واعلم أن الشهيد الثاني بعد تصريحه بان النومة (الأولى) بعد الجناية انما يصح مع نية الغسل وقال لابد مع ذلك من احتمال الانتباه والا كان كمتعمد (الترك) وشرط بعض الأصحاب مع ذلك اعتبار الانتباه والا كان كمتعمد البقاء على الجنابة ولا باس به انتهى كلامه وهو غير بعيد (الثاني) إذا نام غير ناو للغسل حتى أصبح فعليه القضاء والكفارة قطع به المصنف وغيره واستدل عليه المحقق في المعتبر بان مع العزم على ترك الاغتسال يسقط اعتبار النوم ويعود كالمتعمد للبقاء على الجنابة وفيه انه أخص من المدعا لان العزم على ترك الغسل أخص من عدم نية الغسل وبعضهم استدل على وجوب القضاء عليه بصحيحة الحلبي وصحيحة أحمد بن محمد السابقتين والخبران لا يشملان حالة الذهول والنسيان والمدعى يشمله والاستدلال بهما يتوقف على كون الامر وما في معناه في اخبارنا للوجوب ولي في ذلك تأمل قد نبهاك على وجهه مرارا والظاهر تعلق الحرمة بالنوم على الوجه المذكور لظاهر قوله (ع) يستغفر ربه في صحيحة الحلبي والحرمة متعلقة بالشروع في المقدمات المقتضية له وعن معاودة النوم بعد انتباهتين لما سيجيئ من وجوب القضاء في معاودة النوم بعد انتباهه عند (المصنف) وأكثر الأصحاب (فهنا) أولي وانما افردها بالذكر لأنها توجب الكفارة عند (المصنف) كما سيصرح به فأراد الفصل بين ما يوجب الكفارة وغيره والقول بوجوب الكفارة فيها مذهب الشيخين وجماعة من الأصحاب وذهب جمع من الأصحاب منهم المصنف في المنتهى إلى عدم وجوب الكفارة فيها وهو أقرب لفقد دليل يدل على وجوب الكفارة فيها مع انتفائه بالأصل حجة الشيخين على ما نقل عنهما رواية أبي بصير وسليمان وإبراهيم السابقات وفي مسألة تعمد البقاء على الجناية ولا دلالة لها على مطلوبهما بوجه كما لا يخفى على من نظر فيها {ويجب} الامساك {عن ايصال الغبار الغليظ إلى الحلق} اختلف الأصحاب في هذه المسألة فعن الشيخ في عدة من كتبه ان ايصال الغبار الغليظ متعمدا إلى الحلق مفطر يوجب القضاء والكفارة وفي (ط) فيما يوجب القضاء والكفارة وايصال الغبار الغليظ إلى الحلق متعمدا مثل غبار (الدقيق أو غبار النقض وما جرى مجريه على ما تضمنه الروايات قال وفي أصحابنا من قال إن ذلك لا يوجب) الكفارة وانما يوجب القضاء وعن المفيد ويجتنب الصايم الريح الغليظ والغبرة التي تصل إلى الجوف فان ذلك نقض في الصيام وعنه في موضع اخر وان تعمد الكون في مكان فيه غبرة كثيرة أو رايحة غليظة وله غناء عن الكون فيه فدخل حلقه شئ من ذلك لوجب عليه القضاء وعن أبي الصباح إذا وقف في غبرة مختارا فعليه القضاء قال في (المخ) والظاهر أن الوقوف مطلقا لا يوجب القضاء وانما قصده مع ايصال الغبار إلى حلقه وقال ابن إدريس الذي يقوى في نفسي انه يوجب القضاء دون الكفارة إذا تعمد الكون في تلك البقعة من غير ضرورة فاما إذا كان مضطرا في الكون في تلك البقعة وتحفظ واحتاط في التحفظ فلا شئ عليه من قضاء وغيره لان الأصل براءة الذمة من الكفارة وبين أصحابنا في ذلك خلاف والقضاء مجمع عليه وقال المصنف في المنتهى وعلى قول السيد المرتضى ينبغي عدم الافساد إشارة إلى ما تقدم منه من اشتراط الاعتياد في المأكول و يظهر من المحقق في المعتبر التردد في هذا الحكم فإنه قال بعد ايراد رواية سليمان الآتية وهذه الرواية فيها ضعف لأنا لا نعلم القايل وليس الغبار كالاكل والشرب ولا كابتلاع الحصى والبرد وقال في (الشرايع) وفي ايصال الغبار الغليظ إلى الحلق خلاف والأظهر التحريم وفساد الصوم والأقرب عندي عدم الافساد " لصحيحة محمد بن مسلم السابقة الدالة على حصر ما يضر الصايم في الأشياء الأربعة وما رواه الشيخ عن عمرو بن سعيد في الموثق عن الرضا (ع) قال سئلته عن الصايم يتدخن بعود أو بغير ذلك فيدخل الدخنة في حلقه قال لا باس وسئلته عن الصايم يدخل الغبار في حلقه قال لا باس احتج القائلون بالفساد بأنه أوصل إلى جوفه ما ينافي الصوم فكان مفسدا له وبما رواه الشيخ باسناد فيه توقف عن سليمان بن جعفر المروزي قال سمعته يقول إذا تمضمض الصايم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رايحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في انفه أو حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك له مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح والجواب عن الأول منع كون مطلق ايصال الشئ إلى الجوف مفسدا انما المفسد الأكل والشرب وما في معناهما وعن الثاني بضعف السند لجهالة الراوي وجهالة القائل وباشتمالها على مالا اعلم قائلا به من الأصحاب وهو ترتب الكفارة على مجرد المضمضة والاستنشاق وشم الرائحة الغليظة والتخصيص بأحد خصال الكفارة مع معارضتها بأقوى واعلم أن بعض الأصحاب كالمحقق في الشرايع لم يقيد الغبار بكونه غليظا وقد صرح الأكثر بالتقييد وهو غير بعيد قصرا للحكم على مور الوفاق الا ان الرواية والاعتبار الذي عولوا عليه يقتضى التعميم وأكثر المتأخرين الحقوا بالغبار الدخان الغليظ الذي يحصل منه به اجزاء و يتعدى إلى الحلق كبخار القدر ونحو ذلك وانكره بعضهم وهو حسن ويجب الامساك أيضا عن الاستمناء وفسر الاستمناء بأنه طلب الامناء بفعل غير الجماع مع حصوله واما طلب الامناء مطلقا فليس مفسدا للصوم وإن كان محرما و الظاهر أنه لا خلاف في أن الاستمناء مفسد للصوم قال المحقق في المعتبر ويفطر بانزال الماء بالاستمناء والملامسة والقبلة اتفاقا وقال المصنف في التذكرة الانزال نهارا مفسد للصوم سواء كان باستمناء أو ملامسة أو ملاعبة أو قبلة اجماعا وقال في المنتهى الانزال نهارا مفسد للصوم مع العمد سواء انزل باستمناء أو ملامسة أو قبلة بلا خلاف والأصل فيه ما رواه الشيخ والكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل بعث باهله في شهر رمضان حتى يمنى قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع والرواية لا تنهض بالدلالة على عموم الدعوى الا ان يستعان في ذلك بعدم القائل بالفصل وتم ذلك وقد اطلق الفاضلان وغيرهما ان الامناء الحاصل عقيب الملامسة مفسد للصوم واستشكل بعض المتأخرين خصوصا إذا كانت الملموسة محللة ولم يقصد بذلك الامناء ولا كان من عادته ذلك والوجه ما ذكره الأصحاب لصحيحة عبد الرحمن المذكورة إذ لاختصاص لها بالاستمناء وما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح والكليني عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن حفص بن سوقه الثقة عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في شهر رمضان وما رواه الشيخ عن سماعة باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سئلته عن رجل لزق باهله فأنزل قال عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين وعن أبي بصير في الضعيف قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق فقال كفارته ان يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم وزرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) انه سئل هل يباشر الصايم أو يقبل في شهر رمضان فقال اني أخاف عليه فليتنزه عن ذلك الا ان يثق ان لا يسبقه منيه واختلف الأصحاب فيما إذا كرر النظر فأنزل قال الشيخ في (ف) ثم ولا قضاء عليه ولا كفارة واختاره ابن إدريس سواء كان محللا أم لا وكذا المحقق وفي (ط) من نظر إلى ما لا يحل النظر إليه بشهوة فامنى فعليه الكفارة (القضاء خ ل) فإن كان نظر إلى ما يحل فامنى لم يكن عليه شئ وهو اختيار المفيد وعن المرتضى وعندنا انه إذا نظر إلى ما يحل له النظر إليه فأنزل غير مستدع للانزال لم يفطر وعن ابن أبي عقيل وان نظر إلى امرأته فأنزل من غيران يقبلها أو يفضى بشئ منه إلى جسدها أو تفضى إليه لم يكن عليه شئ ونقل عن المصنف في المنتهى وجوبهما ان انزل بعد تكرر نظر يعلم منه الانزال وعدم الافساد من النظرة الأولى واستقرب المصنف في (المخ) وجوب القضاء والكفارة مطلقا ان قصد الانزال ووجوب القضاء خاصة ان لم يقصده واحتج على الأول بأنه وجد (منه الهتك وهو انزال الماء متعمدا فوجب عليه القضاء والكفارة كالعابث والمجامع وعلى الثاني انه وجد منه)
(٤٩٩)