والثاني: العدم، ذهب إليه المرتضى مدعيا عليه الاجماع أيضا لما ثبت عن تغلب أن النذر عند العرب وعد يشترط والشرع نزل بلسانهم، وأجيب بمنع الاجماع وقد عورض بمثله لما نقل عن غيره عن العرب من أنه وعد بغير شرط أيضا.
وبالجملة: فلا مستند للمرتضى في الحقيقة بل الأخبار التي قدمناها وغيرها أن من قال: لله علي فكفارة يمين.
المسألة الرابعة: لا بد أن يكون الشرط في النذر سائغا إن قصد الشكر والجزاء، والمراد بالسائغ ما قدمناه وهو الجائز بالمعنى الأعم، فيشتمل المباح والواجب والمندوب كقوله: إن صليت الفرض أو صمت شهر رمضان أو حججت أو صليت النافلة ونحو ذلك.
لكن يرد عليه حينئذ ما لو كان الشرط مكروها أو مباحا مرجوحا في الدنيا، فإن جعل الجزاء شكرا على فعله لا يصح، ولو أريد بالسائغ الجائز بالمعنى الأخص - وهو المباح - خرج منه ما إذا جمله مندوبا أو واجبا، ومع ذلك يخرج ما لو كان من فعل الله تعالى كقوله: إن رزقني الله وكذا أو عافاني من مرضي ونحو ذلك فإنه لا يوصف بالسائغ، فالأولى جعل المعتبر منه كونه صالحا لتعلق الشكر به إن جعل الجزاء شكرا، وكونه مرجوحا سواء بلغ حد المنع أم لا إن قصد الزجر فيشمل جميع أفراده، وأما الجزاء فيشترط كونه طاعة مطلقة كما تقدم تقريره في الأشهر.
الخامسة: أن المنذور به إذا كان مطلقا كمن نذر صوما مطلقا فأقله يوم وله الزيادة عليه تبرعا. وكذا لو نذر صدقة مطلقة اقتصر على أقل ما يتناوله الاسم وهو ما يتمول عادة. وإذا نذر حقيقة من الحقائق لزمه ما تصدق به تلك الحقيقة، وليس مختصا بما ذكر من الأمثلة وهو موضع وفاق.
وحمل عليه مرسلة الحسن بن الحسين اللؤلؤي (1) (قال: قلت لأبي عبد الله