على الصفا فسألهما فقالا ان الصدقة لا تحل الا في دين موجع أو غرم مقطع أو فقر مدقع ففيك شئ من هذا قال نعم فاعطياه وقد كان الرجل سئله عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر فاعطياه ولم يسألاه عن شئ فرجع إليهما فقال لهما مالكما لم تسئلاني (عما سأله عنه) الحسن والحسين وأخبرهما بما قالا فقالا انهما غذيا بالعلم غذاء وفي الوجهين نظر أما الأول فلان القدر المعلوم فضل التقسيط بالنسبة إلى من يثبت فقره لا إلى كل فقير في الواقع والتحاشي عن الحلف نشأ من قبل الفقير فله الحلف والاخذ فلا يكون حرمانه بدونه تقصير للمالك نعم ان قلنا بتوقف الاعطاء على البينة يلزم حرمان كثير من الفقراء وفي كون ذلك موجبا للتعويل على الدعوى مطلقا اشكال واما الثاني فلضعف سند الرواية وعدم موافقه الحصر المفهوم منه لما يثبت بالأدلة وبالجملة جواز اعطاء الفقير بدون البينة أو الحلف محل اشكال ينشأ من عدم دليل دال عليه فلا يحصل اليقين بالبرائة ومن انه لم يعهد عنهم (ع) شيئا من ذلك والظاهر أنه لو كان لنقل لكن المصنف في المنتهى و (لف) ادعى الاجماع على جواز اعطاء العاجز إذا ادعى العجز عن الكسب إذا لم يعرف له أصل مال من غير بينة ولا يمين وأما إذا لم يكن عاجزا في الظاهر وادعى العجز عن الاكتساب لنفسه ولم يعرف له أصل مال ولم يقم البينة على دعواه ولكنه حلف فلا اعرفه خلافا في الجواز إذا كان المدعى عدلا لكن التعويل على مجرد ذلك لا يخلو عن اشكال وأما إذا كان فاسقا ففيه الخلاف من جهة أخرى وهي منع الفاسق من الزكاة والتعويل على دعواه مشكل لاية التثبت والتحقيق ان تحصيل العلم بالفقر غير معتبر والا لزم حرمان أكثر الفقراء وانتفاء ذلك معلوم من عادة الأئمة (ع) وكذا السلف وهل يكفي الظن الحاصل من الامارات أو من دعواه مطلقا وإذا كان أمينا مطلقا أو عند تعذر البينة أم لا بل يحتاج إلى البينة مطلقا أو في بعض صور المسألة أو يحتاج إلى الحلف كذلك لي فيه توقف إلى أن يفتح الله علي طريق معرفته ويصدق مدعى الفقر في ادعائه تلف ماله إذا عرف له أصل مال وخالف فيه الشيخ في المبسوط حيث ذهب إلى أنه يكلف بينة ونقل المحقق في الشرايع قولا بأنه يحلف وقيل إن هذا القول منقول عن الشيخ ره والكلام في هذه المسألة يعلم مما سبق ويصدق في ادعاء الكتابة إذا لم يكذبه المولى وشرح المسألة ان العبد إذا ادعى الكتابة وعلم صدق دعواه أو أقام بينة عليها فلا كلام والا فلا يخلو إما ان يكذبه المولى أو يصدقه أو لم يعلم حال السيد من تصديق أو تكذيب فان كذبه المولى فإنه لا يقبل قوله الا ببينة وان صدقه المولى فالمشهور بينهم انه يقبل قوله من غير بينة وأطلق الشيخ انه لا يقبل قول المكاتب في ادعاء الكتابة الا ببينة وقطع المصنف في التذكرة بالأول ونقل عن الشافعي انه لا يقبل الا ببينة لجواز التواطئ لاخذ الزكاة وعلل الأول بأصالة العدالة وبان الحق في العبد للمولى فإذا أقر بالكتابة قبل وفي التعليلين ضعف ونقل عن الشيخ أنه قال الأول أولي فيمن عرف ان له عبدا والثاني أحوط فيمن لا يعرف ذلك من حاله ولو لم يعلم تصديق السيد ولا تكذيبه إما لبعده أو لغير ذلك فالمشهور بين المتأخرين قبول دعواه من غير بينة وظاهر اطلاق الشيخ في المبسوط العدم ويظهر من الشرايع وجود قول بتوقف القبول على البينة مطلقا أو الحلف حجة الأول نحو مما مر في مسألة ادعاء الفقر ولى في المسألة توقف واشكال وإن كان القول بتوقف القبول على البينة مطلقا أحوط بل أقرب وكذا يصدق في ادعاء الغرم ان لم يكذبه الغريم سواء صدقه أو لم يعلم حاله من التصديق والتكذيب على المشهور بينهم وفي الشرايع وقيل لا يقبل فيحتمل ان يكون المراد بدون الحلف أو البينة قيل موضع الخلاف الغارم لمصلحة نفسه إما الغارم لمصلحة ذات البين فلا يقبل دعواه الا بالبينة قولا واحدا ولا يجب اعلامه اي الفقير أو غيره من أصناف المستحقين للزكوة انها زكاة عند استجماع الشرائط من الاستحقاق والبينة وغيرها فيجوز الدفع إلى المترفع منها على هذا الوجه وقال المصنف في التذكرة انه لا يعرف فيه خلافا والحجة عليه انتفاء ما دل على وجوب الاعلام مع أن الأصل عدمه لحصول الامتثال بدونه و يدل عليه أيضا ما رواه ابن بابويه عن أبي بصير في الحسن بإبراهيم بن هاشم والكليني عنه في الضعيف قال قلت لأبي جعفر (ع) الرجل من أصحابنا يستحيى ان يأخذ من الزكاة فاعطيه من الزكاة ولا اسمى له انها من الزكاة فقال اعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن واما ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي جعفر (ع) الرجل يكون محتاجا فنبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة يأخذه من ذلك زمام واستحياء وانقباض أفنغطيها إياه على غير ذلك الوجه وهي منا صدقة فقال لا إذا كانت زكاة فله ان يقبلها على وجه الزكاة فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه وما ينبغي له ان يستحيى مما فرض الله عز وجل انما هي فريضة الله فلا يستحيى منها فيمكن الجمع بينها وبين الرواية السابقة بوجهين أحدهما حمل المنع في هذه الرواية على الكراهية وثانيهما حملها على المنع من اعطائه على غير وجه الزكاة بان يصرح بأنه من غير الزكاة و الرواية الأولى على عدم تسمية كونه زكاة من غير تصريح بأنه غير الزكاة واعلم أنه يعلم من هذه الرواية انه لا ينبغي عدم قبول الزكاة من المستحق وقد روى الكليني في غير واحد من الروايات وابن بابويه عن أبي عبد الله (ع) تارك الزكاة وقد وجبت له كمانعها وقد وجبت عليه ولو ظهر عدم الاستحقاق بعد أن أعطاه المالك من الزكاة بعد ادعائه الفقر أو غيره من وجوه الاستحقاق أو قيام البينة على ذلك أو الحلف ان قلنا بالاحتياج إليه ارتجعت الزكاة إلى المالك مع المكنة والا اي وان لم يمكن الارتجاع أجزأت عنه ولا يجب عليه الإعادة إما الارتجاع مع المكنة فظاهر لان الاخذ عاص محض بأخذه فيتعلق به وجوب الرد مع بقاء العين والمثل والقيمة مع التلف وذلك إذا علم الاخذ انها زكاة إما مع انتفاء علمه بذلك فاختلف الأصحاب فيه فقطع المحقق في المعتبر بعدم جواز الارتجاع لأن الظاهر أنها صدقة وفي المنتهى ليس للمالك الرجوع لان دفعه يحتمل للوجوب والتطوع واستقرب في التذكرة جواز الاسترجاع لفساد الدفع لأنه أبصر بنيته واستجوده بعض المتأخرين بشرط بقاء العين وانتفاء القرائن الدالة على كونها صدقة واما الأجزاء مع التعذر فلا اعلم فيه خلافا إذا كان الدافع الامام أو نائبه وفي المنتهى انه لا خلاف فيه بين العلماء لان المالك خرج من العهدة بالدفع إلى الامام أو نائبه والدافع خرج من العهدة بالدفع إلى من يظهر منه الفقر وايجاب الإعادة بأنها تكليف جديد ينتفى (منفي) بالأصل وأما إذا كان الدافع هو المالك فاختلف الأصحاب فيه فقال جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط انه لا ضمان عليه أيضا وقال المفيد وأبو الصلاح يجب عليه الإعادة واستقرب المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر سقوط الضمان مع الاجتهاد وثبوته بدونه حجة الأول انه دفعها إلى من ظاهره الفقر دفعا مشروعا فيحصل الامتثال ولا يستعقب الإعادة للأصل وفقد حجة واضحة عليها كالامام ويرد عليه ان الحجة على الإعادة رواية الحسين بن عثمان الآتية احتج الموجبون بوجهين أحدهما انه دفعها إلى غير مستحقها فلا تقع مجزية كالدين والجواب ان الدفع كان إلى المستحق بحسب الظاهر وإن كان غير مستحق بحسب الواقع فيكون مجزيا لان التكليف منوط بالاستحقاق الظاهري والقياس على الدين غير صحيح من غير حجة يصح التعويل عليها وثانيهما ما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان في الصحيح عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في رجل يعطى زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر فوجده موسرا قال لا يجزى عنه وفي سند الرواية ارسال لكن في صحتها إلى ابن أبي عمير نوع قوة للرواية حجة المفصلين وجهان الأول ان المالك امين على الزكاة فيجب عليه الاجتهاد والاستظهار في دفعها إلى مستحقها فبدونه يجب الإعادة الثاني ما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبيد بن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول ما من رجل يمنع درهما في حق الله الا أنفق اثنين في غير حقه وما من رجل يمنع حقا من ماله الا طوقه الله عز وجل به حية من نار يوم القيمة حية من نار يوم القيمة قال قلت له رجل عارف أدي الزكاة إلى غير أهلها زمانا هل عليه ان يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم قال نعم قال قلت فإن لم يعرف لها أهلها فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك قال يؤديها إلى أهلها لما مضى قال قلت فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس لها هو باهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد سوء ما صنع قال ليس عليه ان يؤديها مرة أخرى وفي (في) والتهذيب بعد نقل هذه الرواية وعن زرارة مثله غير أنه قال إن اجتهد فقد برى وان فصر في الاجتهاد في الطلب فلا ويرد على الأول انه ان أراد بالاجتهاد القدر المسوغ لدفع الزكاة إليه
(٤٦٣)