المدعي وغرم، فإن للآخر بعد أن أقر للأول جعلت العين للأول وغرم للثاني إلا أن يصدق الأول لأنه حال بين الثاني والمقر له بإقراره للأول فكان عليه الغرم.
وهل له إحلاف الأول؟ إشكال قد نشأ من أنه مكذب لنفسه في دعواه أنها بإقراره بها للأول فلا يسمع دعواه، ولأنه لو نكل امتنع الرد إذ لا يحلف لاثبات مال غيره وكذلك القضاء بنكوله، ومن عموم قوله عليه السلام (واليمين على من نكل) ولأنه يدفع لها الغرم عن نفسه فليست بحق الغير بل لدفع الغرم، ولأنه لو أقر ولنفع إقراره وكل من أقر لينفع إقراره يحلف مع الانكار، والثاني قوي، وإكذاب نفسه مدفوع كما ذكرنا تأويلا وادعى أمرا ممكنا في العادة كالغلط والنسيان.
وعلى هذا فيحلفه علي نفي العلم بالغلط لا على البت لأنه ربما لم يعلم أنه يستحقها إلا من إقرار ذي اليد لدفع احتمال الثاني لأنه مالك بحسب ظاهر الحال، وقد ادعى عليه فيما هو ملكه فيحلف على البت.
فلو أقر لزيد فشهد اثنان لسبق إقراره لعمرو فكذبه زيد فلا غرم، وذلك لأن إقرار ذي اليد بشئ لزيد مثلا هو السابق، وشهادة الاثنين بسبق إقراره لعمرو أقوى. والمعتبر كونها لعمرو لا محالة لثبوت سبق الاقرار بالبينة.
وهل يغرم المقر لزيد قيمة المقر به؟ قال العلامة وجماعة: لا غرم هنا لاعتراف زيد بما ينفي الغرم وهو الاقرار لعمرو، وفي بعض الحواشي المنسوبة لشيخنا الشهيد الأول أن ذلك مشكل لاستناد البينة إلى الاقرار السابق الذي هو سبب الحيلولة، وهو مدفوع باعتراف المستحق بانتفاء السبب فكيف يثبت له ما يترتب عليه!
نعم قد يمكن أن يقال: إن سبق إقرار لعمرو وقد ثبت شرعا بالبينة وهو يقتضي استحقاق زيد تغريم المقر فهو في حكم الاقرار لزيد باستحقاق التغريم وقد أنكره زيد فكان ذلك جاريا مجرى تكذيب المقر له الاقرار، فمتى رجع