الثامنة: لو حلف أن لا يأكل شحما فهل يحنث بأكل شحم الطير أم لا لوقوع الخلاف في ظهوره في اسم اللحم أو الشحم؟ ففيه وجهان: من جهة أنه لحم سمين بكمال الامتزاج فكأنه جزء من اللحم، ومن إطلاق اسم الشحم عليه، ولهذا استثناه الله تعالى من الشحم بقوله (حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما) (1) والأصل في الاستثناء الاتصال كما تقرر في الاقرار وغيره لأن المنفصل مجاز لا يحمل عليه اللفظ عند الاطلاق بدون القرينة.
ويرد عليه أن القرينة هنا موجودة لأنه عطف عليه الحوايا أو مختلط بعظم وهو لحم اتفاقا، فيلزم أن يكون الاستثناء متصلا أو منفصلا، فحمله في الجميع على الانفصال أولى.
وأجيب بأن العطف في قوة تكرار العامل، فيكون الاستثناء في حكم المتعدد تصير استثناءات متعددة لا يضر اختلافها بالاتصال والانفصال. وقد ادعى ابن إدريس في سرائره إجماع أهل اللغة على تسميته شرعا. وعلى كل تقدير منحصر في أحد الصنفين: اللحم والشحم، فإذا حلف على أكل اللحم ولم نقل بكون السمين شحما دخل في اللحم، وإلا ففي الشحم.
التاسعة: لو حلف: لا ذقت شيئا فمضغه ولفظه هل يحنث أم لا؟ فيه قولان، أصحهما الحنث لتحقق الذوق بذلك، لأنه حقيقة في إدراك طعم الشئ في الفم بالقوة المودعة في اللسان المنبثة في العصب المفروش وهي كقوة المس في توقفها على المماسة باللسان، ومن ثم جاز للصائم أن يذوق الطعام من غير أن يفطر به، وفيه وجه ضعيف جدا لأنه لا يحنث بذلك لأنه لا يفطر الصائم به، ولا يخفى عدم الملازمة.
العاشرة: لو حلف أن لا يأكل سمنا فأطلق فأكله مع الخبز حنث، وكذا