وخالف الأكثر فذهبوا إلى عدم الاجزاء لأنهما سببان مختلفان، والأصل عدم التداخل، فلا يجزي أحدهما عن الآخر. والمحقق في الشرائع قد تردد في الحكم لصحة الرواية ومخالفتها للقواعد الشرعية، فحملها علامة المختلف فيه على ما إذا عجز عن أداء ما نذره واستمر عجزه.
وفيه نظر، لأنه مع غيره عن المنذور واستمرار عجزه يسقط النذر، وحملت أيضا على ما كان المنذور الحج مطلقا عنه أو عن غيره بمعنى أنه قصد ذلك، وهذا وإن كان أولى لكن ظاهر الرواية يأباه، لأنه على تقدير فصده ذلك لا يتقيد إجزاء حج النيابة عن النذر بعدم قدرته على مال بحج به عن النذر الذي هو مفروض الرواية، إلا أن يكون الفرض بيان الواقع فلا ينافي غيره.
الرابعة عشرة: إذا نذر أن يهدي بدنة وأطلق انصرف ذلك الاطلاق إلى الكعبة لأن الاستعمال الظاهر في عرف الشرع، ولو نوى منى ألزم. ولو نذر الهدي إلى غير الموضعين لم ينعقد لأنه ليس بطاعة وكما ينصرف هذا الاطلاق بالنسبة إلى الموضعين كذلك ينصرف الاطلاق بالنسبة إلى المهدى إلى أحد النعم، وله أن يهدي أقل ما يسمى من النعم هديا. وقيل: كان له أن يهدي ولو بيضة. وقيل:
يلزمه ما يلزمه في الأضحية، والأول هو المشهور وهو الأشبه بالمذهب والأخبار.
وتحرير هذه الصور والمسائل المذكورة هو أنه إذا نذر أن يهدي فإما أن يعين الهدي كقوله: بدنة أو بقرة أو نحو ذلك أو يطلق، وعلى التقديرين إما أن يعين المكان المهدي فيه أو يطلق، فالصور أربع:
الأولى: أن ينذر هديا معينا كالبدنة ثم يعين مكانها، فإن كان المعين مكة ومنى تعين إجماعا لأنها محل الهدي شرعا، وإن كان قد عين غير هما ففيه خلاف وسيأتي بيانه.
وثانيها: أن يعين الهدي ولا يعين المكان، فينصرف ذلك الاطلاق إلى مكة