الأعلى لأن نسبة ذي المزية إلى الأعلى كنسبة ما لا مزية فيه إليه، والتقدير إنا نجوز العدول عما لا مزية فيه، فكذا هنا.
وربما أجيب عن الأول بأنه إن أراد بالأمر بايقاعها فيه مطلقا فهو عين المتنازع، وإن أراد في حالة ما لم يدل على مطلوبهم وعن الثاني بأنا نمنع اتحاد النسبتين لأنه في المتنازع ينعقد في الجملة، وما خلا عن المزية لا انعقاد فيه عندهم فيه أصلا. والحق أن النذر قد تعلق بالصلاة مشخصة بالكون المخصوص مستجمعا لشرائطه، فلا وجه للعدول عن مقتضاه.
ودعوى (أن المكان على هذا الوجه كالمباح فلا ينعقد نذره) قد بينا لك فيما سبق فساده، وذلك لأن المنذور ليس هو المكان وإنما هو العبادة لكنها مشخصة به، فهي بدونه غير منذورة بل ولا مقصودة بالكلية، فظهر ترجيح عدم إجزاء فعلها في غيره مطلقا.
الثامنة: لو نذر الحج ماشيا له لزمه، ويتعين من بلد النذر وذلك لأن الحج والعمرة من أكبر الطاعات وأشرف العبادات، لكنهما إدا قيد نذرهما بالمشي فهل يلزمه المشي أم له أن يحج ويعتمر راكبا؟ فيه وجهان مبنيان على أن الحج ماشيا أفضل مطلقا أم الركوب أفضل ولو على بعض الوجوه؟ فعلى القول الأول ينعقد نذر المشئ لكونه الفرد الراجح كما قطع به المحقق وجماعة في كتاب النذر مع أنه قد اختار في الحج أن المشي أفضل لمن لم يضعفه للنهي عن العبادة، وإلا كان الركوب أفضل. ويمكن على هذا بتعيين المنذور وإن كان مرجوحا لما تقرر فيما سبق في أن المنذور هو الحج على الصفة المخصوصة، إذ لا ريب في كونه طاعة راجحة في الجملة وإن كان غيرها أفضل منها.
وقيل: لا يلزمه المشي إلا إذا ترجح على الركوب، لأنه حينئذ قد يكون التزم في العبادة الملتزمة زيادة فضلية كما لو نذر الصوم متتابعا، ومع عدم ريحانه