ويحتمل عوده إلى التمتع وربما يرجح بان ذلك للبعيد والأخبار الدالة على ما ذكرناه كثيرة كاد ان يبلغ حد التواتر فمنها ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) جعفر بن محمد عن ابائه (ع) قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من سعيه بين الصفا والمروة اتاه جبرئيل (ع) عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال إن الله يأمرك ان تأمر الناس ان يحلوا الا من ساق الهدى (فاقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الناس بوجهه فقال يا أيها الناس هذا جبرئيل وأشار بيده إلى خلفه يأمرني عن الله عز وجل ان أمر الناس ان يحلوا الا من ساق الهدى) فأمرهم بما أمر الله به فقام إليه رجل فقال يا رسول الله نخرج إلى منى ورؤسنا تقطر من النساء وقال الآخر يأمر بالشئ ويصنع هو غيره فقال يا أيها الناس لو استقبلت من امرى ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ولكني سقت الهدى (و) فلا يحل من ساق الهدى حتى يبلغ الهدى محله فقصر الناس وأحلوا وجعلوها عمرة فقام إليه سراقة بن مالك بن جثعم المدلجي فقال يا رسول الله هذا الذي امرتنا به لعامنا هذا أم للأبد فقال بل للأبد إلى يوم القيمة وشبك بين أصابعه وانزل الله في ذلك قرانا فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى (وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة لان الله تعالى يقول فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى) فليس لأحد الا ان يتمتع لان الله انزل ذلك في كتابه وجرت بها السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الحلبي في الصحيح قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) عن الحج فقال تمتع ثم قال انا إذا وقفنا بين يدي الله [تع] قلنا يا ربنا أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا رأينا ويفعل الله بنا وبهم ما أراد وما رواه الكليني عن عبيد الله يعنى الحلبي قال سال رجل سألت أبا عبد الله (ع) وانا حاضر فقال انى اعتمرت في الحرم وقدمت الان متمتعا سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول نعم ما صنعت انا لا نعدل بكتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فانا إذا بعثنا ربنا اوردنا على ربنا قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا رأينا فيصنع الله بنا وبهم ما شاء وعن الحلبي باسنادين أحدهما صحيح والاخر حسن عن أبي عبد الله (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين حج حجة الاسلام خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى اتى الشجرة فصلى بها ثم قاد راحلته حتى اتى البيداء فاحرم منها وأهل بالحج وساق مائة بدنة وأحرم الناس كلهم بالحج لا ينوون عمرة ولا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة طاف بالبيت وطاف الناس معه ثم صلى ركعتين عند المقام واستلم الحجر ثم قال ابدا بما بدأ الله عز وجل به فاتى الصفا فبدا بها ثم طاف بين الصفا والمروة سبعا فلما قضى طوافه عند المروة قام خطيبا فأمرهم ان يحلوا ويجعلوها عمرة وهو شئ أمر الله عز وجل به فأحل الناس وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لو كنت استقبلت من امرى ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ولم يكن يستطيع ان يحل من أجل الهدى الذي معه ان الله [تع] يقول ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فقال سرافة ابن مالك بن جعثم الكناني يا رسول الله (علمنا) كانا خلقنا اليوم أرأيت هذا الذي امرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بل للأبد وان رجلا قام فقال يا رسول الله نخرج حجاجا ورؤسنا تقطر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله انك لن تؤمن بها ابدا قال واقبل علي (ع) من اليمن حتى وافى الحج فوجد فاطمة (ع) قد أحلت ووجد ريح الطيب فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مستفتيا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي بأي شئ أهللت (فقال أهللت) بما أهل به النبي صلى الله عليه وآله فقال لا تحل أنت فاشركه في الهدى وجعل له سبعا وثلاثين ونحر رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وستين نحرها بيده ثم اخذ من كل بدنة بضعة فجعلها في قدر واحد ثم أمر به فطبخ فاكل منه وحسا من المرق وقال قد اكلنا منها الان جميعا والمتعة خير من القارن السايق وخير من الحاج المفرد قال وسألته اليلا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أم نهارا فقال نهارا قلت أي ساعة قال صلاة الظهر والاخبار في هذا الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية وإذا عرفت هذا فاعلم أن أصحابنا اختلفوا في حد البعد المقتضى لتعين التمتع على قولين أحدهما انه اثنى عشر ميلا فما زاد عن مكة من كل جانب ذهب إليه الشيخ في [ط] وابن إدريس والمحقق في [يع] واختاره [المص] ومن أصحاب هذا القول من اعتبر هذا التقدير بالنسبة إلى مكة ومنهم من اعتبر بالنسبة إلى المسجد الحرام وثانيهما انه ثمانية وأربعون ميلا فما زاد عن مكة من كل جانب ذهب إليه أكثر الأصحاب منهم ابنا بابويه والشيخ في [يب] و [يه] والمحقق في المعتبر وجعل المحقق فيه القول الأول نادرا لا عبرة به وهو قول [للمص] واختاره في [س] وهو أقرب لنا ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت لأبي جعفر (ع) قول الله عز وجل في كتابه ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فقال يعنى أهل مكة ليس عليهم متعة كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عروة عسفان
(٥٥١)