نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن صوم ستة أيام العيدين وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان وفي هذه الأدلة نظر إما الأول فلان غاية ما يستفاد من هذا الدليل تحريم نية كونه من رمضان ولا يلزم من ذلك فساد العبادة لان النهى متعلق بأمر خارج عن العبادة واما الثاني فلاحتمال ان يكون قوله من رمضان متعلقا بقوله يشك للتقرب لا بقوله يصوم ولا دلالة بقوله وإن كان [كك] على تعيين تعلقه بيصوم لا يقال الامر بالقضاء يقتضى تعين هذا الاحتمال جمعا بين هذا الخبر وبين ما يدل على أن من صام يوم الشك لم يكن عليه قضاؤه لأنا نقول لا ينحصر طريق الجمع في هذا الجواز حمل هذا الخبر على الاستحباب وما يعارضه على نفى الوجوب ويرد على الاستدلال بهذا الخبر [أيضا] انه معارض بما رواه الكليني عن معوية بن وهب في الحسن (بإبراهيم) قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان (فيكون كذلك فقال هو شئ وفق له وما رواه الشيخ عن سماعة باسناد فيه توقف قال سألته عن اليوم الذي يشك من شهر رمضان) لا يدرى أهو من شعبان أو من رمضان فصامه من شهر رمضان قال هو يوم وفق له ولا قضاء عليه ولا يخفى ان هذه الرواية نقلها الشيخ عن الكليني وفي [في] فصامه فكان من شهر رمضان و [الظ] ان الاسقاط من الشيخ أو بعض الناسخين سهوا ويحتمل ان يكون السهو فيها عندنا من نسخ [في] وعلى كل حال يرتفع التعويل على الخبر في مقام المعارضة فان موضع المعارضة محل الاسقاط واما باقي الاخبار فلعدم نقاء سندها واحتمال حملها على نفى الأفضلية وعلى تقدير الحمل على التحريم يرجع النهى إلى تحريم النية المخصوصة ولا يدل على عدم الأجزاء والمسألة محل اشكال احتج الشيخ في [ف] باجماع الفرقة واخبارهم على أن من صام يوم الشك اجزاه عن شهر رمضان ولم يفرقوا وأجيب عنه بان الفرق في النص وكلام الأصحاب متحقق ولا يخفى ان نية الوجوب مع الشك لا يتصور من العالم بالحكم وانما يتصور بالنسبة إلى الجاهل الذي يعتقد الوجوب للشبهة والمسألة عندي محل اشكال ولا يجوز أيضا صوم يوم الشك {بنية الوجوب على تقديره} أي تقدير كونه من رمضان والندب ان لم يكن [كك] فلا يجزى عن رمضان ان ظهر كونه منه واختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الشيخ في [ف وط] إلى أنه يجزى وهو المنقول عن ابن أبي عقيل وابن حمزة وعن [ظ س ون] وقواه [المص] في [لف] وعن الشيخ في باقي كتبه عدم الأجزاء واليه ذهب المحقق وهو المنقول عن ابن إدريس واختاره [المص] ونسب إلى أكثر المتأخرين حجة الأولين انه نوى الواقع فوجب ان يجزيه وانه نوى العبادة على وجهها فيجب ان يخرج عن العهدة إما المقدمة الأولى فلان الصوم إن كان من شهر رمضان كان واجبا وإن كان من شعبان كان نفلا واما الثانية [فظة] وان نية القربة كافية وقد تحقق وأجيب عنه بالمنع من مطابقة النية للواقع وكون العبادة واقعة على وجهها لأن الصوم المذكور ليس بواجب و إن كان (من رمضان) في الواقع لان المؤثر في الوجوب ثبوت كونه من رمضان لا كونه [كك] في الواقع وبالمنع من كفاية نية القربة [مط] حجة الآخرين ان صوم يوم الشك انما يقع على وجه الندب ففعله على خلاف ذلك يكون تشريعا فلا يتحقق به الامتثال ويرد عليه ان غاية ما يستفاد من ذلك تحريم بعض خصوصيات النية ولا يلزم منه فساد الصوم والحق ان اثبات وجوب القضاء لو صامه وعلى الوجه المذكور في غاية الاشكال فتدبر {ولو نواه مندوبا اجزاه عن رمضان إذا ظهر انه (منه) لا اعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب ونقل بعضهم اجماعهم عليه بل [ظ] الفاضلين انه لا خلاف فيه بين المسلمين " وقال ابن بابويه في الفقيه وسئل أمير المؤمنين (ع) عن اليوم المشكوك فيه فقال لان أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أفطر يوما في شهر رمضان فيجوز ان يصام على أنه من شعبان فإن كان من شهر رمضان اجزاه وإن كان من شعبان لم يضره ومن صام وهو شاك فيه فعليه قضاؤه وإن كان من شهر رمضان لأنه لا يقبل شئ من الفرايض الا بالتعيين ولا يجوز ان ينوى من يصوم يوم الشك انه من شهر رمضان " لان أمير المؤمنين (ع) قال لان أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي ان أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان ولعل المراد بقوله وهو شاك انه صامه لا بنية كونه من شعبان بل على سبيل الترديد ويدل على ما قلناه مضافا إلى غير واحد من الأخبار السابقة (في شرح) مسألة صوم يوم الشك بنية رمضان " ما رواه الكليني والشيخ عن سعيد الأعرج في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) انى صمت اليوم الذي يشك فيه فكان من شهر رمضان أفأقضيه قال لا هو يوم وفقت له وعن محمد بن حكيم قال سئلت سألت أبا الحسن (ع) عن اليوم الذي يشك فيه فان الناس يزعمون أن من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان فقال كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفقوا له وإن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى عن الأيام وعن بشير النبال عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن صوم يوم الشك فقال صمه فان يك من شعبان كان تطوعا وان يك من شهر رمضان فيوم وفقت له وعن الكاهلي في الحسن قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان قال لان أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان " والحق الشهيد ان يصوم رمضان كل واجب معين فعل بنية الندب مع عدم علمه وهو غير بعيد وفي [س] ويتأدى رمضان وكل معين بنية الفرض غيره بطريق أولي وفيه نظر واحتمال الأجزاء عما نواه غير بعيد ولو ظهر في أثناء النهار جدد نية الوجوب ولو كان قبل الغروب وهذا على القول باشتراط اعتبار الوجه في النية متجه واما على القول بعدم اشتراط ذلك فلا (يخلو) عن اشكال الا ان [يق] نية القربة يكفي عند ملاحظة (الوجه) والتعيين المخالفين للواقع وإن كان باعتبار الاستمرار [لا مط] فتدبر (ولو أصبح) في يوم الشك {بنية الافطار وظهر} انه من الشهر ولم يكن تناول جدد نية الصوم وأجزأ لا اعلم في هذا الحكم خلافا بين الأصحاب و [ظ] المحقق في المعتبر و [المص] في [هي] و [كرة] انه موضع وفاق بين العلماء واستدل عليه في المعتبر بحديث الأعرابي السابق عند شرح قول [المص] والناسي يجدد إلى الزوال وبأنه صوم لم يثبت في الذمة فجاز ان ينويه قبل الزوال وفيه [ت] ويمكن (وأفضل) ان يستدل عليه بفحوى ما دل على انعقاد الصوم من المريض والمسافر إذا زال عذرهما قبل الزوال لان من هذا شانه ربما كان اعذر منهما ويعضده أصالة عدم اعتبار تقديم النية على هذا الوجه وأصالة عدم وجوب قضاء هذا اليوم وفيه (تردد) أيضا لتوقف هذا الاستدلال على ثبوت العلة وأولويته في الفرع وفي اثباته اشكال وفيما ذكره من التأييد أيضا تأمل ولو زالت الشمس أمسك واجبا وقضى عند الأكثر وعن ابن الجنيد انه اجتزاء بالنية فيما بعد الزوال إذا بقى جزء من النهار والمسألة محل اشكال ولابد من استمرار النية حكما بان لا ينوى نية تنافى النية الأولى فلو جدد في أثناء النهار نية الافساد بطل صومه على رأى اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر منهم المرتضى والشيخ والمحقق إلى الصحة ونقل عن أبي الصلاح انه حكم بفساد الصوم بذلك وانه يوجب القضاء والكفارة وذهب [المص] في [لف] إلى أنه يوجب فساد الصوم بذلك وانه يوجب القضاء دون الكفارة حجة الأول ان النواقض محصورة وليست هذه النية من جملتها فمن ادعى كونها ناقضة فعليه الدليل وبان نية الافطار انما ينافي نية الصوم لا حكمها الثابت بالانعقاد الذي لا ينافيه النوم والغروب اجماعا وبان النية لا يجب تجديدها في كل أزمنة الصوم اجماعا فلا يتحقق المنافاة وفيه نظر إما الأول فلمنع حصر النواقض فان القائل بكون النية المذكورة ناقضة لا يسلم حصر الناقض في غيره وكما أن اثبات كونها ناقضة يحتاج إلى الدليل يحتاج عدم كونها ناقضة إلى الدليل والتمسك بالاستصحاب في أمثال هذه المواضع ضعيف كما قد تكررت الإشارة إليه في المباحث السابقة واما الثاني فلجواز ان يكون المعتبر في الصوم حكم النية بمعنى كون المكلف بحيث متى يذكر الفعل عزم عليه وهذه النية منافية له وبهذا يظهر وجه الايراد على الثالث احتج [المص] على انتفاء الكفارة بالأصل السليم عن المعارض وعلى انه مفسد للصوم بأنه عبادة مشروطة بالنية وقد فات شرطها فيبطل وبان الأصل اعتبار النية في جميع اجزاء العبادة لكن لما كان ذلك مشقا اعتبر حكمها وهو ان لا يأتي بنية يخالفها ولا ينوى قطعها فإذا نوى القطع زالت النية حقيقة وحكما فكان الصوم باطلا لفوات شرطه وبأنه عمل خلا من النية حقيقة وحكما فلا يكون معتبرا في نظر الشرع فإذا فسد صوم جزء من النهار فسد ذلك اليوم بأجمعه لان
(٥١٦)