الحادية عشرة: لو نذر المشي إلى بيت الله الحرام انصرف إلى بيت الله بمكة كما دلت عليه تلك النصوص المستفيضة. وكذا لو قال: إلى بيت الله بدون الوصف كما هو مذهب المشهور لأن إطلاقه عليه أغلب، بل هو المتبادر من قولهم:
فلان زار بيت الله وقاصد إلى بيت الله وشبه ذلك. والقول الثاني البطلان، وهو قول الشيخ - رحمه الله - في الخلاف لاشتراك جميع المساجد في كونها بيت الله ولم يعين أحدها فيبطل ويضعف بمنع اشتراكهما في ذلك عند الاطلاق، ولو سلم يجب أن لا يبطل بل يجب عليه الاتيان أي مسجد شاء، كما لو نذر أن يأتي مسجدا وحيث ينعقد النذر يجب عليه ومع الوصول إلى ميقات الحج له والعمرة كما في كل داخل عدا ما استثني كما تقدم في كتاب الحج فالمتكررين مثل الحطاب والحشاش والجلبة والداخل لقتال مشروع، فإذا كان أحدهم لم يجب عليه أحدهما، وتجب عليه صلاة ركعتين في المسجد على الأقوى لأن قصد المسجد في نفسه عبادة ولأنه أحد المساجد التي تشد إليه الرحال بمجرد القصد إليه، ولاطلاق جملة من الأدلة تقدمت في أحكام المساجد من النبوية وغيرها حيث قالوا عليهم السلام (1) (من مشى إلى مسجد لم يضع رجله على رطب ولا يابس إلا سبحت إلى الأرضين السابعة).
إلى غير ذلك من الأخبار الحادثة على الاختلاف إلى المساجد.
أما لو قال في نذره: فلله علي أن أمشي إلى بيت الله لا حاجا ولا معتمرا، ففيه خلاف، فقيل: ينعقد بصدر الكلام ويلغى الضميمة. وقال الشيخ: يسقط النذر.
واستشكل الحكم المحقق في شرائعه، ووجه الاشكال ناش عن كون قصد بيت الله طاعة فينعقد، ومن أن قوله (أمشي بيت الله الحرام) يقتضي كونه حاجا، فقوله بعده (لا حاجا ولا معتمرا) يقع لغوا بوجوب أحدهما من أول الكلام، فلا يفيده الرجوع عنه بعد تمام النذر.