الحكم الأول بالنسبة من جهة حصول الفسخ فيها من قبل المالك، فلا يضيع عمل العامل، بخلاف الثانية حيث لم يقع فيها فسخ خصوصا مع علم العامل بالحال، فإن علمه للمتخلف واقع بغير عوض مبذول من المالك في مقابلته لأن الجعالة لا تقابل بالأجزاء إلا فيما استثنيناه سابقا وهذا ليس منه.
ويمكن أن يوجه بأن عمل العامل بأمر من المالك بذلك العوض المعين فقد أتمه، ولا سبيل إلى وجوب الأول خاصة لتحقق الرجوع عنه، ولا إلى مجموع الثانية لأنه لم يعمل العمل بعد أمره به ولا سبيل إلى الرجوع إلى أجرة المثل لأن العوض معين، فلم يبق إلا الحكم بالتوزيع ولو كان التعيين في الثانية بالزمان والمكان.
كما إذا كان قد قال: من رد عبدي من الشام فله مائة ثم قال: من رده من بغداد فله دينار أو قال: من رده يوم الجمعة فله مائة ثم قال: من رده يوم السبت فله دينار ونحو ذلك فالظاهر عدم المنافاة، فيلزم ما عين لكل واحد من الوصفين لمن عمل فيه.
ومثله ما لو كان الأول مطلقا كأن يقول: من رده فله مائة والثاني مقيدا بزمان أو مكان، فإن كان عوض الأول أقل فلا تنافي بينهما لجواز اختصاص القيد بأمر اقتضاء الزيادة.
ومثله أيضا لو كان الجنس مختلفا وإن اتفق في المقدار وكان المقيد أنقص احتمل كونه رجوعا، لأنه إذا رده مع القيد فقد رده مطلقا، ولو استحق الزائد لذلك لزم أن يلغو القيد وأن يجمع بينهما بحمل المطلق على غير صورة المقيد وهو الأظهر، وإن كان في بعض صوره لا يخلو من نظر وإشكال لدلالة القرينة كما إذا كان المكان أو الزمان أقرب من المقيد.
وأطلق الأصحاب هنا كون الثانية رجوعا من غير تفصيل فيشمل جميع ذلك، لكنه محمول على حالتي الاطلاق فيهما معا، أما مع التقييد فلا بد من التفصيل.