الخامسة عشرة: لو قال: له علي درهم درهم لزمه واحد لا غير لاحتمال إرادة التأكيد لتكريره ولأن الأصل براءة الذمة، وكذا لو كرره مائة مرة فما زاد، وهذا مبني على العرف العام.
أما لو رجعا إلى القواعد النحوية وجعلنا مراتب التأكيد للفظ لا تزيد على الثلاث لم يكن كليا، لكن قد سبق أن الأقارير مبنية على العرف العام لأن مراعاة تلك القواعد الخاصة لا تلاحظ حتى ممن كان أهلا لها كما عرفته مما سبق، بخلاف ما لو قال: درهم ودرهم أو ثم درهم فإنه يلزمه اثنان، لأن العرف العام والخاص يحكم حالة العطف بالمغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، ولا يمكن الاتحاد بينهما إلا بالقرينة وهو العطف على جهة التفسير عند مثبته، وإلا فالأصل أن يعطف الشئ على نفسه.
ولو عطف بالفاء بأن قال: درهم فدرهم لزمه درهم واحد لأن الفاء لا تتمحض للعطف بل هي محتملة لغيره وإن يلزمه درهمان على تقدير العطف. فإذا فسره بما ينفيه بأن قال: أردت فدرهم لازم أو فدرهم أجود منه قبل لأن الأصل براءة الذمة.
واستشكله جماعة منهم المحقق الثاني في شرح القواعد، لأن الفاء هنا ظاهر ها العطف وغيره. يحتاج إلى تفسير، ولو لم يكن كذلك لجرى كما في الواو باحتمال الاستباق وواو الحال على حذف الخبر، والذي لا يصار إليه إلا بدليل كيف يجعل من الاحتمالات التي يقبل التفسير بها فيسري ذلك في جميع حروف العطف؟ وهو كلام وجيه لو قال: درهم ودرهمان لزمه ثلاثة لامتناع التأكيد اللفظي هنا لوجهين:
أحدهما العطف: والثاني اختلافهما إفرادا وتثنية، بخلاف قوله: وكذا درهم ودرهم ودرهم فإنه وإن كان ظاهره العطف إلا أنه يحتمل أن يكون الثالث تأكيدا للثاني لوجود الواو في كل منهما فصح التأكيد اللفظي لتطابق اللفظين،