وجب عليه الخمس باعتبار كونه من الأرباح واستقرب الشهيد في البيان مساواة ما يؤخذ من البحر بغير غوص لما يؤخذ بالغوص وهو غير بعيد لعل مستنده اطلاق رواية أحمد بن أبي نصر السابقة في اعتبار النصاب في المعدن و الظاهر عدم وجوب الخمس فيما يؤخذ مطروحا في الساحل للأصل السالم عن المعارض والمعتبران اخذ بالغوص فله حكمه اي حكم الغوص وان اخذ من وجه الماء فمعدن قال ابن إدريس نقلا عن الجاحظ في كتاب الحيوان أنه قال العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكل منه شئ الا مات ولا ينقره طائر بمنقاره الا يضل فيه منقاره وإذا وضع رجليه عليه نصلت أظفاره وعن الشيخ انه نبات من البحر وعن ابن جزلة المتطبب في كتاب منهاج البيان انه من عين في البحر وفي القواعد العنبر من الطيب روث دابة بحرية أو نبع عين فيه ونقل الشهيد في البيان عن أهل الطب انهم ذ قالوا إنه جماجم يخرج من عين في بحر أكبرها وزنه ألف مثقال والظاهر اتفاق الأصحاب على وجوب الخمس فيه ويدل عليه الرواية المتقدمة في المسألة السابقة واختلفوا في مقدار نصابه فذهب الأكثر إلى أنه ان اخرج بالغوص روعي فيه مقدار دينار كما في الغوص وان اخذ من وجه الماء أو من الساحل كان له حكم المعادن وعن المفيد في المسائل الغرية ان نصابها عشرون دينارا وظاهر الشيخ في النهاية وجوب الخمس فيه من غير اعتبار نصاب ولعله أقرب لانتفاء ما يدل على تعميم اعتبار الدينار فيما يخرج بالغوص وعدم صدق اسم المعدن على ما يؤخذ من وجه الماء والخمس واجب أيضا فيما يفضل عن مؤنة سنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات وفي المعتبر والمنتهى وجميع الاكتسابات وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ونسبه في المعتبر إلى كثير من علمائنا وفي المنتهى إلى علمائنا أجمع ونقل عن ابن الجنيد أنه قال واما ما استفيد من ميراث أو كد يد أو صلة أو ربح تجارة أو نحو ذلك فالأحوط اخراجه لاختلاف الرواية في ذلك ولو لم يخرجه الانسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها الا ان فيما يوجب ذلك من لا يسع خلافه مما يحتمل تأويلا ولا يرد عليه رخصة في ترك اخراجه وظاهر كلامه العفو عن هذا النوع وفي البيان وظاهر ابن الجنيد وابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع وانه لا خمس فيه والأكثر على وجوبه وهو المعتمد لانعقاد الاجماع عليه في الأزمنة السابقة لزمانهما واشتهار الروايات فيه انتهى احتج الموجبون بقوله تعالى واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول والآية وفيه نظر لان الغنيمة لا يشمل الأرباح لغة وعرفا على أن المتبادر من الغنيمة الواقعة في الآية غنيمة دار الحرب كما يدل عليه سوق الآيات السابقة واللاحقة وبالاخبار منها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الضعيف قال قال أبو عبد الله (ع) على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة (ع) ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذلك لهم خاصة يصنعونه حيث شاؤوا وحرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق الا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولاية انه ليس شئ عند الله يوم القيمة أعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا ورد هذه الرواية بضعف السند لان من جملة رجالها عبد الله ابن القسم الحضرمي وقال النجاشي انه كان كذابا يروى عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتد بروايته والعجب أن المصنف وصفها بالصحة وبان ظاهرها اختصاص الخمس بالأئمة (ع) و هو خلاف المعروف من مذهب الأصحاب وفيه بحث سيجيئ بيانه وعن حكم مؤذن بنى عبيس في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول الآية قال هي والله الإفادة يوما بيوم الا ان أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا ورواه الكليني عن حكم في الضعيف أيضا ورد بضعف السند لاشتماله على عدة من الضعفاء والمجاهيل وفي الصحيح إلى محمد بن الحسن الأشعري وهو مجهول قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني اخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الضياع فكيف ذلك فكتب بخطه الخمس بعد المؤنة ورد بجهالة الراوي وعن علي بن مهزيار في الصحيح قال قال لي أبو علي بن راشد قلت له أمرتني بالقيام بامرك واخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم وأي شئ حقه فلم أدر ما أجيبه فقال يجب عليهم الخمس فقلت في اي شئ فقال في أمتعتهم وضياعهم قلت فالتاجر عليه والصانع بيده فقال ذلك إذا أمكنهم بعد مؤنتهم ورد بأنه يقتضى اختصاص الخمس بالأئمة (ع) وهو خلاف المعروف من مذهب الأصحاب وفيه تأمل وبان راويها لم يوثق في كتب الرجال صريحا وفيه نظر لان الشيخ وثقه في كتاب الرجال ومنهم من عد الخبر حسنا وليس بشئ ولا عن ريان بن الصلت في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال كتبت إلى أبي عبد الله (ع) ما الذي يجب علي يا مولاي في غلة وحي في ارض قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردى وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة فكتب يجب عليك فيه الخمس انشاء الله قال وفي (ق) القطيعة كشريعة الهجران ومحال ببغداد اقطعها المنصور أناسا من أعيان (اردلته) ليعمروها ويسكنوها وسمى تلك المحال بعينها ثم قال واقطعه قطيعة اي طائفة من أرض الخراج قال في المنتهى بعد نقل ذلك عن (ق) وغير خفى ان لفظ الحديث محتمل للمعنيين والمناسب للأول في تركيبه الإضافة وللثاني الأبتاع على الوصفية أو البدلية ويتبعه في الاحتمال متعلق الجار في فوله لي والتقييد بالقطيعة على جميع الاحتمالات لبيان الواقع لا لخصوصية في غلتها كما قد يتوهم بذلك يشهد (شهد) صدق التأمل فلا مجال للتشكيك في دلالته على ثبوت الخمس في الغلات من هذه الجهة انتهى كلامه وهو حسن وعن علي بن مهزيار في الصحيح قال كتبت إلى أبو جعفر (ع) وقرات انا كتابه إليه في طريق مكة قال الذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومأتين فقط لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار وسأفسر لك بعضه إن شاء الله ان موالى اسئل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فأجبت ان أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس قال الله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام ولا أوجب عليهم الا الزكاة التي فرضها الله تعالى عليهم وانما أوجب عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول ولم أوجب ذلك عليهم في انية ولا متاع ولا دواب ولا خدم ولاربح ربحه في تجارة ولا ضيعة الا ضيعة ما فسر لك أمرها تخفيفا منى عن موالى ومنا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينويهم في ذاتهم فاما الغنايم والفوايد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير فالغنايم والفوايد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والحايزة من الانسان للانسان التي لها خطر والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ومثل مال يوجد لا يعرف له صاحب ومن ضرب ما صار إلى موالى من أموال الخرمية والفسقة فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالى فمن كان عنده من ذلك فليتوصل إلى وكيلي ومن كان نائبا بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين فان نية المؤمن خير من علمه فاما الذي أوجب من الضياع والغلاة في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤنته ومن كانت ضيعته لا يقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك وقد ذكر بعض الأصحاب في هذا المقام بحثا يعجبني ان انقله بتمامه قال على ظاهر هذا الحديث عدة اشكالات ارتاب منها فيه بعض الواقفين عليه ونحن نذكرها مفصلة ثم نحلها بما يزيل عنه الارتياب بعون الله سبحانه ومشيته الاشكال الأول ان المعهود المعروف من أحوال الأئمة (ع) انهم خزنة العلم وحفظة الشرع يحكمون فيه بما استودعهم الرسول واطلعهم عليه وانهم لا يغيرون الاحكام بعد انقطاع الوحي وانسداد باب النسخ فكيف يستقيم قوله في هذا
(٤٨٠)