكرع هو الحقيقة وما عداه مجاز، وعلامة الحقيقة أنه لو حلف على الشرب من ماء الإداوة لم يحنث بصب مائها في إناه غيره أو في يده ثم يشربه قطعا، ولو كان حقيقة في الأعم لزم الحنث هنا أيضا. والأقوى الأول لدلالة العرف عليه، والشرب من الشئ بالواسطة أو غيرها غير منضبط، لأنه لو اعتبر عدم الواسطة لزم عدم الحنث بالكرع أيضا لأن أخذه بالفم سابق على الشرب، بدليل أنه لو مجه فيه بعد أخذه لم يكن شاربا، ولو صب في القدح وشرب لا يصدق عليه أنه شرب من الكوز، فدل ذلك على عدم مناط الواسطة، وإنما المحكم في مثله العرف وهو دال على الشرب من النهر على ما يعم الواسطة، وفي الكوز على ما كان بغير واسطة، وعلى أن توسط الفم غير مانع مطلقا.