الحج وان تحلل ولا اعرف خلافا في ذلك بين الأصحاب ونقل بعضهم الاجماع عليه واستدل عليه بان العبادات أمور توقفية متوقفة على النقل ولم يرد بذلك نقل وبقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ومع الادخال لا يتحقق الاتمام وفيه تأمل وبما رواه المشايخ الثلاثة عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل متمتع نسى ان يقصر حتى أحرم بالحج قال يستغفر الله وما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح والكليني عنه في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل أهل بالعمرة ونسى ان يقصر حتى دخل الحج قال يستغفر الله ولا شئ عليه وتمت عمرته وفي موثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) عليه دم يهريقه ولا بنية حجتين ولا عمرتين وقال الشيخ في [ف] من أهل بحجتين انعقد احرامه بواحدة منهما وكان وجود الأخرى وعدمها سواء ولا يتعلق بها حكم فلا يجب قضاؤها ولا الفدية وهكذا من أهل بعمرتين وذهب أبو حنيفة إلى وجوب قضاء إحديهما قال بعض الأصحاب إن كان المراد بنية الحجتين والعمرتين الاتيان بالحجة الثانية أو العمرة بعد التحلل من الأولى اتجه ما ذكره الشيخ لان الأولى وقعت نيتها صحيحة وصحة نية الاتيان بالثانية بعد التحلل من الأولى لا يقتضى الفساد فإن كان المراد به الاتيان بالثانية قبل التحلل من الأولى واحتساب الفعل الواحد عنهما فلا ريب في فساده ولا يخفى في فساد النية في الصورة الثانية لكن في كون ذلك مؤثرا في بطلان الحج [مط] تأمل (النظر الثاني) في الشرائط يشترط في حجة الاسلام التكليف لا اعرف خلافا في اشتراط كمال العقل في حجة الاسلام وفي المعتبر انه قول العلماء كافة وفي المنتهى انه قول فقهاء الأمصار ويدل على ذلك مضافا إلى عدم توجه الخطاب إلى غير المكلف قوله (ع) رفع القلم عن الصبى حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق والحرية فلا يجب الحج على المملوك وان اذن له مولاه لا اعرف في ذلك خلافا وفي المعتبر ان عليه اجماع العلماء ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن الفضل بن يونس في الموثق عن أبي الحسن (ع) قال ليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق وعن ادم بن علي وهو مجهول عن أبي الحسن (ع) قال ليس على المملوك حج ولا جهاد ولا يسافر الا بإذن مالكه وروى الصدوق عن الفضل بن يونس (في الموثق) قال سألت سألت أبا الحسن (ع) فقلت يكون عندي الجواري وانا بمكة فامرهن ان يعقدن بالحج يوم التروية واخرج بهن فيشهدن المناسك أو أخلفهن بمكة قال فقال إن خرجت بهن فهو أفضل وان خلفتهن عند ثقة فلا باس فليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق والاستطاعة وهي الزاد والراحلة ومؤنة عياله لا اعرف خلافا في اشتراط الاستطاعة في الحج وتدل عليه الآية والاخبار وقد اختلف في تفسيرها ففي المنتهى اتفق علماؤنا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما (أو أحدهما) مع بعد مسافته لا يجب عليه الحج وان تمكن من المشي ونسبه إلى طائفة من العامة وعن بعض العامة إن كان يمكنه المشي وعادته سؤال الناس لزمه الحج ويدل عليه (على) ما ذهب إليه الأصحاب ما رواه الكليني والشيخ عنه عن محمد بن يحيى الخثعمي في الحسن بإبراهيم قال سأل حفص الكناسي سألت أبا عبد الله (ع) وانا عنده عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ما يعنى بذلك قال من كان صحيحا في بدنه مخلى في سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج أو قال ممن كان له مال فقال له حفص الكناسي فإذا كان صحيحا في بدنه مخلى في سرية له زاد وراحلة فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج قال نعم وما رواه الكليني عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال سأله رجل عن أهل القدر فقال يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله اخبرني عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة فقال ويحك انما يعنى بالاستطاعة الزاد والراحلة ليس استطاعة البدن الحديث وبازائهما روايات تدل على عدم اعتبار الراحلة في حق المتمكن من المشي (مثل) ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل عليه دين أعليه ان يحج قال نعم ان حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين ولقد كان من حج مع النبي صلى الله عليه وآله مشاة ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع العميم فشكوا إليه الجهد والعنا فقال شدوا ازركم واستبطؤا ففعلوا ذلك فذهب عنهم وعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال يخرج ويمشى ان لم يكن عنده قلت لا يقدر على المشي قال يمشى ويركب قلت لا يقدر على ذلك أعني المشي قال يخدم القوم ويخرج معهم وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) قوله [تع] ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال يكون له ما يحج به قلت فان عرض عليه الحج فاستحى قال هو ممن يستطيع ولم يستحى ولو على حمار أجذع وابتر قال فإن كان يستطيع ان يمشى بعضا ويركب بعضا فليفعل وما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ما السبيل قال إن يكون له ما يحج به قال قلت من عرض عليه ما يحج به فاستحى من ذلك أهو ممن يستطيع إليه سبيلا قال نعم ما شانه يستحى ولو (يحج على) حمار أبتر فإن كان يطيق ان يمشى بعضا ويركب بعضا فليحج وأجاب الشيخ عن صحيحة معوية ورواية أبي بصير بالحمل على الاستحباب وهو مشكل سيما رواية أبي بصير حيث وقع السؤال فيها عن الآية الشريفة والمسألة [لا تخ] عن اشكال بعدم تصريح بالخلاف بين الأصحاب في اعتبار الزاد و الراحلة في الاستطاعة والذي يظهر من الاخبار كما عرفت خلافه ويعضد ذلك ما رواه الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج باسنادين أحدهم من الحسان بإبراهيم والاخر قوى عندي قال قلت لأبي عبد الله (ع) الحج على الغنى والفقير فقال الحج على الناس جميعا كبارهم وصغارهم فمن كان له عذر عذره الله وتؤيده الآية الشريفة حيث علق الحكم فيها بالاستطاعة وقد يقال اطلاق الامر ينصرف إلى المستطيع ببدنه لقبح تكليف غير المستطيع فلو أراد الله سبحانه بالاستطاعة لا استطاعة البدنية لكان تقييد قوله على الناس حج البيت بقوله من استطاع عبثا فلابد ان يكون التقييد بها لأمر اخر ولقائل أن يقول يجوز ان يكون التقييد للتأكيد والتصريح لعموم الحكم وإناطته بمجرد الاستطاعة دفعا لتوهم اشتراط الوجوب بأمر اخر ويؤيد ما ذكرته [ايض] عموم بعض الأخبار مثل ما رواه الشيخ عن ذريح المحاربي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من مات ولم يحج حجة الاسلام ما يمنعه من ذلك حاجة جانحة يجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا وقال من مضت له خمس حجج ولم يفد إلى ربه وهو موسر انه لمحروم ورواه الكليني عن ذريح في الصحيح والصدوق عنه في الحسن عنه (ع) بتفاوت ما في المتن وما رواه عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذره الله فيه فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام فإن كان موسرا وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه فان عليه ان يحج عنه من مال صرورة لا مال له وقال يقضى عن الرجل حجة الاسلام من جميع ماله وروى عن الحلبي في (أيضا عنه (ع) إلى قوله فإن كان واما ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في) الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قال الله ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال هذه لما كان عنده مال وصحة وإن كان سوقه للتجارة فلا يسعه فان مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام إذ هو يجد ما يحج به فإن كان دعاه قوم ان يحجوه فامتحى بلم يفعل فإنه لا يسعه الان ان يخرج ولو على حمار أجدع أبتر وعن قول الله ومن كفر يعنى من ترك فلا ينافي ما ذكرناه ان يجوز ان يكون المراد بالمال ما يقدر معه على الحج أو يكون محمولا على الغالب وعلى هذا تحمل حسنة محمد بن يحيى الخثعمي فان الغالب الاكثري حصول المشقة الشديدة للماشي واعلم أنه ذكر [المص] في المنتهى انه يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج إليهما لبعد مسافته إما القريب فيكفيه اليسير من الأجرة بنسبة حاجته والمكي لا يعتبر الراحلة في حقه ويكفيه التمكن من المشي ونحوه قال في [كره] وصرح بان القريب إلى مكة لا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا إليها وهو حسن لكن في تحديد القريب الموجب لذلك اشكال فالرجوع إلى اعتبار المشقة (شديدة) وعدتها متجه ويبقى الاشكال في تخصيص القرب بذلك والراحلة انما تعتبر مع توقف قطع المسافة عليها فلو أمكن السفر في البحر من غير مشقة شديدة اعتبر اجرة المركب خاصة وامكان المسير وهو لصحة و تخلية السرب أي الطريق والقدرة على الركوب وسعة الوقت لقطع المسافة وهذا الشرط مما لا أعرف فيه خلافا بين الأصحاب بل قال المحقق في المعتبر انه متفق عليه بين العلماء وقد مر في المسألة السابقة ما يصلح حجة عليه ولا يجب على الصبى والمجنون وقد مر بيان ذلك ولو حجا أو حج عنهما لم يجز عن حجة الاسلام وفي المنتهى انه لا يعرف فيه خلافا ويدل على هذا الحكم في الصبى ما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمار في الموثق قال سألت سألت أبا الحسن (ع) عن ابن عشر سنين يحج قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم وكذلك الجارية
(٥٥٧)