صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له ولا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله تبارك وتعالى من ماله فإذا بقى ذلك فاقبض حق الله منه وان استقالك فاقله ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله فإذا قبضته فلا توكل به الا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشئ منها ثم احدر كل ما اجتمع عنك (عندك) من كل ناد إلينا فصيره حيث أمر الله عز وجل فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه ان لا يحول بين ناقة وبين فصيلها ولا يفرق بينهما ولا يمصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها ولا يجهد بها ركوبا وليعدل بينهن في ذلك وليوردهن كل ماء تمر به ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جوار الطريق في الساعة التي فيها تريح وتعنق وليرفق بهن جهده حتى تأتينا بإذن الله سحاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات فيقسمن بإذن الله على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله على أولياء الله فان ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك ينظر الله إليها واليك والى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعث في حاجته فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولامامه الا كان معنا في الرفيق الاعلى قال ثم بكى أبو عبد الله (ع) ثم قال يا بريد لا والله ما بقيت لله حرمة الا انتهكت ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وآله في هذا العالم ولا أقيم في هذا الخلق حدا لا منذ قبض الله أمير المؤمنين (ع) ولا عمل بشئ من الحق إلى يوم الناس هذا ثم قال إما والله لا يذهب الأيام والليالي حتى يحيى الله الموتى ويميت الاحياء ويرد الله الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه فابشروا ثم أبشروا ثم أبشروا فوالله ما الحق الا في أيديكم قوله (ع) أوعز إليه اي تقدم إليه وأمره ومصر الناقة أو الشاة حلبها بأطراف الأصابع الثلاث أو بالابهام والسبابة فقط والتمصر حلب بقايا اللبن في الضرع قال في (ير) بعد نقل قوله ولا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات التي تريح وتعنق قال محمد بن إدريس سمعت من يقول تريح وتغبق بالغين المعجمة والباء يعتقده انه من الغبوق وهو الشرب بالعشى وهذا تصحيف فاحش وخطأ قبيح وانما هو بالعين غير المعجمة والنون المفتوحة وهو ضرب من سير الإبل وهو سير شديد قال الزاجر يا ناق سيرى عنقا فسيحا إلى سليمان فتستريحا لان معنى الكلام انه لا تعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات التي فيها راحة ولا في الساعات التي عليها فيها مشقة ولأجل هذا قال تريح من الراحة ولو كان من الرواح لقال تروح وما كان يقول تريح ولان الرواح عند العشى يكون قريبا منه والغبوق هو شرب العشى على ما ذكرناه فلم يبق له معنى وانما المعنى ما بيناه وانما أوردت هذه اللفظة في كتابي الاخبار سمعت لأبي جماعة من أصحابنا الفقهاء يصحفونها انتهى كلامه والصنف الرابع من أصناف المستحقين للزكوة المؤلفة قلوبهم وهم الكفار الذين يستمالون للجهاد لا اعلم خلافا بين العلماء في أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة والاجماع عليه منقول في كلامهم ويدل عليه الآية الشريفة واختلفوا في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين فقال الشيخ في المبسوط المؤلفة قلوبهم عندنا هم الكفار الذي يستمالون بشئ من مال الصدقات إلى الاسلام ويتألفون ليستعان بهم على قتال أهل الشرك ولا يعرف علماؤنا مؤلفة أهل الاسلام واختاره المصنف في هذا الكتاب وجماعة من الأصحاب منهم المحقق في الشرايع وقال المفيد ره المؤلفة قلوبهم ضربان مسلمون ومشركون واختاره جماعة من الأصحاب منهم ابن إدريس وقال ابن الجنيد المؤلفة قلوبهم من أظهر الدين بلسانه وأعان المسلمين وامامهم بيده وكان معهم الا قلبه والمستفاد منه اختصاص التأليف بالمنافق و يظهر من كلام الشيخ فخر الدين ان في المسألة قولا فاختصاصه بالكافر المقاتل ونقل الشيخ في المبسوط عن الشافعي أنه قال المؤلفة قلوبهم ضربان مسلمون ومشركون فالمسلمون ضربان أحدهما قوم لهم شرف وطاعة في الناس وحسن نية في الاسلام يعطون استمالة لقلوبهم وترغيبا لهم في الاسلام مثل صفوان بن أمية وغيره والثاني قوم من (المشركين) مشركون لهم قوة وشوكة وطاعة إذا أعطاهم الامام كفوا شرهم من المسلمين وإذا لم يعطوا تألبوا عليه وقاتلوه فهؤلاء كان النبي صلى الله عليه وآله يعطيهم استكفافا لشرهم وبعد النبي صلى الله عليه وآله هل لمن قام مقامه ان يعطيهم ذلك قولان ومن أين يعطيهم من سهم المصالح أو من سهم الصدقات فيه قولان واما مؤلفة الاسلام فعلى أربعة اضرب أحدها قوم لهم شرف وسداد لهم نظراء إذا أعطوا هؤلاء نظر إليهم نظراؤهم فرغبوا في الاسلام فهؤلاء أعطاهم النبي صلى الله عليه وآله مثل الزبرقان بن بدر وعدى بن حاتم وغيرهما والضرب الثاني قوم لهم شرف وطاعة أسلموا وفي نياتهم ضعف أعطاهم النبي صلى الله عليه وآله ليقوى نياتهم مثل أبي سفيان بن حرب أعطاه النبي صلى الله عليه وآله مائة من الإبل واعطى صفوان مأة واعطى الأقرع به حابس مأة واعطى عيينة بن الحصين مأة واعطى العباس بن مرداس أقل من مائة فاستعتب فتمم المأة ولمن قام مقام النبي صلى الله عليه وآله ان يعطى هذين قولان ومن أين يعطيه فيه قولان الضرب الثالث هم قوم من الاعراب في طرف من بلاد الاسلام وبإزائهم قوم من المشركين ان أعطاهم قاتلوا عن المسلمين وان لم يعطوا لم يقاتلوا واحتاج الامام إلى مؤنة في تجهيز الجيوش إليهم فهؤلاء يعطون ويتألفون ليقاتلوا المشركين ويدفعونهم والضرب الرابع قوم من الاعراب في طرف من بلاد الاسلام بإزائهم قوم من أهل الصدقات ان أعطاهم الامام جبوا الصدقات و حملوها إلى الامام وان لم يعطهم لم يجبوها واحتاج الامام في انفاذ من يجبها إلى مؤنة كثيرة فيجوز ان يعطيهم (لان فيه مصلحة ومن أين يعطيهم) أعني هذين الفريقين فيه أربعة أقوال أحدهما من سهم المصالح الثاني من سهم المؤلفة من الصدقات الثالث يعطون من سهم سبيل الله لأنه في معنى الجهاد الرابع يعطون من سهم المؤلفة ومن سهم سبيل الله ثم قال الشيخ وهذا التفصيل لم يذكره أصحابنا غير أنه لا يمتنع ان نقول إن للامام ان يتألف هؤلاء القوم ويعطيهم ان شاء من سهم المؤلفة وان شاء من سهم المصالح لان هذا من فرايض الامام وفعله حجة وليس يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم فان هذا قد سقط على ما بيناه وفرضنا تجويز ذلك والشك فيه وان لا نقطع على أحد الامرين انتهى كلام الشيخ (ره) ونقل المحقق في المعتبر عن الشافعي تقسيم المؤلفة إلى الأقسام الستة المذكورة ثم قال ولست ارى بهذا التفصيل بأسا فان ذلك مصلحة ونظر المصلحة موكول إلى الامام وقال الشهيد في البيان بعد ذكر الأقسام الأربعة للمسلمين ولقائل أن يقول مرجع هذه إلى سبيل الله والى العمالة وهو حسن وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره نقلا من العالم في تفسير المؤلفة قلوبهم قال هم قوم وجدوا (وحدوا) الله وخلعوا عبادة من دون الله ولم يدخل المعرفة قلوبهم ان محمدا رسول الله فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويعلمهم ويعرفهم كيما يعرفوا فجعل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا وروى الكليني والشيخ عنه عن زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم انهما قالا لأبي عبد الله (ع) أرأيت قول الله عز وجل انما الصدقات للفقراء والمساكين الآية فريضة من الله اكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف فقال إن الامام يعطي هؤلاء جميعا لانهم يقرون له بالطاعة قال قلت فان كانوا لا يعرفون قال يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع وانما يعطى من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه فاما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك الا من يعرف فمن وجدت من هؤلاء المسلمين موضعا عارفا فاعطه دون الناس ثم قال سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام والباقي خاص قال قلت فإن لم يوجدوا قال لا يكون فريضة فرضها الله عز وجل الا ان يوجد لها أهل الحديث واستدل بعضهم بهذا الخبر على قول المفيد بناء على أن قوله ليرغب في الدين نص على العلة ويقتضي التعدي وفيه تأمل ومنهم من استوجه الاستدلال به بقوله وسهم المؤلفة عام وهو غير بعيد واختلف الأصحاب في سقوط سهم المؤلفة بعد النبي صلى الله عليه وآله فقيل يسقط واليه ذهب ابن بابويه وهو قول لبعض العامة معللين بان الله سبحانه أعز الدين وقوى شوكته فلا يحتاج إلى التأليف وهو استدلال ضعيف وقال المحقق في المعتبر الظاهر بقائه لان النبي صلى الله عليه وآله كان يعتمد التأليف إلى حين وفاته ولا نسخ بعده وقال الشيخ انه يسقط في زمن غيبة الامام دون زمن حضوره لان الغرض من التأليف انما يكون للجهاد الساقط في زمان غيبة الامام وقال المصنف في المنتهى ونحن نقول قد يجب الجهاد في حال غيبة الامام بان يدهم (المسلمين) والعياذ بالله عدو يخاف منه عليهم فيجب عليهم الجهاد لدفع الأذى لا للدعاء إلى الاسلام فاحتيج إلى التأليف حينئذ وجاز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة وبعض أصحابنا المتأخرين قوى هذا القول مشكل بظاهر
(٤٥٤)