والشرائط تحتاج إلى زيادة بحث وبسط في الكلام وبيان المراد منها.
فعدم تكذيب الجنس عبارة عن أن يكون ما يدعيه ممكنا، فلو أقر ببنوة من هو أكبر سنا أو مساو أو أصغر بحيث تقتضي العادة بعدم تولده عنه لاستحالته عقلا وشرعا وعادة لم يقبل قطعا.
ومعنى الثاني: أن لا يكذبه الشرع، فلو أقر ببنوة مشهور النسب لغيره لم يعقد بإقراره لأن النسب الثابت شرعا لا ينتقل ولا يحول لو صدقه الولد أو من انتسابه إليه معلوم لم يلتفت إليه.
ولو نفى نسب ولد باللعان واستلحقه آخر ففي صحة الاستلحاق إشكال ينشأ بأنه أقر بنسب لا منازع له فيه فيلحق به، ومن أن فيه شبهة الملاعنة، لأنه إنما نفاه اللعان عن الالحاق به، فلا يصح الالحاق بغيره بمجرد الاستلحاق، والثاني هو الأقوى. ولهذا لو رجع عن الملاعنة لحقه حكم النسب وورث الأب وإن لم يرثه الأب.
ومعنى الثالث: هو أن لا يكذبه المقر به وفي تذكرة العلامة ما هو أوضح من هذه العبارة حيث جعل الشرط أن يصدقه المقر به، إن كان من أهل التصديق بأن يكون بالغا عاقلا، وهذا أولى من قول المشهور لأن عدم التكذيب غير كاف في البالغ.
وإذا عرفت هذا فأعلم أنه إذا أقر ببنوة عاقل بالغ لم يثبت ما لم يصدق سواء كذبه أو سكت إلا أن يقيم عليه بينة، ومع عدمها يحلف المنكر فيسقط الدعوى فإن نكل وحلف المدعي ثبت النسب وكذا لو قال شخص لآخر: أنت أبي فإن القول قول المنكر بيمينه.
ومعنى الرابع: أن لا ينازعه في الدعوى من يمكن إلحاقه به، فإن الولد حينئذ لا يلحق بالمقر ولا بالآخر إلا بالبينة أو القرعة، ولو كان الولد بالغا رشيدا اعتبر تصديقه فيثبت نسب من صدقه، ولا اعتبار بتصديق الأم ولا بتكذيبها.
ويستفاد من هذه الفتوى في الشرائط المذكورة أن الاقرار بالولد الصغير مع اجتماعها يلزمه ذلك الاقرار، فلو أنكره بعد ذلك لم يلتفت إلى إنكاره ولا