لما دخل عليه في احرامك مما لا يعلم [* (المقصد الثاني في الطواف) *] وهو ركن يبطل الحج بتركه عمدا} لا خلاف في وجوب الطواف وقد مر ما يصلح ان يكون حجة على ذلك في بحث أقسام الحج بتركه عمدا كما يعلم من كلام [المص] وغيره من الأصحاب ويدل على ركنية الطواف في الحج انه قد ثبت بالاخبار السابقة في شرح أقسام الحج ان الطواف معتبر في مهية الحج فالإختلال به موجب لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فبقى التكليف باقيا بحاله إلى أن يحصل الخروج عن عهدته و استدل عليه بعضهم بما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيحة قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل جهل ان يطوف بالبيت طواف الفريضة قال إن كان على وجه الجهالة في الحج أعاد عليه بدنة وروى الصدوق عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن (ع) انه سأل عن رجل سهى ان يطوف بالبيت الحديث وروى الشيخ عن حماد بن عيسى في الصحيح عن علي ابن أبي حمزة قال سئل عن رجل جهل ان يطوف حتى يرجع إلى أهله قال إن كان على جهة الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة وفيه نظر لاختصاص هذه الأخبار بغير العامد و الاستدلال بها على حكم العامد لا طريق إلى توجيهه الا بدعوى الأولوية وهو يحتاج إلى تحقق علة تحقق علة الحكم وبيان أولوية في الفرع وذلك في معرض الاشكال واعلم أن اطلاق العبارة يقتضى عدم الفرق في هذا الحكم بين طواف الحج وطواف العمرة وكذا اطلاق العبارة يقتضى شمول الحكم لطواف النساء لكن [الظ] انه ليس بمرادف قد ذكر في غير واحد من كتبه ما يدل على عدم بطلان الحج بتركه وذكر الشهيد الثاني ان طواف النساء ليس بركن اجماعا وقال الشهيد في [س] كل طواف واجب ركن الا طواف النساء ويمكن الاستدلال على هذا الحكم بقول الصادق (ع) في صحيحة معوية بن عمار وحسنة السابقتين في بحث أقسام الحج عند شرح قول [المص] والقارن كذلك وطواف بعد الحج وهو طواف النساء وقوله (ع) في صحيحه الحلبي السابقة هناك وطواف بالبيت بعد الحج فان مقتضى كونه بعد الحج خروجه عن مهيته لكن لا يثبت بذلك عموم الحكم بالنسبة إلى جميع أقسام الحج وبالنسبة إلى العمرة مع أن مقتضى الدليل الذي ذكرنا على حكم طواف الفريضة تحقق البطلان بترك طواف النساء [ايض] الا ان يثبت الاجماع على عدم القائل بالفصل بين أقسام الحج وبين الحج والعمرة وفيه من الاشكال مالا يخفى واستدل عليه بعضهم بما رواه ابن بابويه عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمن الخزاز في الصحيح قال كنت عند أبي عبد الله (ع) فدخل رجل عليه فقال أصلحك الله ان معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبى الجمال ان يقيم عليها قال فأطرق وهو يقول لا يستطيع ان يتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمالها ثم رفع رأسه إليه فقال تمضى فقد تم حجها وفيه نظر لان المستفاد من هذا الخبر تمام حجها عند الاضطرار ولا يدل على ذلك في حال الاختيار واستدل عليه بعضهم بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق قال لولا ما من الله على الناس من طواف الوداع ارجعوا إلى منازلهم ولا ينبغي لهم ان يمسوا نسائهم يعنى لا يحل لهم النساء حتى يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا اخر بعد ما يسعى بين الصفا والمروة وذلك على النساء والرجال واجب توجيه الدلالة ان الاكتفاء بإعادة الطواف حسب انما يقتضى صحة الحج والا لكان الواجب إعادة الحج وفيه نظر لان المستفاد منه حكم الجهال المخالفين فلا ينسحب في غيرهم الا بدليل قال بعض الأصحاب ويتحقق ترك الطواف في الحج بخروج ذي الحجة قبل فعله وفى عمرة التمتع بضيق وقت الوقوف الا عن التلبس بالحج قبله في العمرة المفردة المجامعة لحج الافراد أو القران بخروج السنة بناء على وجوب ايقاعها فيها لكنه غير واضح وفى المجردة اشكال إذ يحتمل وجوب الاتيان بالطواف فيها مطلقا لعدم التوقيت والبطلان بالخروج عن مكة بالاعراض عن فعله انتهى واحتمل بعض الأصحاب تحقق الترك في الجميع بنية الاعراض عنه والشروع في نسك اخر بحيث يعد تركا عرفا وان يراد به خروجه من مكة بنية الترك وفيه نظر إذ مع بقاء الوقت يمكن الاتيان بالمأمور به على الوجه المطلوب شرعا فلا يحصل الترك المقتضى للبطلان واعلم أنهم قطعوا بان الجاهل كالعامد في الحكم المذكور نص عليه الشيخ و غيره ويدل عليه صحيحة علي بن يقطين ورواية علي بن أبي حمزة السابقتان ومقتضاهما وجوب البدنة [ايض] على الجاهل وفى وجوبها على العالم وجهان أقربهما العدم للأصل السالم عن المعارض وتنظر فيه في الدروس نظرا إلى الأولوية وفيه تأمل وإذا بطل الحج بترك الركن كالطواف مثلا ففي حصول التحلل بمجرد ذلك أو البقاء على احرامه إلى أن يأتي بالفعل الفائت في محله بان يكون اطلاق اسم البطلان عليه مجازا إذ حصول التحلل بأفعال العمرة أوجه وبالأخير قطع المدقق الشيخ على {ويقضيه} أي الطواف {في السهو} ولو بعد قضاء المناسك {ولو تعذر} قضاؤه بنفسه {استناب} هذا الحكم مشهور بين الأصحاب مقطوع به في كلامهم من غير نقل خلاف لكن ذكر الشيخ في [يب] ومن نسى طواف الحج حتى يرجع إلى أهله قال عليه بدنة وإعادة الحج من قابل وهو المستفاد من كلامه في الاستبصار والأول أقرب لما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل نسى طواف الفريضة حتى قادم بلاده وواقع النساء كيف يصنع قال يبعث بهدى إن كان تركه في حج بعث به في حج وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة وكان من يطوف عنه ما ترك من طوافه والمستفاد من الرواية حكم من ترك الطواف حتى قدم بلاده والاستدلال به على عموم الدعوى يحتاج إلى ضميمة والحكم فيه شامل لطواف الحج والعمرة و طواف النساء وحملها الشيخ على طواف النساء حيث استدل على ما ذهب إليه من البدنة ووجوب الإعادة بصحيحة علي بن يقطين ورواية علي بن أبي حمزه ثم نقل هذه الرواية وحملها على ما ذكر محتجا عليه بما رواه الكليني عن معاوية بن عمار في الحسن قال قلت لأبي عبد الله ع رجل نسى طواف النساء حتى دخل أهله قال لا يحل له النساء حتى يزور بالبيت وقال يأمر من يقضى عنه ان لم يحج فان توفى قبل ان يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره والشيخ نقل هذه الرواية عن الكليني لكن ادخل في سنده ما يجعلها مرسلا والصحيح ما في الكافي وفيه نظر لعدم دلالة الخبرين على حكم الناسي وعدم المنافاة بينهما بين صحيحة علي بن جعفر حتى يحتاج إلى التأويل وعدم دلالة حسنة معاوية على ما ذكرنا من التأويل وتصدى بعض المحققين من متأخري أصحابنا لتوجيه كلام الشيخ وقال مبنى كلام نظرا الشيخ في هذا المقام على أن الجهل والنسيان فيه سواء وتقريب القول في ذلك أن وجوب إعادة الحج على الجاهل يتقضى مثله في الناسي إما بمفهوم الموافقة بشهادة الاعتبار بان التقصير في مثل هذا النسيان أقوى منه في الجهل أو لان اعذار كل منهما على خلاف الأصل لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فيبقى في العهدة ولا يصار إلى الاعذار الاعن دليل واضح وقد جاء الخبران على وفق مقتضى الأصل في صورة الجهل فيزداد الحاجة في العمل بخلافة في صورة النسيان إلى وضوح الدليل والتتبع والاستقراء يشهدان بانحصار دليلة في حديث علي بن جعفر وجهة العموم فيه ضعيفه واحتمال العهد الخارجي ليس بذلك البعيد عنه وفى ذكر مواقعه النساء نوع ايماء إليه فان الدليل الواضح الصالح لان يعول عليه في اثبات هذا الحكم المخالف للأصل والظاهر المجوح إلى التفرقة في الأشباه والطائر والوجه في ايثار وذكر السنيان والاعراض عن التعرض للجهل بعدما علم من كونه مورد النص زيادة الاهتمام ببيان الاختلاف بين طواف الحج وطواف النساء في هذا الحكم ورفع توهم الاشتراك فيه واتفق ذلك في كلام المفيد فاقتفي الشيخ اثره وليس الالتفات إلى ما حررناه بعيد عن نظر المفيد ولخفائه التلبس الامر على كثير من المتأخرين فاستشكلوا كلام الشيخ واختاروا العمل بظاهر صحيحة علي بن جعفر الا ان جماعة منهم تأولوا حكم الهدى فيه بالجهل على حصول الموافقة بعد الذكر لئلا ينافي القاعدة المقررة في حكم الناسي وان الكفارة لا يجب عليه في غير الصيد ويضعف بان عموم النص هناك قابل للتخصيص بهذا فلا حاجة إلى التكلف في دفع التنافي بالحمل على ما قالوه و في مشهوري اخبار السعي ما يساعد على هذا التخصيص ولبعض الأصحاب فيه كلام يناسب ما ذكرنا في توجيه كون التقصير وقوع في مثل هذا النسيان أقوى منه في الجهل وفى (س؟) روى علي بن جعفر ان ناسي الطواف يبعث بهدى ويأمر من يطوف عنه وحمله الشيخ على طواف النساء والظاهر أن الهدى ندب وإذ قد أوضحنا الحال من الجانبين بما لا يرفد عليه فلينظر الناظر في أرجحهما وليصر إليه والذي يقوى في نفسي مختار الشيخان والعجب من ذهاب بعض المتأخرين إلى الاكتفاء بالاستنابة في استدراك الطوف وان أمكن العود اخذ بظاهر حديث علي بن جعفر مع وضوح دلالة الأخبار السابقة في نسيان طواف النساء على اشتراط الاستنابة بعدم القدرة على المباشرة وإذا ثبت ذلك في طواف النساء فغيره أولي الحكم كما لا يخفى على منعم النظر انتهى كلامه أعلى الله مقامه وعندي ان ما ذكره في توجيه كلام الشيخ
(٦٢٥)