الورثة مال يبلغ النصاب كان حكمه حكم الأول وان فضل لبعضهم أو لجميعهم مال يبلغ النصاب وبلغ المال حد الوجوب قبل أداء الدين ففي وجوب الزكاة عليه قولان أحدهما عدم الوجوب وهو مبني عند القائل به على القول بعدم انتقال ما يفضل عن الدين إلى الوارث قبل أدائه أو عدم التمكن من التصرف في الزائد لامكان تلفه قبل الوفاء فلا يتم الملك بناء على اشتراط التمكن من التصرف في تماميته وثانيهما الوجوب وهو مستقيم بناء على القول بانتفاء الزائد إلى الورثة كما هو مذهب أكثر الأصحاب حتى قيل إن القائل بخلافه غير معلوم هذا بناء على القول بعدم المنع من التصرف في التركة مطلقا وكذا على القول بان المنع من التصرف مختص بما قابل الدين من التركة كما هو مذهب جماعة من الأصحاب منهم الشهيد الثاني ظاهرا وكذا الحال على القول بعموم المنع خصوصا عند التمكن من أداء الدين من غيره بناء على ما نبهنا عليه وقد يقال إذا قلنا بانتقال الزائد إلى الورثة لكن الفرق بين ما إذا قضى الدين وعدمه وان منعناه من التصرف فيها قبله لان القضاء حينئذ يكون كاشفا عن استقرار الملك من حين الموت فيجب عليه الزكاة وفيه ضعف ولو بلغت حصة عامل الزراعة والمساقات نصابا وجبت عليه لأنه حصل في ملكه قبل بلوغها حد الوجوب وهو السبب المقتضى لوجوب الزكاة وقيل إن المصنف في التذكرة نسبه إلى علمائنا وحكى عن بعضهم خلافه ونفى عنه الاعتماد واما حصة المالك فقد ادعى فيها الاجماع على وجوبها ونقل الشهيد عن ابن زهرة انه أسقط الزكاة عن العامل إن كان البذر من مالك الأرض والا فعلى العامل ولا زكاة على مالك الأرض فان الحصة كالأجرة ورده بحصول الملك قبل بدو الصلاح فيجب عليه كباقي الصور وهو حسن ولو اجر الأرض بغلة فالزكاة على المستأجر عند تحقق الشرائط لأنه ملك بالزراعة (دون المؤجر لعدم التملك بالزراعة) وهو السبب المقتضي للوجوب وقد صرح به المصنف في المنتهى والتذكرة ويروي الشهيد في البيان والدروس ونسبه في المنتهى والتذكرة إلى علمائنا مؤذنا بدعوى اتفاقهم عليه ولو استعار أرضا فزرعها فالزكاة على المستعير وكذا لو غصبها لما مر ويجوز الخرص بشرط السلامة لا أعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب وخالف فيه بعض العامة واستدل عليه المصنف بما رواه الجمهور عن غياث بن أسيد ان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم وخرص رسول الله صلى الله عليه وآله على امرأة بوادي القرى حديقة لها وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله بن رواحة إلى يهود فخرص عليهم النخل حين تطيب قبل ان يؤكل منه ولان أرباب الثمار يحتاجون إلى الاكل والتصرف في ثمارهم فلو لم يشرع الخرص لزم الضرر وللتأمل في هذه الوجوه طريق والأجود الاستدلال عليه بقول أبي الحسن في صحيحة سعد بن سعد الأشعري السابقة في مسألة وقت وجوب الزكاة إذا خرصه اخرج زكاته وعن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سألته عن الرجل إلى أن قال وعن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى يجب على صاحبها قال إذا صرم وإذا خرص واختلف الأصحاب في جواز الخرص في الزرع فأثبته جماعة من الأصحاب منهم الشيخ ونفاه آخرون وهو قول ابن الجنيد والمحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى (وير) احتج الأولون بوجود المقتضي وهو الاحتياج إلى الاكل منه قبل يبسه وتصفيته وفيه تأمل واحتج الآخرون بان الخرص نوع تخمين وعمل بالظن فلا يثبت الا في موضع الدلالة قال في المنتهى التشبيه بالنخل والكرم قياس فاسد مع وقوع الفرق وهو من وجهين أحدهما ان الزرع قد يخفى خرصه لاشتهار بعضه وتبدده وعدم اجتماعه وقلة التطلع على مقدار كل سنبلة منه بخلاف النخل فان ثمرته ظاهرة مجتمعة يتمكن الخارص من ادراك كل غدق منها وكذا الكرم الثاني ان الحاجة في النخل والكرم ماسة إلى الخرص لاحتياج أربابها إلى تناولها رطبة غالبا قبل الجذاذ والاقتطاف بخلاف الزرع فان الحاجة إلى تناول الفريك قليلة جدا انتهى ويمكن استقراب القول الأول والاحتجاج عليه بصحيحة سعد بن سعد السابقة وينبغي ان نذكر هيهنا نبذة من الفروع التي ذكرها المصنف والمحقق وغيرهما تبعا للشيخ في أكثرها الأول قال في المعتبر والمنتهى وغيرهما وقت الخرص بدو الصلاح لأنه وقت الامن من الحاجة وذهاب الثمار ولما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث عبد الله بن رواحة خارصا للنخل حين يطيب وزاد في المنتهى التعليل بان فائدة الخرص معرفة الزكاة واطلاق أهل الثمرة في التصرف وذلك انما يحتاج إليه حين وجوب الزكاة وهو بدو الصلاح الثاني قالوا يجزي خارص واحد لان الأمانة معتبرة فيه فلا يتطرق إليه التهمة ولان النبي (ص) اقتصر على الواحد وللعامة قول باعتبار الاثنين استنادا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله بعث مع عبد الله بن رواحة غيره ولأنه بمنزلة التقويم لهم ولهم قول اخر بالتفصيل وهو اختصاص اعتبار الاثنين بما إذا كان الخرص على صبي أو مجنون أو غايب الثالث قال المصنف يعتبر كون الخارص أمينا لعدم الوثوق بقول الفاسق ولو كان اثنين كان أفضل الرابع قال المحقق صفة الخرص ان يقدر الثمرة لو صارت تمرا والعنب لو صار زبيبا فان بلغ الأوساق وجبت الزكاة ثم يخيرهم بين تركه أمانة في يدهم وبين تضمينهم حصة الفقراء ويضمن لهم حقهم فان اختاروا الضمان كان لهم التصرف كيف شاؤوا وان أبوا جعله أمانة ولم يجز لهم التصرف بالاكل والبيع والهبة لان فيها حق المساكين ونحوه قال المصنف وهو لا يوافق ما ذهب إليه المحقق من أن وقت الوجوب صدق اسم التمر والزبيب فتدبر وفي النهاية والظاهر أن المنع يعني عن الاكل والهبة انما هو في عشر المساكين لافي تسعة أعشار المالك وقيل الخرص لا يجوز التصرف في الجميع الخامس قالوا لو تلفت الثمرة بغير تفريط منهم مثل عروض الآفات السماوية والأرضية أو ظلم ظالم سقط ضمان الحصة لأنها أمانة لا تضمن بالخرص وعن بعض العامة القول بأنه يضمن ما قال الخارص وهو ضعيف ولو تلف بعضها لزمه زكاة الموجود حسب السادس قال في المعتبر لا يستقصى الخارص بل يخفف ما يكون به المالك مستظهرا وما يحصل للمارة وقال جماعة من الجمهور منهم أحمد بن حنبل يترك الثلث أو الربع لما روى سهل بن أبي حيثمة ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول إذا خرصتم فخذوا وأودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ولنا ما رواه أبو عبيد باسناده ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا بعث الخراص قال خففوا على الناس فان في المال العرية والواطية والاكلة قال أبو عبيد والعرية هي النخلة والنخلات تهب الانسان ثمرها والواطية السايلة سموا بذلك لوطيهم بلاد الثمار مجتازين وما ذكره من الثلث والربع اجحاف بالمساكين نعم يقال إن للمارة ان يأكلوا وقيل لبعض أهل البيت ان التجار اشتروا الثمرة بأموالهم فقال اشتروا ما ليس لهم فاذن لا يحتسب على أرباب الزكاة ما يجب عليهم بذله للمجتازة وتقديره إلى نظر الخارص إما تقديره بالثلث والربع فلا وما ذكروه من الحديث خبر واحد مناف للأصل لأنه تسليط على مال الفقراء ونقص له فيكون منفيا انتهى كلام المحقق ونحوه ذكر المصنف قال وعلى الخارص ان يترك في خرصة ما يحتاج المالك إليه من اكل أضيافة واطعام جيرانه وأصدقائه وسواء له المستحقين للزكوة ويحسبه منها وما يتناثر من الثمرة ويتساقط وينتابه الطير ويأكل منها المارة السابع قالوا لو ادعى المالك غلط الخارص وكان قوله محتملا أعيد الخرص وان لم يكن محتملا سقطت دعواه الثامن قال المحقق لو زاد الخرص كان للمالك ويستحب له بذل الزيادة وبه قال ابن الجنيد لو نقص فعليه تحقيقا لفائدة الخرص وفيه تردد لان الحصة في يده أمانة ولا يستقر ضمان الأمانة كالوديعة ونحوه قال المصنف التاسع قال المحقق لو اقتضت المصلحة تخفيف النخل جاز وسقط من الزكاة بحسابه ولو كان قبل بلوغه جاز تخفيفه وقطعه أصلا لما يراه من مصلحة نفسه وأصوله ولو اختار الخارص قسمة الثمرة جاز ولو كان رطبا لان القسمة تمييز الحق وليست بيعا فيمتنع بيع الرطب بمثله على رأى من منع ويجوز له بيع نصيب المساكين من رب المال وغيره ويجوز عندنا تقويم نصيب الفقراء من غير مراجعة الساعي ويجوز لرب المال قطع الثمرة وان لم يستأذن الخارص ضمن أو لم يضمن ومنع الشيخ في المبسوط إذا لم يضمن المالك الخرص قال لأنه تصرف في مال الغير فيقف على الاذن وليس بوجه لان المالك مؤتمن على حفظها فله التصرف بما يراه مصلحة ونحوه قال المصنف في المنتهى وفي التذكرة نقل الاجماع على جواز القطع للمصنف وحكم بمقاسمة الساعي الكيل أو الوزن بسرا أو رطبا واستوجه الجواز للمصلحة ونقل عن الشيخ انه لو قطعها بعد الخرص قبل التضمين لا لحاجة يأخذ عشرها تمرا لان الثمرة يجب تبقيتها إلى ادراكها ولم يرتضه المصنف قال وفي قطعها لغير مصلحة اشكال ينشأ من تصرف الفقراء بقطعها لغير فائدة ومن عدم منع المالك من التصرف في ماله كيف شاء قال المصنف في المنتهى لو اختار المالك
(٤٤٥)