اعطائهم من الصدقات المفروضة عند قصور الخمس عن كفايتهم فمما لا اعلم فيه خلافا بين الأصحاب وفي المنتهى ان عليه فتوى علمائنا أجمع والأصل فيه ما رواه الشيخ في الموثق بعلي بن الحسن بن فضال عن أبي عبد الله (ع) قال مواليهم منهم ولا تحل الصدقة من الغريب لمواليهم ولا بأس بصدقات مواليهم عليهم ثم قال إنه لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة ان الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ثم قال إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة والصدقة ولا تحل لاحد منهم الا ان لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة واختلف الأصحاب في القدر الذي جاز لهم اخذه في حال الضرورة فقيل إنه لا يتقدر بقدر ونسبه في (لف) إلى الأكثر وقيل لا يتجاوز قدر الضرورة واستقربه المصنف في المنتهى والشهيد في الدروس واختاره غير واحد من المتأخرين وهو أقرب لموثقة زرارة السابقة وعموم ما دل على المنع خرج منه مقدار الضرورة بالنص والاجماع فيكون حكم المنع باقيا في غيره وفسر مقدار الضرورة بقوت يوم وليلة وما يفهم من الرواية أضيق منه احتج المصنف في (لف) على القول الأول بأنه أبيح له الزكاة فلا يتقدر بقدر للأخبار الدالة على أن الزكاة لا يتقدر بقدر وانه يجوز ان يعطى الفقير ما يغنيه وضعفه ظاهر و إما جواز اعطائهم من العطاء المندوبة فلا اعلم فيه أيضا خلافا بين أصحابنا ونسبه في المنتهى إلى علمائنا وأكثر أهل العلم واستدل عليه بما روى من طريق العامة ان عليا (ع) وفاطمة (ع) وقفا على بني هاشم والوقف صدقة وفيه انه لا يدل على جواز اخذ الصدقة المندوبة من غير الهاشمي واستدل عليه أيضا بما رواه وعن جعفر بن محمد عن أبيه انه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقلت له أتشرب من الصدقة فقال انما حرم علينا الصدقة المفروضة واستدل عليه أيضا بأنه لا خلاف في جواز معاونتهم والعفو عنهم وغير ذلك من وجوه المعروف وقد قال (ع) كل معروف صدقة رواه الصدوق مرسلا والأخبار الدالة على فضل اعطائهم وصلتهم وبذل الأموال لهم كثيرة وفيه تأمل لان ما دل على منع الصدقة أخص والخاص حاكم على العام والظاهر أن حمل الصدقة على كل معروف مجاز فلا يصح الاستناد أيضا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقترض ويقبل الهدية وكل ذلك صدقة إذ الظاهر من الصدقة ما يدفع من المال إلى المحاويج على سبيل سد الخلة ومساعدة الضعيف طلبا للاجر لا ما جرت العادة بفعله على سبيل التودد كالهدية والقرض وقد صرح به المصنف في المنتهى ولهذا لا يقال للسلطان إذا قبل هدية بعض رعيته انه قبل الصدقة منه والوجه الاستدلال بما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) أنه قال لو حرمت علينا الصدقة لم يحل لنا ان نخرج إلى مكة لان كل ما بين مكة والمدينة فهو صدقة ويمكن المناقشة فيه بجواز كون تلك الصدقات لبني هاشم فلا يلزم جواز اخذ الصدقة المندوبة مطلقا وعن جعفر بن إبراهيم الهاشمي في القوى عندي والصحيح عند جماعة من الأصحاب عن أبي عبد الله (ع) أنه قال قلت له أتحل الصدقة لبني هاشم فقال انما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحل لنا فاما غير ذلك فليس به بأس ولو كان كذلك ما استطاعوا ان يخرجوا إلى مكة هذه المياه عامتها صدقة وما رواه الكليني عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي باسناد معتبر ورواه الشيخ أيضا عنه باسناد اخر قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي فقال هي الزكاة فقلت فيحل صدقة بعضهم على بعض قال نعم وعن زيد الشحام في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الصدقة التي حرمت عليهم فقال هي الزكاة المفروضة الحديث وهل حكم الكفارة حكم الزكاة في عدم جواز اخذها فيه وجهان أقربهما الجواز للروايتين المذكورتين واحتمل المصنف في التذكرة المنع وفي حكم الكفارة المنذورة والموصى بها واما جواز الاخذ إذا كان المعطي هاشميا فقد مر بيانه واما جواز اعطائها لمواليهم والمراد بهم عتقائهم كما صرح به المصنف في المنتهى فلعموم الأدلة وعدم المانع ورواية جميل بن دراج السابقة عن قريب وما رواه الشيخ والكليني عن ثعلبة بن ميمون في الحسن بثعلبة قال كان أبو عبد الله (ع) يسهل شهابا من زكاته لمواليه وانما حرمت الزكاة عليهم دون مواليهم وما رواه الكليني عن سعيد بن عبد الله الا عرج في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيحل الصدقة لموالي بني هاشم قال نعم واما ما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال مواليهم منهم ولا تحل الصدقة من الغريب لمواليهم ولا بأس بصدقات مواليهم عليهم فذكر الشيخ ان المراد به إذا كان الموالى مماليك لهم ويلزمهم القيام بنفقاتهم لا يجوز لهم ان يعطوا الزكاة لان المملوك لا يجوز ان يعطى الزكاة وهو حسن جمعا بين الأدلة ونقل في (لف) عن ابن الجنيد كراهتها لعتيقهم وتحريمها لمملوكهم واستوجهه ويشترط العدالة في العامل هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ونقل الشهيد في الدروس الاجماع عليه وعلل بان العمالة يتضمن الاستيمان على مال الغير ولا أمانة لغير العدل وبقول أمير المؤمنين (ع) في الرواية الطويلة المشتملة على آداب المصدق فإذا قبضته فلا توكل به الا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا ويشترط أيضا في العامل علمه بفقه الزكاة ولعل المراد ما يحتاج إليه ويختلف ذلك باختلاف العاملين بالنسبة إلى ما يتولونه من الأعمال ويظهر من المحقق في المعتبر الميل إلى عدم اعتبار الفقه في العامل والاكتفاء بسؤال العلماء واستحسنه الشهيد في البيان ويتخير الامام بين الجعالة والأجرة للعامل ويجوز عدم التعيين واعطائهم ما يراه الإمام (ع) كباقي الأصناف بدلالة ما رواه الكليني عن الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال قلت ما يعطى المصدق قال ما يرى الامام ولا يقدر له شئ وفي (ن) لو عين له اجرة فقصر السهم عن اجرته أئمة الامام من بيت المال ومن باقي السهام ولو زاد نصيبه عن اجرته فهو لباقي المستحقين واعترض عليه بان ذلك انما يتفرع على ذلك وجوب البسط على الأصناف على وجه التسوية وهو غير معتبر عندنا وهو حسن والقادر على تكسب المؤنة بصنعة أو غيرها ليس بفقير وإن كان معه خمسون درهما على المشهور بين الأصحاب وحكى الشيخ في (الخلاف) عن بعض أصحابنا انه جوز دفع الزكاة إلى المكتسب من غير اشتراط القصور كسبه والأول أقرب لما روى الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال سمعته يقول إن الصدقة لا تحل لمحترف ولا لذي مرة سوى قوى فتنزهوا عنها وروى الشيخ عن سماعة قال سئلته عن الزكاة لمن يصلح ان يأخذها قال هي تحل للذين وصف الله في كتابه للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله وقد يحل الزكاة لصاحب سبعمائة ويحرم على صاحب خمسين درهما فقلت له كيف يكون هذا فقال إذا كان صحاب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم يكفه فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله واما صاحب الخمسين فإنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب منها ما يكفيه (إن شاء الله) قال وسألته عن الزكاة هل يصلح لصاحب الدار والخادم فقال نعم الا ان يكون داره دار غلة ليخرج له من غلتها دراهم يكفيه وعياله وان لم يكن الغلة يكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم في غير اسراف فقد حلت له الزكاة وإن كانت غلتها تكفيهم فلا واستدل في المختلف للشيخ بأنه غير مالك للنصاب ولا لقدر الكفاية فجاز له الاخذ من الصدقة كالفقير وأجاب عنه بالفرق فان الفقير محتاج إليها بخلاف صورة النزاع والظاهر أنه يعتبر في الاكتساب والصنعة كونهما لا يقين بحاله عادة لان في التكليف بغير اللائق بحاله عادة الحرج والضرر المنفيان بالنص واستوجه المصنف في المنتهى جواز اخذ الزكاة لو كان التكسب يمنعه من النفقة لأنه مأمور بالنفقة في الدين إذا كان من أهله وهو انما يتم فيما إذا كان النفقة واجبا بالنسبة إليه لا مطلقا ولو قصر تكسبه عن مؤنة السنة لنفسه وعياله جاز له اخذ الزكاة وإن كان معه ثلاثمأة لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب وفي التذكرة انه موضع وفاق بين العلماء وقد مر بعض الأخبار الدالة عليه ويدل عليه أيضا صدق الفقير عرفا وتخصيص الثلثمائة بالذكر لورودها في بعض الأخبار واختلف الأصحاب في تقدير المأخوذ فذهب الأكثر إلى أنه لا يتقدر بقدر بل يجوز ان يعطى ما يغنيه ويزيد على غناه كما في غير المكتسب وحكى جماعة من الأصحاب قولا بان ذا الكسب القاصر لا يأخذ ما يزيد على كفايته واستحسنه الشهيد في البيان وظاهر جماعة من الأصحاب ان محل الخلاف ذو الكسب القاصر وظاهر المصنف في المنتهى وقوع الخلاف في غيره أيضا حيث قال لو كان معه ما يقصر عن مؤنته ومؤنة عياله حولا جاز له اخذ الزكاة لأنه محتاج وقيل لا يأخذ
(٤٦١)