الثانية: إن من شرائط صحة الاقرار ولزومه عدم صدور التكذيب من المقر له، فلو قال: هذه الدار لزيد فكذبه لم يسلم إليه على طريق اللزوم.
وإن كان يصح التسليم إليه لو صدقه بعد الانكار فيجوز تسليمها إليه في حال الانكار أيضا لأنها ماله بزعم المقر، فله التسليم على مقتضى إقراره.
ويمكن أن يكون المراد عدم جواز التسليم إليه لانتفاء المقر عنه بتكذيبه فكيف يجوز تسليم ما ليس له إليه؟ ويمكن أن يبنى ذلك على أن المقر هل هو مؤاخذ بإقراره هذا أم لا؟ فعلى الأول: لا يجوز له التسليم إذ هو بالنسبة إليه ليس هو مال المقر له. وعلى الثاني: يجوز، نعم ليس له الالزام بذلك.
ثم إنه يتخير بين أن يترك في يد المقر أو القاضي، وذلك لأن هذا مال الغائب لانتفائه عن المقر والمقر له، والقاضي ولي كل غائب وهو المتولي لحفظ المال الضائع والمجهول المالك، وهذا في حكم الضائع والمجهول. نعم لو رأى في إبقائه في يد المقر صلاحا أبقاه في يده.
ووقع في بعض شروح الارشاد أنها تبقى في يد المقر إن قبلنا رجوعه لأصالة بقاء يده ولا مكان أن يدعيها فثبت له.
وفيه نظر، إذ الأصل يرجع إليه في استصاب يده وإمكان دعواه ملكيتها بعد ذلك، وقبولها منه لا يقتضي استحقاق الإدامة الآن إذ لا تلازم بينهما.
قال: وإن لم نقل به ففي انتزاعها منه وجهان، فإن رجع المقر له عن الانكار سلم إليه المقر به لاستحقاقه إياه، وذلك لزوال حكم الانكار بالتصديق فيبقى الاقرار سليما عن المعارض، ولأنه مال لا يدعيه غيره، وصاحب اليد مقر له به، فكان له كما لو وجد كيس بين يد جماعة لا يعرف مالكه فادعاه البعض فإنه يحكم له به كما دل عليه الخبر المعتبر، لأن هذا المال لا منازعة فيه.
ولو رجع المقر عن إقراره في حال إمكانها إنكار المقر له فأقر بها وادعى