لأنه اشتراه زيد فصار كما لو اشتراه زيد مع غيره بتقرير ما تقدم هناك.
(وثالثها) أنه إذا أكل من الحنطة قليلا يمكن أن يكون مما اشتراه الآخر كالحبة والحبتين من الحنطة لم يحنث، وإن كان قد أكل قدرا صالحا كالكف والكفين حنث لأنه نتحقق في العادة أن فيه ما اشتراه زيد وإن لم يتعين لنا.
(ورابعها) التفصيل بوجه آخر، وهو أنه إن كان مايعا كالعسل واللبن أو ما يشبه الممتزج كالدقيق حصل له الحنث بقليله وكثيره لشدة الامتزاج والاختلاط في أجزائها بعضها ببعض، فأي شئ أكله تحقق أن فيه أجزاء مما اشتراه زيد، وإن كان متميزا كالرطب والتمر والخبز لم يحنث حتى يأكل أكثر مما اشتراه عمرو لقيام الاحتمال في المتميز وانتفائه عن الممتزج، وهذا ما اختاره العلامة في المختلف.
(وخامسها) حصول الحنث بالأكل منه مطلقا، وهو اختيار القاضي ابن البراح، واحتج عليه بما هو أضعف من بيت العنكبوت لأن الحنث منوط بالقطع بأنه أكل ما اشتراه زيد الذي هو متعلق اليمين لا بعدم القطع بأنه لم يأكل منه.
الثالثة: لو حلف لا يأكل تمرة معينة فاختلطت بتمر لم يحنث إلا بأكله أجمع أو يتيقن أكلها، ولا يكفي في ذلك تلف تمرة منه فلم يحنث بأكل الباقي مع الشك في المحلوف عليه، وذلك واضح لأن تيقن الحنث بأكل الجميع لا إشكال فيه. لكن قد يعلم بدون ذلك كما لو كانت من جنس مخصوص فوقعت في أجناس مختلفة فأكل جميع أجناس المحلوف عليه فإنه يحنث وإن كان قد بقي غيره من الأجناس لأن المعتبر القطع بكونه أكل المحلوف عليه وذلك حاصل، ومتى أبقي من المجموع أو من الجنس بقدر العدد المحلوف عليه لم يحصل الحنث، والفرق بين هذا وبين ما لو اشتبهت أجنبية بزوجاته أن الأصل في النكاح التحريم ما عدا الحليلة، فما لم يعلم بعينها يحرم النكاح عملا بهذا الأصل حتى يثبت المبيح، بخلاف التمرة المحلوف عليها فإن أمرها على العكس من ذلك، حيث إن الأصل