وثانيهما ورود الرواية بوجوب الزكاة في العنب إذا بلغ خمسة أوساق زبيبا وكانه إشارة إلى ما رواه الشيخ عن سليمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ليس في النخل صدقه حتى يبلغ خمسة أوساق والعنب مثل ذلك حتى يبلغ خمسة أوساق زبيبا وقال الشيخ بعد رواية رواها عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع) وقال في حديث اخر ليس في النخل صدقة إلى اخر الخبر المذكور والجواب ان لمفهوم هذا الكلام احتمالان أحدهما إناطة الوجوب بحالة يثبت له البلوغ خمسة أوساق حال كونه زبيبا وثانيهما إناطة الوجوب بحالة يقدر له هذا الوصف والاستدلال بهذا الخبر انما يستقيم على تقدير ظهور المعنى الثاني وهو في معرض المنع بل لا يبعد ادعاء ظهور المعنى الأول إذ اعتبار التقدير خلاف الظاهر من اللفظ ولا يرجح المعنى الثاني زوال وصف العنبية عند كونه زبيبا لان مثله شايع فإذا قيل لا تجب الصلاة على الصبي حتى يعقل الأشياء بالغا لا يفهم منه المعنى التقديري سلمنا لكن لابد من التأويل جمعا بين هذا الخبر وبين الاخبار التي أشرنا إليها ولا رجحان لارتكاب التأويل في تلك الأخبار وبدونه لا يتم الاستدلال هذا الخبر على أنه يجوز ان يكون اسناد الحكم إلى العنب من قبيل المساهلة في التعبير باعتبار ما يحصل منه وما يؤل إليه كما في الاسناد إلى النخل في الجزء الأول من الخبر فلا يبعد المصير إليه جمعا بين الأدلة وعلى كل تقدير لا دلالة في الخبر على قول المصنف بل على ما نقل في البيان عن ابن الجنيد والمحقق ويمكن الاستدلال له أيضا بما رواه الكليني عن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح قال سألت سألت أبا الحسن (ع) عن أقل ما يجب منه الزكاة من البر والشعير والتمر والزبيب فقال خمسة أوساق بوسق النبي صلى الله عليه وآله فقلت كم الوسق قال ستون صاعا قلت فهل على العنب زكاة و انما يجب عليه إذا صيره زبيبا قال نعم إذا خرصه اخرج زكاته وعن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح أيضا عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن الرجل إلى أن قال وعن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى يجب على صاحبها قال إذا صرم وإذا خرص ويمكن الجواب عن الخبر الأول بأنه محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة وفي بعض نسخ الكليني الواو بدل أو وعلى هذا قرب معنى الاستحباب جدا كما لا يخفى على المتدبر ويحتمل ان يكون الغرض في السؤال استعلام وجوب الزكاة في حال الغيبة من باب التقديم إذا علم الوصول إلى حد الزبيبية جامعا للشرائط والجواب شديد الانطباق على هذا المعنى وبالجملة يجوز ان يكون أصل الوجوب في حال الغيبة واستقراره في حال الزبيبية وبالجملة هذا التأويل في مقام الجمع غير بعيد على أن لنا ان نستدل بهذا الخبر على ما رجحنا بان المستفاد منه عدم الوجوب عند عدم الخرص وهو ينافي الوجوب المطلق وعن الثاني بأنه يجوز ان يكون الخرص فيما صار تمرا على النخل مثلا والصرام في غيره لقصر الحكم في السؤال على الأربعة المذكورة ولا يلزم من ذلك ثبوت الحكم عند الغيبة والبسرية ويحتمل ان يكون المراد ان وقت الخرص والصرام أول وقت وجوب اعطاء الزكاة من باب التقديم إذا علم وصوله إلى حد التمرية والزبيبية جامعا للشرائط هذا مع احتمال حمل الوجوب على الاستحباب المؤكد جمعا بين الأدلة وربما استأنس للقول المشهور بما روى من طريق العامة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث على الناس من يخرص عليهم وفيه ان ذلك على تقدير ثبوته يجوز ان يكون مختصا بما كان تمرا على النخل أو يكون الغرض من ذلك أن يؤخذ منهم إذا صارت التمرة تمرا وزبيبا فإذا لم يبلغ ذلك لم يؤخذ منهم ووقت الوجوب في غيرها اي الغلات إذا أهل الشهر الثاني عشر من زمان حصولها في يده ولا يعتبر كمال الثاني عشر لا أعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب ونسبه في المنتهى والمعتبر إلى علمائنا وفي التذكرة إلى علمائنا أجمع ويدل عليه ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال قلت له رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده وأهله فرارا من الزكاة فعل ذلك قبل حلها بشهر فقال إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في تحقق الوجوب بدخول الشهر الثاني عشر ولا في ان اختلال بعض الشروط قبله يوجب استيناف الحول انما الخلاف في أمرين أحدهما ان الثاني عشر هل يحتسب من الحول الثاني أو من الأول ذهب إلى الأول الشيخ فخر الدين ولد المصنف والى الثاني الشهيد في البيان والدروس واستشكله المصنف في التذكرة حجة الأول الخبر المذكور وجه الاستدلال ان الفاء تقتضي التعقيب بلا فصل فبأول جزء منه يصدق عليه انه حال عليه الحول وحال فعل ماض لا يصدق الا بتمامه وربما ينازع في كون الفاء الجزائية يقتضي التعقيب لكن الظاهر أن صحة الاستدلال غير متوقفة عليه بل يكفي فيها عموم الشرط وترتب الجزاء وحجة الثاني أصالة عدم النقل وهو ضعيف بعد دلالة الخبر على خلافه فظهر ان المتجه القول الأول وثانيهما ان الوجوب هل هو مستقر بدخول الثاني عشر أم لا حتى يكون الاختلال فيه كالاختلال فيما قبله ظاهر الأصحاب الأول واختاره غير واحد من المتأخرين وهو أقرب للخبر المذكور مضافا إلى الاجماع المنقول سابقا وقد ذكرنا سابقا ان الوجه عندي العمل بمثل هذه الأخبار خصوصا إذا انضم إليه عمل الأصحاب والاشتهار بينهم قال الشهيد الثاني لاشك في حصول أصل الوجوب بتمام الحادي عشر ولكن هل يستقر الوجوب به أم يتوقف على تمام الثاني عشر الذي اقتضاه الاجماع والخبر السالف الأول لان الوجوب دائر مع الحول وجودا مع باقي الشرائط وعدما لقول النبي صلى الله عليه وآله لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وقول الصادق (ع) لا تزكية حتى يحول عليه الحول ثم أشار إلى دلالة الخبر السابق على تحقق الحول بدخول الثاني عشر ثم قال ويحتمل الثاني لأنه الحول لغة والأصل عدم النقل ووجوبه في الثاني عشر لا يقتضي عدم كونه من الحول الأول لجواز حمل الوجوب بدخوله على غير المستقر قال والحق ان الخبر السابق ان صح فلا عدول عن الأول لكن في طريقه كلام فالعمل على الثاني متعين إلى أن يثبت وحينئذ فيكون الثاني عشر جزء من الأول واستقرار الوجوب مشروط بتمامه واعترض عليه بأنه صرح في مسألة عد السخال من حين النتاج بان هذا الطريق صحيح وان العمل به متعين فلا معنى للتوقف هنا مع اتحاد السند وما ذكره من توقف استقرار الوجوب على تمام الثاني عشر مخالف للاجماع كما اعترف به (ره) ولا يجوز التأخير مع المكنة اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر إلى عدم جواز التأخير عن وقته الا لمانع كما اختاره المصنف وقال الشيخ في النهاية وإذا حال الحول فعلى الانسان ان يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخره ثم قال وإذا عزل ما يجب عليه فلا بأس ان يفرقه ما بين شهر وشهرين ولا يجعل ذلك أكثر منه وقال المفيد في المقنعة الأصل في اخراج الزكاة عند حلول وقتها دون تقديمها عليه وتأخيرها عنه كالصلاة وقد جاء عن الصادقين (ع) رخص في تقديمها شهرين قبل محلها وتأخيرها شهرين عنه وقد جاء ثلاثة أشهر أيضا وأربعة أشهر عند الحاجة إلى ذلك وما يعرض من الأسباب والذي اعمل عليه هو الأصل المستفيض عن آل محمد عليهم السلام من لزوم الوقت وقال ابن إدريس وإذا حال الحول فعلى الانسان ان يخرج ما يجب عليه إذا حضر المستحق فان اخر ذلك ايثارا به مستحقا غير من حضر فلا اثم عليه بلا (بغير) خلاف الا انه ان هلك قبل وصوله إلى من يريد اعطائه إياه يجب على رب المال الضمان وقال بعض أصحابنا إذا حال الحول فعلى الانسان ان يخرج ما عليه على الفور ولا يؤخره فان أراد على الفور وجوبا مضيقا بخلاف اجماع أصحابنا لأنه لا خلاف بينهم ان للانسان ان يخص زكاته فقيرا دون فقير وانه لا يكون مخلا بواجب ولا فاعلا لقبيح وان أراد بقوله على الفور انه إذا حال الحول وجب عليه اخراج الزكاة فإن لم يخرجها طلبا وايثارا لغير من حضر من مستحقيها وهلك المال فإنه يكون ضامنا فهذا الذي ذهبنا إليه واخترناه ونقل في البيان عن الشيخين جواز تأخيرها اشتهرت وحكاه في التذكرة عنهما لكن بشرط العزل وجوز الشهيد في الدروس التأخير لانتظار الأفضل والتعميم لكن وزاد في البيان تأخيرها لمعتاد الطلب منه ما لم يؤد إلى الاهمال وجزم الشهيد الثاني بجواز تأخيرها شهرا وشهرين خصوصا للبسط ولذي المزية واختاره في المدارك وهو أقرب لنا ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل يحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم قال لا بأس قال قلت فإنها لا يحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان قال لا بأس وعن حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها المواضع فيكون بين أوله واخره ثلاثة أشهر قال لا باس ورواه الكليني بتفاوت يسير في المتن عن عبد الله باسناد حسن بإبراهيم بن هاشم ونقله بن إدريس عن نوادر محمد بن علي بن محبوب عنه باسناد ظاهر الصحة عن يونس بن
(٤٢٨)