واستدل عليه المصنف بان له ولاية الاخراج بنفسه فيكون له ولاية التعيين وبأنه امين على حفظها فيكون أمينا على تعينها وافرادها وبان له دفع القيمة وتملك العين فله افرادها وبان منعه من افرادها يقتضى منعه من التصرف في النصاب وذلك ضرر عظيم ويرد عليه ان الكلام في تعينه بحيث يصير ملكا للمستحقين حتى لم يشارك المالك عند التلف والأدلة المذكورة غير دالة على ذلك والوجه الاستدلال عليه بما رواه الكليني عن أبي بصير أبي الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال إذا اخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سماها لقوم فضاعت أو ارسل بها إليهم فضاعت فلا شئ عليه وعن عبيد بن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أخرجها من ماله فذهبت ولم يسمها لاحد فقد برئ منها وما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) زكاة تحل علي شهرا فيصلح لي ان احبس منها شيئا مخافة ان يجيئني من يسألني يكون عندي عدة فقال إذا حال الحول فاخرجها عن مالك ولا تخلطها بشئ واعطها كيف شئت قال قلت فان انا كتبتها وأثبتها يستقيم لي قال نعم (لا يضرك) ويؤيده ما رواه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقى بعض يلتمس بها المواضع فيكون بين أوله واخره ثلثة أشهر قال لا بأس واستحب المصنف الاخراج مطلقا عند حول الحول لأنه نوع اخراج وشروع في الدفع ولموثقة يونس بن يعقوب المذكورة والمراد بالعزل تعينها في مال خاص ومقتضى ذلك كونها أمانة في يده لا يضمن عند التلف الا مع التفريط أو تأخير الدفع مع التمكن من ايصالها إلى المستحق وذكر الشهيد وغيره انه ليس له ابدالها بعد العزل في وجه وبه قطع بعض الأصحاب ولا اعلم حجة واضحة عليه مع أن في قول علي (ع) في حسنة بريد بن معوية اصدع المال صدعين إلى أن قال حتى يبقى وفاء لحق الله في ماله فاقبض حق الله منه وان استقالك فاقله دلالة على جواز التبديل والنماء المتصل تابع له وكذا المنفصل عند بعض الأصحاب وفي (س) لو نما كان له يعنى للمالك وروى الكليني عن علي بن أبي حمزة عن أبيه في الضعيف عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الزكاة تجب علي في موضع لا يمكنني ان أؤديها قال اعزلها فان اتجرت بها فأنت ضامن لها ولها الربح وان تويت في حال عزلها من غير أن تشغلها في تجارة فليس عليك فإن لم تعزلها واتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح ولا وضيعة عليها ونقل الشهيد محصل هذه الرواية بعد الحكم يكون النماء للمالك وهو مشعر بتردده فيه وللتردد فيه مجال وتجب النية الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب النية في الزكاة واشتراطها في صحتها بل قال المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى ان ذلك مذهب العلماء كافة عند الأوزاعي والكلام في تحقيق الحجة عليه كما مر في بحث الطهارة والصلاة ووجوب النية انما يكون عند الدفع إلى المستحق أو الامام أو الساعي وهل يجزى عند الدفع إلى المستحق مبنى على جريان الوكالة هيهنا بان يبرء ذمته بالدفع إلى وكيل المستحق فيه وجهان أقربهما العدم كما اختاره ابن البراج وابن إدريس لعدم دليل دال على ثبوت ذلك وتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت على الدفع إلى المستحق ووجوب مقارنة النية للدفع قول الأصحاب وأكثر العامة وقال بعض العامة يجوز تقديمها بزمان يسير واعترض عليه بان ما سبق ان لم يستدم خلا الدفع عن النية وان استديم تحقق الشرط وهو مقارنة النية للدفع وفيه تأمل والنية المعتبرة انما هي المشتملة على الوجه من الوجوب أو الندب وعلى كونه اي الدفع (المدفوع) عن زكاة مال أو فطرة متقربا لم يقم عندي حجة على اشتراط هذه الأمور سوى التعيين والقربة ولقد أجار المحقق حيث قال والنية اعتقاد بالقلب فإذا اعتقد عند دفعها انها زكاة تقربا إلى الله تعالى كفى ذلك ولو كان نائبا عن غيره كوصي اليتيم والوكيل اعتقد ذلك عند التسليم ويجب أن تكون النية عن الدافع إماما كان أو ساعيا أو مالكا أو وكيلا ولو كان الدافع غير المالك جاز ان ينوى أحدهما اي المالك عند دفع أحد الثلاثة إلى المستحق أو أحد الثلاثة عند دفعه إلى المستحق ويحتمل ان يكون المراد انه يجزى منه أحد الامرين من نية المالك عند الدفع إلى أحد الثلاثة ونية أحدهم عند الدفع إلى المستحق به وقد صرح المحقق في المعتبر والمصنف في غير واحد من كتبه وغيرهما بأنه يكفي نية المالك عند الدفع إلى الساعي وكذا الامام على ما صرح به المصنف وغيره إما إذا نوى الامام أو الساعي عند الدفع إلى المستحق ولم ينو المالك عند الدفع إليهما فقال المصنف ان اخذها كرها أجزأت وان اخذها طوعا لم تجز وفي (ط) ان اخذه كرها اجزاه وان اخذه طوعا ولم ينو رب المال لم يجزئه فيما بينه وبين الله تعالى وليس للامام مطالبته دفعة ثانية وللمصنف قول اخر بالاجزاء في الصورتين كما سيجيئ وهو مختار المحقق وبه حكم الشهيد في (ن) وأما إذا نوى المالك عند الدفع إلى الوكيل ولم ينو الوكيل عند الدفع إلى المستحق فقال الشيخ والمحقق والمصنف انه لم يجزئه بل قال المصنف في التذكرة انه لم يجزئه عندنا وهو مشعر بالاتفاق وأما إذا نوى الوكيل عند الدفع إلى المستحق ولم ينو الموكل فقال الشيخ والمحقق لم يجزئه وقال المصنف ومن تأخر عنه بالاجزاء والامر في النية هين على ما سلف بيانه ولو نوى بعد الدفع احتمل الأجزاء الوجه الأجزاء مع بقاء العين لبقاءها في ملكه فيصادقها النية وكذا عند التلف إذا علم القابض بالحال لثبوت العوض في ذمته فيجوز الاحتساب كما في ساير الديون إما مع انتفاء العمل فمشكل لانتفاء الضمان وكلام الشيخ مشعر بعدم الاجتزاء بالنية بعد الدفع ولو قال إن كان مالي الغايب سالما فهذه زكاته وإن كان تالفا فنافلة صح للجزم بكونها زكاة على تقدير (سلامة المال وبكونها نافلة على تقدير تلفه صح) تلفه ولا مانع من صحة ذلك ولو قال أو نافلة بطل سواء قال إن كان باقيا فهذه زكاته أو نافلة أو قال هذه زكاة أو نافلة لحصول الترديد بين كون المال زكاة أو نافلة على تقدير واحد وعن الشيخ الحكم بصحة الثانية لأنه يرجع إلى الشرطين السابقتين الصحيحتين والوجه ان المرجع فيه إلى إرادة المكلف ولو اخرج عن أحد ماليه من غير تعيين صح وانصرف إلى أحدهما لكن بشرط تساوى المالين في القدر الواجب اذلو اختلفا وكان المدفوع من جنس أحدهما انصرف إليه وكذا يصح لو اخرج ونوى عما في ذمته وبالجملة لا يشترط تعيين الجنس الذي يخرج منه سواء كان محل الوجوب عنده متحدا أو متعددا وسواء كان الحق متحد النوع كالأربعين من الغنم وخمس من الإبل أو مختلفا ولا ينصرف المدفوع إلى أحدهما بعينه حينئذ إذا اعطى القيمة المساوية لكل منهما وجوزنا ذلك فلو وجب عليه شاتان في نصابين مختلفين ودفع شاة عما في ذمته برئت الذمة منها وبقى شاة في ذمته وكذا لو وجب عليه شاة وبقرة ودفع قيمة مساوية لكل منهما عما في ذمته وهل يتخير المالك بعد ذلك في صرفه إلى ما شاء منهما أو يوزع فيه قولان ذهب إلى الأول المصنف في التذ كره والى الثاني الشهيد في (ن) وتظهر الفائدة فيما إذا تمكن من اخراج الفريضة إلى (في) أحد النصابين إلى المستحق دون الأخر كما إذا انحصر المستحق في غارم أو ابن السبيل واندفعت حاجته بأحد الفرضين وتلف أحد النصابين قبل التمكن من اخراج الشاة الأخرى فعلى الأول ان صرف المخرج إلى الباقي برئت ذمته وان صرفه إلى التالف كان عليه اخراج شاة للباقي وعلى الثاني يسقط عنه نصف شاة ولو اخرج عن ماله الغايب إن كان سالما فبان تالفا جاز النقل إلى غيره بان يفويها عن غيره مما وجب عليه فيه الزكاة على المشهور وخالف فيه الشيخ فمنع من جواز نقلها إلى غيره لفوات محل النية وهو ضعيف واشترط الشهيد في البيان بقاء العين أو علم القابض بالحال لكونه ضامنا حينئذ إما عند التلف وعدم علم القابض بالحال فلا لعدم كونه ضامنا ويحتمل عموم الجواز لفساد الدفع في نفس الامر ولو قال إن كان الغائب باقيا فهذه زكاته وإن كان تالفا ففي الحاضر فالأقرب الصحة وفاقا للتذكرة واحتمل الشهيد في البيان المنع هنا ولو نوى عما لم يصل لم يجز وان وصل لان الزكاة عبادة موقتة فلا يصح أدائها قبل وقتها كالصلاة قبل دخول الوقت ولو نوى الدافع لا المالك صح طوعا كان الاخذ أو كرها وقد مر الخلاف في هذه المسألة ولو مات من أعتق من الزكاة ولا وارث له فميراثه للإمام (ع) على رأى والمراد بالوارث المنفى الوارث الخاص اي من عدا الامام وأرباب الزكاة واختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر إلى أن ميراثه لأرباب الزكاة بل قال في المعتبر ان عليه علماؤنا وقيل إن ميراثه للامام واختاره المصنف في القواعد وولده في الشرح وتوقف فيه المصنف في (لف) والأول اقترب ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبيد بن زرارة في الموثق قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) في رجل اخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه
(٤٦٨)