في الهدي من السن والسلامة من العيوب وغيرها.
والمشهور بين أصحابنا في المسألة أن من قال بوجوب الهدي من النعم اعتبر فيه شروط الأضحية وجعله مقابلا للقول الثاني لا غير.
(والقول الثاني) في المسألة هو الاجتزاء بكل منحة حتى الدجاجة والبيضة والتمرة وغيرها مما يسمى مالا، لأن اسم الهدي يقع على الجميع لغة وشرعا، يقال: أهدى بيضة وتمرة، وقال تعالى (يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة) وقد يحكمان بقيمة عصفور أو جرادة، قال صلى الله وعليه وآله كما روته العامة (2) في صحاحهم في حديث الذهاب إلى الجمعة (ومن راحت السادسة الخامسة فكأنها أهدى بيضة) وهذا اختيار شيخ المبسوط مع أنه في الخلاف قد نقل الاجماع والوفاق على القول الأول.
وهذا الاستدلال ضعيف جدا لأن الآية مقيد بكونه من النعم فلا إطلاق ولا تعميم فيها. وأما الحديث فمع الاغماض عن كونه عاميا فهو من باب المجاز بقرينة ذكر المهدى وهو البيضة. ثم على القول الأول فمحله مكة كما مر، وعلى الثاني وجهان: (أحدهما) أنه كذلك نظرا إلى اطلاق اسم الهدي. (والثاني) جوازه في أي موضع شاء للأصل ولكونه بمنزلة المنحة والهدية، ولهذا لم ينحصر في النعم فيصح في غير مكة.
رابعها: أن يطلق في الهدي ويعين المكان، والكلام هنا في الهدي كما سبق، وأما المكان فإن جعله مكة أو منى فلا إشكال في انعقاده وتعينه وإن عينه غيرهما فسيأتي الخلاف فيه.
الخامسة عشرة: لو نذر أن يهدي إلى بيت الله الحرام دون النعم كان موضع خلاف في الانعقاد وعدمه، فالقدماء كابن الجنيد وابن أبي عقيل والقاضي ابن البراج على عدم الانعقاد لأنه لم يتعبد بالاهداء إلا بالنعم، فيكون نذرا