الصوم لا يتبعض ومحل هذه الوجوه يرجع إلى أمر واحد وهو ان صحة العبادة مشروطة بجميع اجزائها بالنية الحقيقة وهو العزم الخاص أو الحكمية وهو كونه بحيث متى يذكر الفعل عزم عليه وانتفاء الامرين يوجب انتفاء الصحة واثبات المقدمة المذكورة لا يخلو عن اشكال وقد ذكرنا ما يوجب الاشكال في الاستدلال بالخبر المذكور في كتاب الطهارة ويمكن الاستدلال على الصحة بما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سمعت سألت أبا جعفر (ع) يقول لا يضر الصايم ما صنع إذا اجتنب ثلث خصال الطعام والشراب والنساء والارتماس في الماء ومع ذلك فالمسألة لا تصفوا عن الاشكال و [الظ] انه لا يعتبر التجديد على القول بالصحة لان فطنة الافساد العزم على الافطار فان ثبت كونه مفسدا لزم البطلان والا فلا من غير مدخلية للتجديد في الصحة وعبارة [المص] مشعرة بان للتجديد مدخلا في الصحة وبه صرح في المنتهى فقال قد بينا انه لو نوى الافطار بعد انعقاد الصوم لم يفطر لأنه انعقد شرعا فلا يخرج عنه الا بدليل شرعي هذا إذا أعاد ونوى الصوم إما لو لم ينو بعد ذلك الصوم فالوجه وجوب القضاء ولو نوى الافساد ثم جدد نية الصوم قبل الزوال لم يجزيه على رأى مشهور بين الأصحاب بل كلام المنتهى مشعر بأنه ليس فيه خلافا وربما حكى ان القول بالانعقاد مفهوم عن كلام الشيخ ره ومستند الأولين ان الاخلال بالنية في جزء من الصوم يقتضى فساد ذلك الجزء لفوات شرطه ويلزم منه فساد الكل لأن الصوم لا يتبعض وفيه تردد ولعل نظر الشيخ على صحيحة هشام بن سالم الدالة على أن بالنية قبل الزوال يجب بحسب اليوم وحمل على النافلة أو غير المعين وهو غير بعيد لكون ذلك هو المتبادر من سياق الخبر والمسألة [لايخ] عن اشكال و [الظ] ان المراد ما علم كونه من رمضان فقد مر حكم يوم الشك وهو انه يجزى فيه تجديد النية {ولو ارتد في أثناء النهار بعد عقد النية بطل صومه وان عاد فيه أي في أثناء النهار وذلك مبنى على أن الاسلام شرط في صحة العبادة وانتفاء الجزء يستلزم انتفاء الكل النظر الثاني في أقسامه أي الصوم وفيه مطالب الأول الصوم على أربعة أقسام واجب وهو رمضان والكفارات وبدل الهدى والنذر وشبهه والاعتكاف الواجب كما في النذر وشبهه وكما إذا اعتكف يومين ندبا فإنه يجب الثالث وقضاء الواجب وهذا الحصر استقرائي مستفاد من الأدلة الشرعية ولا اعلم خلافا بين الأصحاب في وجوب هذه الأنواع الستة خاصة ونقل بعضهم اجماعهم عليه روى الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن الزهري أنه قال قال لي علي بن الحسين (ع) يوما يا زهري من أين جئت فقلت من المسجد فقال ففيم كنتم قلت تذاكرنا أمر الصوم فاجمع رأى ورأى أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب الا صوم شهر رمضان فقال يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار ان شاء صام وان شاء أفطر وصوم الاذن على ثلثة أوجه وصوم التأديب وصوم الإباحة وصوم السفر والمرض قلت جعلت فداك فسرهن لي قال إما الواجب فصيام شهر رمضان وصوم شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان عمدا متعمدا وصوم شهرين متتابعين في كفارة الظهار قال الله عز وجل والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة مؤمنة من قبل ان يتماسا (ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل ان يتماسا) وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق وأجيب لقول الله عز وجل ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى قول عز وجل فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لا يجد الاطعام قال الله عز وجل فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم واحفظوا ايمانكم فكل ذلك متتابع وليس بمتفرق وصيام اذى حلق الرأس واجب قال الله [تع] فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فصاحبها فيها بالخيار فان شاء صام ثلثه أيام وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدى قال الله عز وجل فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عز وجل ومن قتل منكم متعمدا فجزاء ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال امره ثم قال أو تدرى كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري قال قلت لا أدرى قال قال يقوم الصيد قيمة ثم يفض تلك القيمة على البر ثم تكال ذلك البر أصواعا فتصوم لكل نصف صاع يوما وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب واما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى وثلاثة أيام التشريق وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه أمرنا ان يصومه مع شعبان ونهينا عنه ان ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع قال ينوى ليلة الشك انه صائم من شعبان فإن كان من رمضان أجزأ عنه يوما وإن كان من شعبان لم يضره فقلت له وكيف يجزى صوم تطوع عن صوم فريضة فقال لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدرى ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك اجزا عنه لان الفرض انما وقع على اليوم بعينه وصوم الوصال حرام وصوم الصمت حرام وصوم نذر المعصية حرام وصوم الدهر حرام واما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة ويوم الخميس والاثنين وصوم البيض وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان وصوم يوم عرفة ويوم عاشورا كل ذلك صاحبه فيه بالخيار انشاء صام وانشاء أفطر واما صوم الاذن فان المراة لا تصوم تطوعا الا بإذن زوجها والعبد لا يصوم تطوعا الا بإذن سيده والضيف لا يصوم تطوعا الا بإذن صاحبه قال رسول الله صلى الله عليه وآله من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا الا باذنهم واما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبى إذا راهق بالصوم تأديبا وليس بفرض و [كك] من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوى بعد ذلك أمر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض و [كك] المسافر إذا اكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض واما صوم الإباحة فمن اكل أو شرب ناسيا أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح الله ذلك له وأجزأ عنه صومه واما صوم السفر والمرض فان العامة اختلف فيه فقال قوم يصوم وقال قوم لا يصوم وقال قوم انشاء صام وان شاء أفطر فاما نحن فنقول يفطر في الحالتين جميعا فان صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء في ذلك لان الله عز وجل يقول فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ومندوب وهو أيام النية الا ما يستثنى المراد ان استحباب الصيام في السنة لا يختص بوقف دون وقت الا ما يستثنى وقد مر ما يدل على ذلك في أول كتاب الصوم ولا ينافي ذلك ما يدل على كراهة صوم الدهر فتدبر ولا يجب الصوم المندوب بالشروع لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى الأصل ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال والذي يقضى شهر رمضان انه بالخيار إلى زوال الشمس وإن كان تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل متى شئت وصوم قضاء الفريضة لك ان تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس فليس لك ان تفطر وما رواه الكليني والشيخ عن سماعة بن مهران في الموثق عن أبي عبد الله في قوله الصايم بالخيار إلى زوال الشمس قال ذلك في الفريضة فاما النافلة فله ان يفطر أي ساعة شاء إلى غروب الشمس وموثقة أبي بصير السابقة عند شرح قول [المص] والناسي يجدد إلى الزوال والافطار بعد زوال الشمس مكروه لما رواه عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن أبيه ان عليا (ع) قال الصايم تطوعا بالخيار ما بينه وبين نصف النهار فان انتصف النهار فقد وجب الصوم " قال الشيخ في التهذيب المراد به ان الأولى إذا كان بعد الزوال ان يصومه وقد يطلق على ما الأولى فعله انه واجب (كما تقول غسل الجمعة واجب) وصلاة الليل واجبة ويدل عليه أيضا حسنة الحلبي السابقة في بحث تجديد نية الناسي و رواية (عيسى السابقة هناك وفي رواية) معمر بن خلاد عن أبي الحسن (ع) قال وقلت وكك في النوافل ليس لي ان أفطر بعد الظهر قال نعم " والوجه حملها على الاستحباب وكذا الوجه في موثقة سماعة السابقة في
(٥١٧)