ويستغفر الله ويتوب إليه). وهذا العهد قد تعلق بالواجب لأن عدم ارتكاب المحرم من الواجبات.
وقد جاء مثله في النذر، ففي صحيحة جميل بن دراج (1) عن عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: من جعل الله عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه قال: لا ولا أعلمه إلا قال: فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا) وصورته أن يقول: عاهدت الله أو علي عهد الله أنه متى كان كذا فعلي كذا.
وأما كفارته فستأتي في كتاب الكفارات إن شاء الله تعالى عن قريب، وهو كالنذر واليمين لا ينعقد إلا بالنطق عليه. وقد اختلف في انعقاد هما بالضمير من دون لفظ، فذهب الشيخان والقاضي وابن حمزة إلى الانعقاد، نظرا إلى أنها عبادة، والأصل في العبادات الاعتقاد والضمير، ولعموم قوله صلى الله وعليه وآله (2) (إنما الأعمال بالنيات) وقد ثبت (إنما) للحصر و (الباء) للسببية وذلك موجب لحصر العمل في النية، فلا يتوقف على غيرها، وإلا لزم جعل ما ليس بسبب سببا، ولأن الغرض من اللفظ إعلام الغير بما في الضمير، والاستدلال به على القصد، والمتعبد له عالم بالسرائر ومستشرف على ما في الضمائر ولقوله تعالى (إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما) (1).
وفي هذه الأدلة نظر لأن العبادة ليست بمنحصرة في الاعتقاديات، بل منها ما هو لفظ محض لا يجزي عنه الاعتقاد كالقراءة والأذكار، ومنها ما هو بدني لا يجزي عنه الاعتقاد كالركوع والسجود وأفعال الحج، ومنها مالي لا يجزي عنه غيره، فكونهما عبادة لا يدل على الاكتفاء فيهما بالاعتقاد وإن كان معتبرا فيهما في جملة من جهة النية، وهذا أمر آخر، والخصم يسلمه هنا، وكون لأعمال بالنيات لا يدل على حصرها فيها أيضا لوجود الأعمال بدونها،