من مكة وان خرجت نصف الليل فلا يضرك ان يصبح بغيرها قال وسألته عن رجل زار عشاء فلم يزل في طوافه ودعائه في والسعي بين الصفا والمروة حتى يطلع الفجر قال ليس عليه شئ كان في طاعة الله وما رواه الصدوق عن جعفر بن ناجية أنه قال إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل الا وهو بمنى وإذا خرج بعد نصف الليل فلا باس ان يصبح بغيرها وما رواه الكليني عن عبد الرحمن الجاري قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكة فقال لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة أو يهريق دما فان خرج من منى نصف الليل لم يضره شئ وما رواه الشيخ عن علي بن إبراهيم (ع) قال سألته عن رجل زار البيت فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتى أصبح قال عليه دم شاة وعن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الذلجة إلى مكة أيام منى وانا أريد ان أزور البيت قال لا حتى ينشق الفجر كراهيته ان يبيت الرجل بغير منى وينبغي التنبيه على أمور الأول ذكر بعض الأصحاب انه يجب في البيتوتة بمنى النية مقارنة لأول الليل بعد تحقق الغروب وقصد الفعل وهو المبيت تلك الليلة وتعيين الحج والوجه والقربة والاستدامة الحكمية والكلام في تحقق النية والقدر المعتبر منها قد ظهر من المباحث السابقة ويستفاد من هذا الكلام وجوب البيتوتة من أول دخول البيت وكان الحجة عليه الأخبار الدالة على المنع من البيتوتة في غيرها الا ما يستثنى والبيتوتة تصدق بمسمى الكون في الليل قال في القاموس ومن أدركه الليل فقد بات وفى الصحاح بات يفعل كذا إذا فعله ليلا كما يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارا الثاني يستفاد من مفهوم صحيحة محمد بن مسلم وصحيحة جميل ان من خرج من منى بعد خروج وغروب الشمس لم يجب عليه الاصباح بها والجمع بين الاخبار يقتضى ان يقال المفهوم غير معتبر هيهنا بل تقييد الحكم في الخبرين بما قبل غروب الشمس انما هو مبنى على المتعارف حيث يخرجون في اليوم للطواف الثالث المستفاد من الصحيحتين المذكورتين وصحيحة عيص ان من خرج إلى مكة قبل غروب الشمس يكفيه العود بمنى بحيث يصبح فيها والمستفاد من صحيحة معوية بن عمار وحسنته ان من خرج من منى أول الليل عليه ان ينتصف الليل فيها ولا يمكن الجمع بالفرق بين من خرج قبل غروب الشمس كما في الصحيحتين وبين من خرج أول الليل كما في روايتي ابن عمار لان هذا الفرق مع أن الظاهر أنه لم يقل به أحد لا يجرى نظرا إلى صحيحة عيص فيمكن الجمع بين الاخبار بحمل الأخيرتين على من لم يشتغل بالنسك وما يعارضها على من كان مشتغلا بالعبادة فأن المشتغل بالعبادة يستحب له ان يصبح بمنى كما دلت صحيحة صفوان عليه ويشكل هذا نظرا إلى أن حمل الروايتين على غير المشتغل بالنسك يقتضى جواز توقفه في غير منى إذا اتاها قبل نصف الليل وهو مشكل نظرا إلى ما دل على المنع من البيتوتة في غيرها بناء على أن البيتوتة يصدق بمطلق الكون في الليل ويبقى في المقام اشكال اخر وهو انه يستفاد من غير واحد من الاخبار انه يكفي الخروج من مكة بعد الفراغ من الزيارة ولا يجب اتيان منى وهو ينافي المنع من البيتوتة في غيرها فما يدل على ذلك صحيحة معوية بن عمار وحسنته المذكورتان وما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل في الصحيح عن أبي الحسن (ع) في الرجل يزور فينام دون منى فقال إذا جاز عقبة المدينين فلا باس ان ينام ورواه الكليني مرسلا وعن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من زار فنام في الطريق فان بات بمكة فعليه دم وإن كان قد خرج منها فليس عليه شئ وان أصبح دون منى وما رواه الصدوق عن هشام بن ابن الحكم في الصحيح والكليني عنه في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاز بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل ان يأتي منى فلا شئ عليه وما رواه الكليني عن جميل بن دراج في الحسن عن بعض أصحابنا في رجل زار البيت فنام في الطريق قال إن بات بمكة فعليه دم وإن كان قد خرج منها فليس عليه شئ و لو أصبح دون منى الرابع ذكر الشيخ وكثير من الأصحاب انه رخص للدعاة المبيت في منازلهم وترك المبيت بمنى ما لم يغرب الشمس عليهم بمنى وذكر في المنتهى انه لا يعلم خلافا في الترخص ونقل في كره الاجماع عليه وكذا أهل سقاية العباس وان غربت الشمس عليهم بمنى ومن اضطر إلى الخروج من منى لخوف على النفس أو المال المضر فوته أو لتمريض مريض أو نحو ذلك ويظهر من المنتهى الاتفاق عليه واستقرب في كره ان رخصته السقاية لا يختص بالعباسية {ويجوز النفر يوم الثاني عشر بعد الزوال لمن اتقى النساء والصيد في} احرامه وهذا الحكم لا أعرف فيه خلافا بين الأصحاب وذكر في المنتهى انه مجمع عليه بين العلماء كافة والأصل فيه قوله (تع) واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى وهيهنا سؤال وهو ان المتأخر قد استوفى ما عليه من العمل فلا يكون مظنه؟
لتعلق الاثم به فكيف ورد في حقة فلا اثم عليه وأجيب عنها بوجوه منها ان الرخصة قد يكون عزيمة كما في القصر فلمكان هذا الاحتمال رفع الخرج في الاستعجال والتأخر دلالة على التخيير بين الامرين ومنها ان أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يزعم أن المتأخر اثم ومنهم من يزعم أن المتقدم اثم فرد الله (تع) على الفريقين ومنها ان نفى الاثم عن المتأخر ناظر إلى من زاد على مقام ثلاثة أيام فكأنه قيل من نقص عن الثلاثة فلا اثم عليه ومن زاد عليها أو نفر مع الناس فلا اثم عليه ومنها انه من باب رعاية المقابلة والمشاكلة مثل جزاء سيئة سيئة مثلها بل هيهنا أولي ومنها ان المراد دفع التوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهم ثبوت الاثم للمتأخر وقد أشار إليه الصادق (ع) في صحيحة أبى أيوب الآتية ومنها ان معناه رجع مغفورا لاذنب له عليه تقدم أو تأخر ويدل عليه غير واحد من الروايات منها صحيحة الحلبي ومحمد بن مسلم وحسنة الحلبي السابقتان في بحث محرمات الاحرام في بحث تحريم الجدال ومنها ما رواه الكليني عن عبد الاعلى قال قال أبو عبد الله (ع) كان أبى يقول من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه ثم قراء فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى قلت ما لكبر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان أعظم الكبر غمض الخلق وسفه الحق قد يجهل الحق ويطعن على أهله ومن فعل ذلك نازع الله رداءه وفى الفقيه وسئل الصادق (ع) عن قول الله عز وجل فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه قال ليس هو على أن ذلك واسع ان شاء صنع ذا وان شاء صنع ذا لكنه يرجع مغفورا لا اثم عليه ولاذنب له وروى الكليني في الموثق إلى إسماعيل بن نجيح الرماح قال كنا عند أبي عبد الله (ع) بمنى ليلة من الليالي فقال ما يقول هؤلاء فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه قلنا ما ندري قال بلى يقولون من تعجل من أهل البادية فلا اثم عليه ومن تأخر من أهل الحضر فلا اثم عليه وليس كما يقولون قال الله عز وجل فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه الا لا اثم عليه لمن اتقى انما هي لكم والناس سواء وأنتم الحاج وعن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله (ع) قال سال رجل أبى بعد منصرفه من الموقف فقال أيرى يحب الله هذا الخلق كله فقال أبى ما وقف بهذا الموقف أحد الا غفر الله له مؤمنا كان أو كافرا الا انهم في مغفرتهم على ثلاث منازل مؤمن غفر الله له ما تقدم وما تأخر واعتقه من النار وذلك قوله عز وجل ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ومنهم عن من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وقيل له أحسن فيما بقى من عمرك وذلك قوله عز وجل فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه (اه) يعنى من مات قبل ان يمضى فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى الكبائر واما العامة فيقولون فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه يعنى في النفر الأول ومن تأخر فلا اثم عليه يعنى لمن اتقى الصيد افترى ان الصيد انما يحرمه الله بعد ما أحله في قوله عز وجل فإذا حللتم فاصطادوا وفى تفسير العامة معناه فإذا حللتم فاتقوا الصيد وكافر وقف بهذا الموقف يريد زينة الحياة الدنيا غفر الله له من ذنبه ان تاب من الشرك فيما بقى من عمره وان لم يتب وقاه اخره ولم يحرمه اجر هذا الموقف في وذلك قوله عز وجل من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم