وأما صرفه بعد بيعه إذا كان من غير النعم فهو ما اشتمل عليه صحيح علي ابن جعفر المتقدم. ووقع في رواية أخرى لعلي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام كما في تهذيب (1) (قال: سألته عن الرجل يقول وهو ينذر للكعبة بكذا وكذا ما عليه إذا كان يقدر على ما يهدي؟ قال: إن كان جعله نذرا ولا يملكه فلا شئ عليه، وإن كان مما يملكه غلام أو جارية أو شبهه باعه واشترى بثمنه طيبا يطيب به الكعبة). لكن في قوله (أو شبهه) يقيد زيادة على الثلاثة، وفي إخراجه الدابة من الحكم وحكمه على عدم لزوم شئ على تقديرها مخالفة للجميع، وفي طريقها محمد بن عبد الله بن مهران وهو ضعيف جدا، وبها احتج بعضهم للقول - المجهول قائله - وهو بيعه وصرفه في مصالح البيت، لكنها قاصرة عن دلالته من حيث تخصيصها الحكم بما ذكر فيها - أعني تطيب الكعبة به - كأنه لا ينطبق على أحد الأقوال فلا يعتمد عليها شئ من الاستدلال، ولو نذر نحر الهدي بمكة فلا إشكال في وجوبه وتعينه.
واختلف في وجوب التفرقة بها فقال الشيخ - رحمه الله - في المبسوط وأكثر المتأخرين: نعم لأن إطلاق الهدي يقتضي ذلك، قال الله تعالى (هديا بالغ الكعبة) ولأن المقصود من الذبح والنحر ذلك التفريق وإلا لم يصح النذر إذ لا فائدة ولا أدب في جعل الحرم مجزرة دون الصدقة فيه على مساكينه.
وقيل: يقتصر على الذبح أو النحر وهو المنذور، وهو اختيار العلامة في المختلف، والأصل براءة الذمة من وجوب شئ آخر غير ما نذره ويمنع من كون النحر والذبح نفسه ليس بطاعة في ذلك المكان، ولهذا لا يجزي من نذر الهدي أن يتصدق به حيا كالهدي الواجب في الحج بالأصل لأن في ذبحه قربة وله نية برأسه.