كما قال آلم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن (الله) الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين والنظر في كتاب الحج في أمور أربعة الأول في أنواعه وهو أي الحج ينقسم إلى واجب وندب فالواجب بأصل الشرع من غير سبب عارض مقتض للوجوب كالنذر وشبهه {مرة واحدة} في تمام العمر إما وجوب الحج عند تحقق شرائطه فلا خلاف فيه بين المسلمين وهو من ضروريات الدين ويدل عليه الكتاب والسنة واما كون وجوبه مرة واحدة فلا اعرف فيه خلافا قال الشيخ في [يب] فرض الحج مرة واحدة وما زاد عليه فمندوب إليه ومستحب وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين فلأجل ذلك لم يتشاغل بايراد الأحاديث فيه ثم نقل ما رواه معلقا عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام وذلك قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا و من كفر فان الله غنى عن العالمين قال قلت ومن لم يحج منا فقد كفر قال لا ولكن من قال ليس (هذا) هكذا فقد كفر ورواه الكليني في الصحيح بتفاوت ما وما رواه عن ابن أبي عمير في الصحيح عن أبي جزير القمي ولا يبعد ان يكون هو الثقة عن أبي عبد الله (ع) قال الحج فرض على أهل الجدة في كل عام (وعن حذيفة بن منصور في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال انزل الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام) قال الشيخ فمعنى هذه الأخبار انه يجب على أهل الجدة في كل عام على طريق البدل لان من وجب عليه الحج في السنة الأولة فلم يفعل وجب عليه في الثانية (وكك) ان لم يحج في الثانية وجب في الثالثة وعلى هذا في كل سنة إلى أن يحج وفي المعتبر ان هذه الروايات محمولة على الاستحباب لان تنزيلها على ظاهرها مخالف لاجماع المسلمين كافة ويحتمل ان يكون المراد بوجوب الحج المستفاد من هذه الأخبار وجوبه الكفائي على طائفة من المسلمين من أهل الجدة في كل عام فقد استفيد المعنى من غير واحد من الاخبار وروى الكليني عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لو عطل الناس الحج لوجب على الامام ان يجبرهم على الحج ان شاؤوا وان أبوا فان هذا البيت وضع للحج وعن حماد يعنى ابن عثمن عن أبي عبد الله (ع) قال كان علي صلوات الله عليه يقول لولده يا بنى انظروا بيت ربكم فلا يخلون منكم فلا تناظروا وعن حسين الأحمسي في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال لو ترك الناس الحج لما نوظروا العذب أو قال نزل عليهم العذاب وروى الصدوق عن حنان بن سدير قال ذكرت لأبي جعفر (ع) البيت فقال لو عطلوه سنة واحدة لم تناظروا المراد بالمناظرة هيهنا الانظار يعنى الامهال وعدم نزول العذاب استعمالا لبناء فاعل في معنى افعل كعافاه الله وأعفاه وروى الشيخ عن حفص بن البختري وهشام بن سالم ومعوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي ان يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ولو تركوا زيارة النبي صلى الله عليه وآله لكان على الوالي ان يجبرهم على ذلك فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين وروى الصدوق هذا الحديث عن الجماعة المذكورة في الصحيح وعن غيرهم عنه (ع) وفي المتن مخالفة ما ونحوه روى الكليني عنهم في الحسن والمستفاد من هذه الأخبار وجوب حج البيت في كل سنة على سبيل الوجوب الكفائي فيكفي قيام البعض به وإن كان ممن وجب عليه الحج عينا إذ لا مانع من اجتماع الحكمين وظاهر الخبر الأخير تعلق الوجوب أولا باهل المال وانما ينتقل إلى غيرهم بمعونة بيت المال عند فقدهم وعلى ما ذكرنا يستقيم حمل الأخبار السابقة على هذا المعنى وإحالة الحكم في صحيحة علي بن جعفر إلى الآية مع الاتفاق على استفادة العيني منها غير مناف لما ذكرنا إذ لا مانع من إفادة الآية للحكمين معا كما وقع نظيره في أية التقصير على ما ورد في بعض الأخبار المعتمدة ولعل هذا الوجه أقرب الوجوه ووجوب الحج انما يكون على الفور فلا يجوز تأخيره عن عام الاستطاعة لا اعرف في ذلك خلافا ويدل عليه ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم رفع ذلك وليس له شغل يعذره به فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام وما رواه الشيخ والصدوق عنه في الحسن عن ذريح المحاربي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة يجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا وغيرهما من الاخبار وقد مر نبذة مما يدل عليه والمراد بوجوب الفورية وجوب المبادرة إليه في أول عام الاستطاعة والتمكن والا ففيما يليه وهكذا ولو توقف على مقدمات من سفر بعيد وغير ذلك تعين الاتيان بها على وجه يدرك الحج ولو تعددت الرفقة في العام الواحد قيل يجب المسير مع أولها فان اخر ولم يدرك كان كمؤخره عمدا في حصول الاستقرار واختاره الشهيد الثاني في الروضة وجوز الشهيد التأخير عن الأولى ان وفق بالمسير مع غيرها و احتمل بعض المتأخرين قويا جواز التأخير بمجرد احتمال سفر الثانية استنادا إلى انتفاء الدليل على فورية السفر بهذا المعنى وأطلق [المص] في [كره] جواز التأخير عن الرفقة الأولى وكلامه مفروض في حج النيابة وهي اي الواجب بأصل الشرع مرة واحدة على الفور حجة الاسلام وغيرها اي غير حجة الاسلام يجب بالنذر وشبهه كاليمين والعهد و بالاستيجار للنيابة سواء كان واجبا على المنوب عنه أم لا {والافساد} سواء كان ما أفسده واجبا أم لا لما سيجيئ من أن المندوب يجب بالشروع فيه والندب ما عداه وكل من هذه الأقسام المذكورة إما تمتع أو قران أو افراد لا اعرف خلافا في ذلك ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن معوية بن عمار في الحسن بإبراهيم ابن هاشم قال سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول الحج ثلثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع بالعمرة إلى الحج وبها أمر رسول الله صلى الله عليه وآله والفضل فيها ولا نأمر الناس لا بها وعن منصور الضيقل قال قال أبو عبد الله (ع) الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مقرن سايق (على) للهدى وحاج مفرد للحج ووجه التسمية إما في التمتع فلكون التمتع لغة الالتذاذ والانتفاع سمى بذلك لتخلل التحلل بين حجه وعمرته مما قد حرمه الاحرام مع حصول الارتباط بينهما وكونهما كالشئ الواحد فكان التمتع الواقع بينهما حاصل في أثناء الحج أولا انه ريح ميقاتا لأنه لو أحرم بالحج من ميقات بلده لاحتاج بعد فراغه من الحج إلى أن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بالعمرة منه والمتمتع يستغنى عن الخروج لأنه يحرم بالحج (من جوف مكة وقد قيل في تفسير قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى يعنى انتفع بثوابها والتقرب بها إلى الله تعالى قيد الانتفاع بالحج إلى زمان الحج فيجتمع التقربان إذا انتفع بها إذا فرغ منها باستباحة ما كان محرما إلى وقت التلبس بالحج) وقيل المعنى فمن انتفع بالعمرة قاصدا إلى الحج فعليه ما تهيا له من الهدى واما وجه التسمية في الافراد فلانفصاله عن العمرة والافراد عنها واما في القران فلاقتران الاحرام بسياق الهدى فالتمتع ان يحرم من الميقات للعمرة المتمتع بها والعمرة في اللغة الزيارة وشرعا النسك المخصوص أو زيارة البيت على الوجه المخصوص ثم يمضى إلى مكة فيطوف سبعا ويصلى ركعتيه أي ركعتي الطواف ويسعى بين الصفا والمروة للعمرة ويقصر ثم يحرم من مكة للحج يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة والاحرام فيه أفضل ويجوز التأخير إلى زمان يعلم أنه يدرك الوقوف ويخرج بعد الاحرام {إلى عرفات فيقف بها} من الزوال {إلى غروب الشمس يوم عرفة ثم يفيض} من عرفات {إلى المشعر} الحرام فيقف من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يوم العيد ثم يأتي منى فيرمى جمرة العقبة بسبع حصيات ثم يذبح هديه ثم يحلق رأسه ثم يمضى إلى مكة فيطوف بالحج ويصلى ركعتيه اي الطواف ثم يسعى بين الصفا والمروة للحج ثم يطوف للنساء ويصلى ركعتيه ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ليلة الحادي عشر والثاني عشر ويرمى في اليومين المذكورين الجمار الثلاث ثم ينفر ان شاء ان اتقى الصيد والنساء أو يقيم إلى اليوم الثالث فيرميه ولم يذكر [المص] المبيت ليلة العاشر بالمشعر مع وجوبه وكذا تقييد جواز النفر الأول باتقاء الصيد والنساء اعتمادا على تفصيل هذه الأحكام في محله وسيجيئ تحقيق الكلام في هذه الأحكام كلها في محلها انشاء الله [تع] مع الأخبار الدالة عليها ويدل على بعض هذه الأحكام ما رواه الكليني والشيخ عنه عن معوية بن عمار باسنادين أحدهما من الحسان حسن بإبراهيم بن هاشم والاخر قوى عندي عن أبي عبد الله (ع) قال على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة فعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم وسعى بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة و عليه للحج طوافان وسعى بين الصفا والمروة ويصلى عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) وعن منصور بن حازم باسنادين أحدهما حسن بإبراهيم والاخر قوى عندي عن أبي عبد الله (ع) قال على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ويصلى لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة ويقطع التلبية من متعة إذا نظر إلى بيوت مكة وليحرم بالحج يوم التروية ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس والمفرد
(٥٤٩)