وجب الحج عليه (السادس) المشهور بين الأصحاب انه لا يجب على المبذول له إعادة الحج بعد اليسار وقال الشيخ في الاستبصار يجب عليه الإعادة والأول أقرب لصدق الامتثال المقتضى للاجزاء وعدم دليل دال على وجوب الإعادة مضافا إلى ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه هل يجزى ذلك عنه من حجة الاسلام أو هي ناقضة قال بلى هي حجة تامة احتج الشيخ بما رواه الكليني عن الفضل بن عبد الملك باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه اقضي حجة الاسلام قال نعم فان أيسر بعد ذلك فعليه ان يحج قلت هل يكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم قضى عنه حجة الاسلام وتكون تامة وليست بناقصة وان أيسر فليحج ودلالة الخبر على الوجوب غير واضحة فليحمل على الاستحباب وكذا الكلام في رواية أبي بصير الآتية عند شرح قول [المص] ولو كان النائب معسرا ولو وهب مالا يستطيع به لم يجب القبول وعلل بان الهبة نوع اكتساب فلا يجب للحج لكون وجوبه مشروطا وربما يعلل باشتماله على المنة وفي التعليلين تأمل سيما الثاني لانتقاضه بالبذل ولو استؤجر لعمل في السفر بقدر الكفاية وجب الحج ولا يجب القبول إما الأول فلحصول الاستطاعة المقتضية لوجوب الحج واما الثاني فلان تحصيل مقدمة الواجب المشروط غير واجب وعلى تقدير القبول كان الواجب عليه بسبب الإجازة الوصول إلى تلك الأماكن لايقاع أفعال الحج فلا يجتمع الوجوبات في شئ واحد ومقدمة الحج لا يجب وقوعها على وجه كونه للحج بل لو وقع على وجه اخر وإن كان حراما لم يقدح في صحة الجمع فاندفع الاشكال الذي يورد في هذا المقام وهو ان الوصول إلى تلك الأماكن قد وجب بسبب الاستيجار فكيف يكون مجزيا عن حجة الاسلام وما الفرق بينه وبين ناذر الحج في سنة معينة إذا استطاع للحج في تلك السنة حيث حكموا بعدم تداخل الحجتين وما ذكر من الجواب يقتضى عدم كون الحركة من الميقات إلى مكة من اجزاء الحج وعلى تقدير كون ذلك من اجزاء الحج يمكن ان يقال لا دليل على عدم التداخل فيجوز اجتماع جهات الوجوب في شئ واحد وسيجيئ الكلام في حكمهم بعدم التداخل في مسألة المندوب ولو حج الفقير الذي لا يستطيع متسكعا لم يجز عن حجة الاسلام لعدم توجه الخطاب إليه فيكون بمنزلة من أوقع الصلاة قبل دخول وقته الا مع المال المستقر إذ على هذا التقدير يحصل الامتثال المقتضى للاجزاء ولو تسكع الغنى اجزا لحصول الامتثال بايقاع المناسك المخصوصة و صرف المال غير واجب لذاته بل من باب المقدمة إذا توقف الواجب عليه ولو كان النائب معسرا أجزأت عن المنوب لا عنه لو استطاع وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب لا اعرف فيه خلافا بينهم واستدل عليه [المص] في المنتهى بان هذا يصدق عليه بعد اليسار انه مستطيع ولم يحج عن نفسه فيجب عليه الحج عملا بالأصل السالم عن المعارض وبما رواه الشيخ عن ادم بن علي وهو مجهول عن أبي الحسن (ع) قال من حج عن انسان ولم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحج ويجب عليه الحج وما رواه الكليني والشيخ عنه (والصدوق) عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة فان أيسر بعد ذلك كان عليه الحج وكذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج وفي [في] وإن كان قد حج وهذه الرواية غير منطبقة على المقصود وكذا ما رواه الكليني عن الفضل بن عبد الملك باسناد لا يقصر عن الموثقات عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته (ع) عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه اقضي حجة الاسلام قال نعم فإذا أيسر بعد ذلك فعليه ان يحج قلت فهل يكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم يقضى عنه حجة الاسلام ويكون تامة وليست بناقصة وان أيسر فليحج قال وسئل عن الرجل يكون له الإبل فيكريها فيصيب عليها فيحج وهو كرى يغنى عنه حجته أو يكون يحمل التجارة إلى مكة فيحج فيصيب المال في تجارته أو يصنع أيكون حجته تامة أو ناقصة أو لا يكون حتى يذهب به إلى الحج ولا ينوى عن غيره أو يكون ينويهما جميعا أيقضى وله حجته قال نعم حجته تامة ويدل على خلاف هذا الحكم روايات منها ما رواه الصدوق عن معوية بن عمار في الصحيح انه سال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حج عن غيره أيجزيه ذلك من حجة الاسلام قال نعم ورواه الشيخ في الصحيح والكليني والشيخ عنه في الحسن بإبراهيم عن معوية بن عمار عنه (ع) وزاد قلت حجة الجمال تامة أو ناقصة قال تامة قلت حجة الأجير تامة أو ناقصة قال تامة و [الظ] ان المراد بالأجير من يستأجر للخدمة في الطريق ومنها ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه ويمكن تأويل هذين الخبرين بان المراد الأجزاء (في تحصيل ثواب الحج وادراك فضيلته لا في اسقاط الفرض لو تجددت الاستطاعة فيما بعد وقد مر في مسألة حج المملوك خبرا يتضمن الجمع بين الأجزاء ) والحكم بالإعادة فيعلم منه وقوع اطلاق الأجزاء على المعنى الذي ذكرناه فلا يبعد ارادته هيهنا وأول الشيخ الخبر الأول بالحمل على أن المراد بحجة الاسلام الحجة المندوب إليها في حال الاعسار دون التي يجب في حال اليسار ومنها ما رواه الصدوق عن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل ليس له مال حج عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب مالا هل عليه الحج قال يجزى عنهما ولا يجزى في هذا الحديث التأويل الذي ذكرنا قال في المنتقى وربما تطرق إليه الشك بقصور متنه حيث تضمن السؤال أمرين والجواب انما ينتظم مع أحدهما فان قوله يجزى عنهما يناسب مسألة الحج عن الغير واما حكم من أحجه غيره فيبقى مسكوتا عنه مع أن إصابة المال انما ذكرت معه وذلك مظنة للريب أو عدم الضبط في حكاية الجواب فيشكل الالتفات إليه في حكم مخالف لما عليه الأصحاب والمسألة عندي محل اشكال ولو حج عن المستطيع الحي غيره لم يجز لا اعلم في هذا الحكم خلافا والوجه فيه ان الواجب على المستطيع ايقاع الحج مباشرة فلا يجزى الاستنابة فيه ولا يجب الاقتراض للحج الا إذا كان ماله مما لم يمكن تحصيل الزاد والراحلة به وكان عنده ما يفي بإزائه فإنه يجب الاقتراض على هذا التقدير لصدق التمكن المقتضى لوجوب الحج (وتوقف الحج) الواجب عليه وهذا هو المصرح به في بعض عبارات الأصحاب ومقتضى ذلك وجوب الاقتراض إذا كان له دين مؤجل كاف للحج وامكنه اقتراض ما يحج به و به حكم بعض المتأخرين وقال [المص] في المنتهى من كان له مال فباعه قبل وقت الحج مؤجلا إلى بعد فواته سقط عنه الحج لأنه غير مستطيع قال وهذه حيلة يتصور ثبوتها في اسقاط فرض الحج عن الموسر وفيه تأمل قال وكذا لو كان له مال فوهبه قبل الوقت أو أنفقه فلما جاء وقت الحج كان فصيرا لم يجب عليه وجرى مجرى من أتلف ماله قبل حلول الأجل ولا يجب بذل الولد ماله لوالده فيه أي في الحج عند [المص] وساير المتأخرين وقال الشيخ في [يه] ومن لم يملك الاستطاعة وكان له ولد له مال (وجب ان يأخذ من مال ولده) قدر ما يحج به على الاقتصاد ويحج وبه قال ابن البراج وقال في [ط] و [ف] روى أصحابنا انه إذا كان له ولد له مال وجب ان يأخذ من ماله ما يحج به ويجب عليه اعطاؤه ثم قال في [ف] ولم يرو الأصحاب خلافا هذه الرواية فدل على اجماعهم عليها وقال المفيد في المقنعة وإن كان الرجل لا مال له ولولده مال فإنه يأخذ من مال ولده ما يحج به من غير اسراف وتقتير حجة القول الأول ان مال الولد ليس للوالد فلا يجوز له التصرف فيه وحجة القول الثاني ما رواه الشيخ عن سعيد بن يسار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يحج من مال ابنه وهو صغير قال نعم يحج منه حجة الاسلام قال قلت وينفق منه قال نعم ثم قال إن مال الولد لوالده ان رجلا اختصم هو وولده إلى النبي صلى الله عليه وآله فقضى ان المال والولد للوالد وروى الشيخ عن سعيد بن يسار باسناد فيه جهالة مثله وأجاب [المص] عن الرواية بالحمل على الاستدانة بعد تحقق الاستطاعة أو على من يجب عليه الحج واستقر في ذمته وفرط فيه ثم تمكن من الاقتراض من مال الولد فإنه يلزمه ذلك وفي هذا الجواب بعد والعدول عن ظاهر الرواية الصحيحة [لا يخ] عن اشكال والمريض ان قدر على الركوب وجب الحج عليه والا أي وان لم يقدر على الركوب فلا يجب الحج عليه والمراد بالقدرة على الركوب عدم حصول المشقة الشديدة والحكمان لا اعرف خلافا فيهما ويدل على الأول صدق التمكن المقتضى للوجوب وعلى الثاني حصول المشقة المقتضية للحرج فينتفى الوجوب ولو افتقر إلى الرفيق مع عدمه أو إلى الأوعية والآلات مع العدم أو إلى الحركة القوية مع ضعفه أو إلى ما يدل للعدو في الطريق مع تمكنه على رأى سقط وجوب الحج لا اعرف خلافا بين الأصحاب في سقوط الحج فيما عدا الصورة الأخيرة واما الصورة الأخيرة فقد اختلف فيها الأصحاب فقيل يسقط الوجوب نسب إليه الشيخ وجماعة من الأصحاب (واستحسن المصنف في التذكرة القول بالوجوب مع عدم الاجحاف به وبه قطع في الدروس فيتناول) واستحسن المحقق القول بالوجوب واليه ذهب بعض الأصحاب والأقرب عدم السقوط لحصول الاستطاعة والقدرة فيتناول الخطاب المفهوم من الآية والاخبار حجة القول الأول وجوه منها ان شرط الوجوب وهو تخلية السرب منتف فينتفى المشروط ومنها ان المأخوذ على هذا الوجه مأخوذ على سبيل الظلم والذهاب إلى الحج يستلزم الإعانة عليه فيكون محرما
(٥٦١)