واستندوا في ذلك إلى صحيحة محمد بن يحيى (1) (قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة إذ دخل عليه رجل من موالي أبي جعفر عليه السلام ثم جلس وبكى ثم قال له:
جعلت فداك أني كنت أعطيت الله عهدا إن عافاني الله من شئ كنت أخافه على نفسي أن أتصدق بجميع ما أملك، وأن الله قد عافاني منه وقد حولت عيالي من منزلي إلى قبة في خراب الأنصار وقد حملت كلما أملك، وها أنا بائع داري وجميع ما أملك وأتصدق به، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: انطلق منزلك وجميع متاعك وما تملك بقيمة عادلة واعرف ذلك، ثم اعمد إلى صحيفة بيضاء واكتب فيها جملة ما قومته، ثم انطلق إلى أوثق الناس في نفسك وادفع إليه الصحيفة وأوصيه ومره إن حدث بك حادث الموت أن يبيع منزلك وجميع ما تملك فيتصدق به عنك، ثم ارجع إلى منزلك وتم في منزلك على ما كنت فيه، وكل أنت وعيالك مثل ما كنت تأكل ثم انظر كل شئ تتصدق به فيما يستقبل من صدقة أو صلة قرابة ومن وجوه البر فاكتب ذلك كله واحصه، فإذا كان رأس السنة فانطلق إلى الرجل الذي وصيت إليه فمره أن يخرج الصحيفة ثم ليكتب جملة ما تصدقت به وأخرجت من صلة قرابة أو بر في تلك السنة، ثم افعل ذلك في كل سنة حتى تفي لله بجميع ما نذرت فيه ويبقى لك منزلك إن شاء الله تعالى، فقال الرجل: فرجت عني يا بن رسول الله جعلني الله فداك).
ووجه التقريب في هذا الخبر والاستدلال مع ما ترى من ظاهره من الحكم بحصول الضرر على الناذر بالصدقة بجميع ماله، ولم يحكم عليه ببطلان النذر في شئ منه، إنما أمره بحيلة تدفع عنه الضرر بتقويمه على نفسه والصدقة به على التدريج. وهذا حكم لا ينطبق على قاعدة النذر لكنه لا سبيل إلى رده لصحة طريقة، وتلقى الأصحاب بالقبول، فلا تجب تلك الصدقة بما لا تضر به الصدقة عاجلا،