بل بالنسبة إلى المشي على هذا القول، وإلا فهو عبادة لما فيه من تحمل المؤونة والاتفاق في سبيل الله وإراحة البدن - إذ الأغلب فمن يتعقب (1) الشؤم وسوء الخلق - ومثل هذا أمر مطلوب للشارع وإن كان غيره أرجح منه، إذ لا يتوقف انعقاد النذر على كون المنذور به أعلى مراتب العبادات.
وأيضا فقد تقدم في كتاب الحج عن جماعة من المعتد بكلامهم ودلت عليه أخبار معتبرة أن الركوب قد بلغ من المزية إلى أن قالوا بأفضليته، فلا أقل من أن يكون عبادة في الجملة، وهذا أقوى، وحينئذ فيتعين بالنذر فيلزم بمخالفته الكفارة إذا كان معينا، والإعادة في المطلق على نحو ما تقرر في نذر المسمى بعينه.
وإذا نذر المشي وكان في السفينة والمعبر فالشيخ وجماعة منهم المحقق في كتاب الحج إلى أنه يقف يدل المشي استنادا إلى رواية السكوني (2) (أن عليا عليه السلام سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر بالمعبر، قال: ليقم حتى يجوزه).
وعلل مع ذلك بأن الواجب على تقدير المشي القيام مع حركة الرجلين فإذا انتفى الثاني لعدم الفائدة بقي الأول. وضعف بضعف الرواية وحمل المشي على المعهود وهو منتف في موضع العبور عادة، وكما سقط الأمر الثاني لانتفاء الفائدة فكذلك الأول، فعدم الوجوب أصح، وحمل الخبر المذكور على الاستحباب خروجا من خلاف هؤلاء الجماعة وللتساهل في أدلة السنن وإن كان فيه ما فيه. ويسقط المشي عن ناذره بعد طواف النساء كما تقدم لأنه يتم به التحليل من الحج، وقد مضى البحث فيه مقررا بما لا مزيد عليه.
أما لو كان النذر للعمرة وجب عليه المشي إلى آخر أفعالها اتفاقا، إذ ليس لها إلا محلل واحد وبه يتم بأفعالها.