والعذفان والثلاثة لحفظه إياه وفي الوجهين نظر إما الأول فلان حمل الآية على الزكاة المفروضة على الوجه الذي ذكر عدول عن ظاهر اللفظ من غير ضرورة وما ذكر من التأييد مندفع باحتمال ان يكون الحق معلوما قبل نزول الآية بالسنة المطهرة أو يكون الغرض عن الآية التكليف بالحق اجمالا ويكون البيان مستفادا من السنة على أن الروايتين المذكورتين يدفعان الحمل المذكور قال المرتضى (ره) في الانتصار روى عن أبي جعفر (ع) في قوله تعالى واتوا حقه يوم حصاده قال ليس ذلك من الزكاة الا ترى أنه قال تعالى ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين قال المرتضى وهذه نكتة منه (ع) مليحة لان النهي عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر والزكاة مقدرة وروى أيضا في الكتاب المذكور عن أبي عبد الله (ع) انه قيل يا ابن رسول الله وما حقه قال تناول منه المسكين والسائل قال السيد والأحاديث بذلك كثيرة واما الوجه الثاني فلان ظاهر الامر الوجوب والعدول عنه يحتاج إلى دليل ولا دلالة للروايتين عليه إما الأولى فلانه يجوز ان يكون معنى قوله (ع) يؤخذ به الاخذ في الدنيا لان الامام يأخذ الزكوات من أصحاب الأموال بخلاف حق الحصاد فإنه أمر بينه وبين الله وان عصى بالترك بناء على الوجوب واما الثانية فلمنع كون الظاهر من الصدقة المندوبة وبما ذكرنا يظهر لك ان القول بالوجوب غير بعيد وينبغي ان يذكر بعض الروايات المتعلقة بالحصاد لما فيه من الفائدة روى الكليني عن أبي بصير في الحسن بالوشا عن أبي عبد الله (ع) قال لا تصرم بالليل ولا تحصد بالليل ولا (تمنح) بالليل ولا تبذر بالليل فإنك ان تفعل ذلك لم يأتك القانع والمعتر فقلت ما القانع والمعتر قال القانع الذي يقنع بما أعطيته والمعتر الذي يمر بك فيسئلك وان حصدت بالليل لم يأتك السؤال وهو قول الله عز وجل واتوا حقه يوم حصاده عند الحصاد يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدته وإذا خرج فالحفنة بعد الحفنة وكذلك عند الضرام وكذلك عند البذر ولا تبذر بالليل لأنك تعطي من البذر كما تعطي من الحصاد وعن ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن قول الله عز وجل واتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا قال كان أبي (ع) يقول من الاسراف في الحصاد والجذاذ ان يصدق الرجل بكفيه جميعا وكان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه صاح به اعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل وعن أبي مريم في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل واتوا حقه يوم حصاده قال تعط المساكين يوم حصادك الضغث ثم إذا وقع في البيدر ثم إذا وقع في الصاع العشر ونصف العشر وعن مصادف في الضعيف قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في ارض له وهم يصرمون فجاء سائل يسئل فقلت الله يرزقك فقال له مه ليس ذلك لكم حتى تعطوا ثلثة فإذا أعطيتم ثلثة فان أعطيتم فلكم وان أمسكتم فلكم واعلم أنه لم أجد في كلام أحد من الأصحاب تصريحا بوجوب حق في المال سوى الزكاة والخمس وما يخرج عند (يوم) الحصاد عند بعضهم وقال ابن بابويه في الفقيه قال الله تعالى والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه انه في ماله ونفسه يجب ان يفرضه على قدر طاقته ووسعه وظاهر هذه العبارة وجوب الحق المذكور وهو ظاهر موثقة سماعة السابقة لكن روى الكليني عن القسم بن عبد الرحمن الأنصاري باسناد فيه جهالة قال سمعت سألت أبا جعفر (ع) يقول إن رجلا جاء إلى أبي علي بن الحسين (ع) فقال له اخبرني عن قول الله عز وجل وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ما هذا الحق المعلوم فقال له علي بن الحسين (ع) الحق المعلوم الشئ يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولامن الصدقة المفروضتين قال فإذا لم يكن من الزكاة ولامن الصدقة فما هو فقال هو الشئ يخرجه الرجل (من ماله) ان شاء أكثر وان شاء أقل على قدر ما يملك فقال له الرجل فما يصنع به قال يصل به رحما ويقوى به ضعيفا ويحمل به كلا أو يصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه فقال الرجل الله أعلم حيث يجعل رسالته وظاهر هذه الرواية عدم وجوب الحق المذكور ورواية سماعة أقوى سندا ويمكن الجمع بين الروايتين إما بحمل المفروضة في هذه الرواية على الموقتة المحدودة يعني انه ليس من الزكاة والصدقة الموقتين المحدودتين واما بحمل فرض في رواية سماعة على معنى سن وقرر والوجوب فيها على الاستحباب المؤكد وينبغي ان لا يترك الاحتياط ولنذكر هيهنا بعض الأخبار المناسبة لهذا المقام روى الكليني عن إسماعيل بن جابر في القوى عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم أهو سوى الزكاة فقال هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال فيخرج منه الألف والألفين والثلاثة الآلاف والأقل والأكثر فيصل به رحمه ويحمل به الكلى من قومه الكل الثقل وعن صفوان الجمال في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل للسائل والمحروم قال المحروم المخارق (المخارف) الذي قد منع كد يده في الشراء و البيع وفي رواية أخرى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام انهما قالا المحروم الرجل الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرزق وهو مخارف وعن عامر بن جذاعة قال جاء رجل إلى أبي عبد الله (ع) فقال له يا سألت أبا عبد الله قرض إلي ميسرة فقال له أبو عبد الله (ع) إلى غلة تدرك فقال الرجل لا والله قال فإلى تجارة تؤب قال لا والله قال فإلى عقدة تباع فقال لا والله فقال أبو عبد الله (ع) فأنت ممن جعل الله له في أموالنا حقا ثم دعا بكيس فيه دراهم فادخل يده فيه فناوله منه قبضة ثم قال له اتق الله ولا تسرف ولا تقتر ولكن بين ذلك قواما ان التبذير من الاسراف قال الله تعالى ولا تبذر تبذيرا والنظر في كتاب الزكاة انما يتحقق في أمور ثلاثة الأول في زكاة المال وفيه مقاصد الأول في شرائط الوجوب ووقته انما تجب الزكاة على البالغ العاقل الحر المالك للنصاب المقدر شرعا المتمكن من التصرف بان لا يكون غائبا عن المالك ووكيله ولا وقفا ولا ضالا إلى غير ذلك من الأسباب الموجبة لارتفاع التمكن من التصرف فلا زكاة على الطفل ولا على المجنون مطلقا في النقدين وغيرهما على رأى اختاره المصنف و تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط الكمال في وجوب الزكاة (في النقدين) فلا يجب على الصبى والمجنون ونقل اجماع الأصحاب على ذلك جماعة منهم كالفاضلين والشهيدين وغيرهم ونقل عن ابن حمزة ايجاب الزكاة في مال الصبى وهو باطلاقه شامل للنقود والمعتمد الأول للأصل وعدم شمول أدلة وجوب الزكاة لهما وقوله (ع) رفع القلم عن الصبى حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وتكليف الولي منفي بالأصل ويدل على عدم وجوب الزكاة في مال اليتيم أيضا الأخبار المستفيضة منها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سئلته عن مال اليتيم فقال ليس فيه زكاة وعن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال ليس في مال اليتيم زكاة وعن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) انهما قالا مال اليتيم ليس (عليه) في العين والصامت شئ واما الغلات فان عليها الصدقة واجبة ومنها ما رواه الكليني عن الحلبي في الصحيح والحسن عن أبي عبد الله (ع) في مال اليتيم عليه زكاة فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة فإذا عملت به فأنت له ضامن والربح لليتيم وما رواه الشيخ عن محمد بن القسم بن الفضيل البصري في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع) أسئله عن الوصي يزكى زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال فكتب لا زكاة في مال يتيم ورواه الكليني أيضا عن محمد بن سنان اخر صحيح وفي متنه لا زكاة على يتيم ورواه الصدوق والشيخ أيضا عن طريق اخر والكليني أيضا بطريق اخر مع مخالفة في المتن ومنها ما رواه الصدوق عن زرارة وبكير في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال ليس في الجوهر وأشباهه زكاة وان كثر وليس في (نفر) الفضة زكاة وليس على المال اليتيم زكاة الا ان يتجر به فان أتجر به ففيه الزكاة والربح لليتيم وعلى التاجر ضمان المال ويحتمل ان يكون قوله وليس على المال اليتيم إلى اخر الخبر من كلام الصدوق وما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) هل على مال اليتيم زكاة قال لا الا ان يتجر به أو يعمل به وعن زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم انهما قالا ليس على مال اليتيم في الدين والمال الصامت شئ. واما الغلات فعليها الصدقة واجبة وعن أبي بصير في الحسن عندي قال سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول ليس على مال اليتيم زكاة فان بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه فيما بقى حتى يدرك فان (فإذا) أدرك فإنما عليه زكاة واحدة ثم كان عليه
(٤٢٠)