عموم من وجه والترجيح لا يخلو عن اشكال نعم في طريق رواية زرارة وأبى بصير محمد بن علي وهو مشترك بين جماعة فيهم غير الثقة ولا يبعد ترجيح كونه ابن محبوب مع تأمل في ذلك ورواية عبد الصمد في طريقة كلام سيجيئ في كتاب الحج وكيف كان فالمسألة لا يصفو عن الاشكال واعلم أن بعض أصحابنا المتأخرين رجح القول الثالث واحتج عليه بما ذكرنا ثم قال لا يقال الأصل يرتفع بالروايات المتضمنة لترتب الكفارة على الافطار المتناولة باطلاقها للعالم والجاهل كما اعترفتم به في وجوب القضاء والرواية قاصرة من حيث السند فلا تنهض حجة في اثبات هذا الحكم لأنا نقول لا دلالة في شئ من الروايات التي وصلت إلينا في هذا الباب على تعلق الكفارة بالجاهل إذا الحكم فيها وقع معلقا على تعمد الافطار وهو انما يتحقق مع العلم بكون ذلك الفعل مفسدا للصوم فان من اتى بالمفطر جاهلا كونه كذلك ولا يصدق عليه انه تعمد الافطار وان صدق عليه انه متعمد لذلك الفعل بل رواية ابن سنان التي هي الأصل في هذا الباب انما تضمنت تعلق الكفارة بمن أفطر في شهر رمضان متعمدا من غير عذر والجهل بالحكم من أقوى الاعذار كما يدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتضمنة لحكم تزويج المراة في عدتها حيث قال فيها قلت فأي الجهالتين اعذر جهالته ان ذلك محرم عليه أم جهالته انها في عدة فقال إحدى الجهالتين أهون من الأخرى الجهالة بان الله حرم ذلك عليه وذلك أنه لا يقدر على الاحتياط معها قلت فهو في الأخرى معذور قال نعم واما الرواية فهى وإن كانت لا تبلغ مرتبة الصحيح لكنها معتبرة الاسناد إذ ليس في طريقها من قد يتوقف في شانه سوى علي بن الحسن بن فضال ثم ذكر بعض ما يدل على جلالة شأن علي ولا يخفى ان بعض الروايات متضمنة لتعلق الكفارة بأصل الفعل من غير تقييد بالتعمد كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج السابقة في بحث الاستمناء ورواية عبد السلام المذكورة في المسألة السابقة وان جهة التوقف في الرواية ليست منحصرة في كون علي بن الحسن في الطريق فتدبر والاكراه {على الافطار غير مفسد لا أعلم} خلافا بين الأصحاب في أن وجوب المفطر في حلق الصايم أي وضعه فيه بغير اختياره ليس بمفطر وفي معناه الاكراه بحيث يرتفع القصد إما لو أكرهه الا على هذا الوجه بل بالتوعد على ترك المفطر بما يكون ضارا في نفسه أو ما جرى مجراه شرعا مع قدرة المتوعد عليه وحصول الظن بأنه يعمل بمقتضى وعيده فاختلف الأصحاب في حصول الافطار بذلك فذهب الأكثر إلى العدم وقال الشيخ في المبسوط انه مفسدا لصومه والأول أقرب للأصل السالم عن المعارض وأيد " بقول النبي صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " احتج الشهيد بأنه مع التوعد مختار للفعل فيصدق عليه انه فعل المفطر اختيارا فوجب عليه القضاء ولعل نظره في اثبات الكبرى إلى العمومات الدالة على وجوب القضاء بفعل المفطر وفيه ان ثبوت العموم بحيث يشمل محل البحث محل تردد إذا القدر المستفاد من الاخبار ثبوت القضاء في غير هذه الحالة لما بينا مرارا ان ثبوت العموم في الاخبار بالنسبة إلى غير الافراد المتبادرة إلى الذهن غير واضح وفي معنى الاكراه الافطار للتقية والظاهر أنه يكفي في الجواز الظن بحصول الضرر بل لا يبعد ان يكفي في الجواز حصول الخوف الشديد بالضرر وإن كان ناشيا من الجبن و ضعف النفس وان لم يحصل بمجرد الظن بل مجرد الاحتمال وهو قوى جدا إن كان الخوف على النفس أو ما جرى مجراه وعن ظاهر عبارة الدروس ان ذلك انما يسوغ عند خوف التلف قال بعض المتأخرين ويدفعه اطلاق الاخبار المسوغة للتقية مع الضرر كقوله " (ع) في حسنة زرارة التقية في كل ضرورة " وصاحبها اعلم به حين ينزل به وفي حسنة الفضلاء التقية في كل شئ يضطر إليه ابن ادم فقد أحله الله وحيث جاز الافطار للتقية يجب الاقتصار على ما يندفع به الحاجة فلو زاد عليه كفر وقد يناقش في وجوب الكفارة بالزيادة على القول بكون التناول على وجه الاكراه مفطرا لان تناول الزايد على قدر الحاجة لم يصادف الصيام ولم يحصل به الافساد المستتبع للزوم الكفارة وناسي غسل الجناية من أول الشهر إلى اخره يقضى الصلاة والصوم على رأى المشهور بين الأصحاب وقال ابن إدريس بعدم وجوب قضاء الصوم عليه حجة الأول ان الطهارة شرط في الصوم كما أنه شرط في الصلاة فكان انتفاؤها مقتضيا لفساد الصوم المقتضى لوجوب القضاء وصحيحة الحلبي ورواية إبراهيم بن ميمون السابقات في مسألة تعمد البقاء على الجناية " ويرد عليه منع اشتراط الصوم بالطهارة الا في حال التذكر وان دلالة الخبرين على الوجوب غير واضحه ولعل حجة ابن إدريس حصول الصوم الموافق للامر المقتضى للاجزاء وكون وجوب القضاء بتكليف جديد منوط بفوات الأداء وهو في محل البحث غير ثابت وانما تجب الكفارة في صوم رمضان وجوب الكفارة في افساد صوم رمضان لا خلاف فيه ويدل عليه غير واحد من الأخبار المتقدمة في تضاعيف المباحث السابقة ويزيده تأكيدا ما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحد من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق و رواه الشيخ باسناد اخر عن عبد الله بن سنان عنه في الصحيح أيضا ورواه الصدوق في الصحيح أيضا ورواه الكليني عن جميل بن دراج باسنادين أحدهما حسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال إن رجلا اتى النبي صلى الله عليه وآله فقال هلكت يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال مالك قال النار يا رسول الله قال ومالك قال وقعت على أهلي قال تصدق واستغفر فقال الرجل (فو) والذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا قليلا ولا كثيرا قال فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال له رسول الله خذ هذا التمر وتصدق به فقال يا رسول الله على من أتصدق به وقد أخبرتك انه ليس في بيتي قليل ولا كثير قال فخذه واطعمه على عيالك واستغفر الله قال فلما خرجنا قال أصحابنا انه بدا بالعتق فقال أعتق أو صم أو تصدق وروى الصدوق عن عبد المؤمن الأنصاري في القوى عن أبي جعفر (ع) ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وآله فقال أهلكت (وأهلكت) فقال وما أهلكك قال أتيت امرأتي في شهر رمضان وانا صائم فقال النبي صلى الله عليه وآله أعتق رقبة قال لا أجد قال فصم شهرين متتابعين فقال لا أطيق قال تصدق على ستين مسكينا قال لا أجد فاتى النبي صلى الله عليه وآله بعذق في مكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر فقال النبي صلى الله عليه وآله خذها فتصدق بها فقال والذي بعثك بالحق نبيا ليس ما بين لا بتيها أهل بيت أحوج إليه منا فقال خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك قال الصدوق بعد ايراد هذا الخبر وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) ان المكتل اتى به النبي صلى الله عليه وآله كان فيه عشرون صاعا من تمر وتجب الكفارة أيضا في قضائه أي صوم رمضان بعد الزوال على المشهور بين الأصحاب وعن ابن عقيل عدم وجوب الكفارة فيه واحتمل الشيخ وجوب الكفارة إذا كان الافطار بعد العصر دون ما إذا كان قبله احتج الموجبون بما رواه الكليني عن الحسن بن محبوب في الصحيح والصدوق عنه في الصحيح عن الحرث بن محمد وهو غير ممدوح ولا مجروح الا ان له أصلا يرويه أحمد بن محمد بن عيسى (عن ابن أبي عمير) عن ابن محبوب عنه وفيه اشعار بحسن حاله عن بريد العجلي عن أبي جعفر (ع) في رجل اتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال إن كان اتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه الا يوما مكان يوم وإن كان اتى أهله بعد الزوال فان عليه ان يتصدق على عشرة مساكين فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع ورواه الشيخ عن الكليني إلى قوله فإن لم يقدر وما رواه الشيخ عن هشام بن سالم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل وقع على أهله وهو يقضى شهر رمضان
(٥٠٨)