ثبوته كليا في مقام التعليم وهذا هو الوجه فيما رواه الكليني عن أبي الصباح الكناني في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في الرجل ينسى أو يعين فلا يزال ماله دينا كيف يصنع في زكاته قال يزكيه ولا يزكي ما عليه من الدين انما الزكاة على صاحب المال قال في (ق) عين اخذ بالعينه بالكسر اي السلف أو اعطى بها ويحتمل الحمل على التقية في الكل فان جمهور أهل الخلاف على وجوب الزكاة في الدين وما تضمنه الخبر من نفى الزكاة فيما عليه من الدين محمول على عدم بقاء عين المال عنده حولا وحمل اخبار الوجوب على ما إذا امكنه في وقته وعينه بالعزل مع ابتياع المدين بنيته بعيد تنبيه قال الشهيد في (البيان) الظاهر أن الشيخ أراد النقد إذ الحيوان في الذمة لا يعقل فيه السوم وصرح المصنف في التذكرة بان الدين لو كان نعما فلا زكاة فيه ثم قال ومن أوجبه في الدين توقف هنا لان السوم شرط وما في الذمة لا يوصف بكونه سائما ثم استشكله بأنهم ذكروا في سلم اللحم التعرض لكونه لحم راعية أو معلوفة فإذا جاز ان يثبت في الذمة لحم راعية جاز ان يثبت راعيه ومحصل الاشكال ان بناء ايجاب الزكاة في الدين إذا كان نقدا انما هو على تقدير الحكم الثابت للامر المعين الشخصي إلى الامر الكلي الثابت في الذمة عند الاشتراك في الوصف وعلى هذا يقتضي انسحاب الحكم في الحيوان فوجه التوقف غير واضح فما اورده الشهيد الثاني على المصنف من أن كلامه انما يتجه إذا جعلنا مفهوم السوم عدميا وهو عدم العلف كما هو الظاهر من كلامهم إما ان جعلناه أمرا وجوديا وهو اكلها من مال الله المباح لم يعقل كون ما في الذمة سائما غير متوجه وقد يقال المتبادر من الروايتين المتضمنتين لثبوت الزكاة في الدين ان المراد به النقد فلا يبعد قصر الحكم عليه لأصالة البراءة من الوجوب في غيره وهو غير بعيد مسألة إذا ابتيع لمدين وعزله المستدين عن لا شرعيا فهل يجب الزكاة على المدين يبنى الوجوب وعدمه على الاكتفاء بالتمكن من التصرف وعدمه وقد مر ما يصلح تحقيقا له وحكى عن بعض المتأخرين عدم الوجوب إذا لم يعلم بالقول وجعل الوجوب احتمالا قويا لأنه مالك متمكن من التصرف والمنع انما هو بتفريطه ومن الشارحين للقواعد من رجح عدم الوجوب في الصورة المذكورة والقرض ان تركه المقترض حولا بحاله فالزكاة عليه والا سقطت سواء شرط المقرض المستقرض الزكاة على القارض أم لا على المشهور بين الأصحاب اختاره ابن أبي عقيل والشيخ في النهاية في باب الزكاة والخلاف والمفيد في المقنعة والشيخ علي بن بابويه في الرسالة وابن إدريس وقال الشيخ في باب القرض من النهاية ان شرط المستقرض الزكاة على القارض وجبت عليه دون المستقرض حجة الأول ان الزكاة انما تتعلق بصاحب المال فلا يكون اشتراطها على غيره سايغا ويكون من قبيل اشتراط العبادة على غير من وجبت عليه وفيه ان تعلقها بصاحب المال مشروط بعدم تبرع المقرض لما مر ان تبرع المقرض جايز سقط الوجوب عن المقترض فلا يكون الاشتراط عليه من قبيل اشتراط العبادة على غير من وجبت عليه احتج المصنف في التذكرة للثاني بصحيحة منصور السابقة عند شرح قول المصنف والقرض حين القبض ثم قال إن الحديث لا يدل على مطلوبه وهو حسن فان مقتضى الرواية جواز التبرع وهو لا يقتضي جواز اشتراط تعلقها به والظاهر جواز الشرط المذكور بناء على جواز تبرع المقرض ولا يبعد لزومه بناء على وجوب الوفاء بالعهود وانكره المصنف وعلى القول باللزوم هل يسقط عن المقترض بمجرد الشرط فيه نظر والأقرب عدم السقوط للاخبار السابقة في حكم القرض ولا ينافيه الوجوب على المقترض كما لو وجب على شخص أداء دين اخر بنذر أو شبهه فإنه لا يسقط الوجوب عن المدين فان وفى سقط عن المديون والأوجب عليه الأداء وعلى القول بفساد الشرط هل يفسد القرض لا يبعد ذلك لعدم التراضي الا مع الشرط وهو المحكي عن جماعة منهم الشهيدان ويحكى عن بعضهم القول بعدم الفساد وينبغي التنبيه على أمور الأول قال الشيخ في موضع عن المبسوط لو رهن النصاب قبل الحول فحال الحول وهو رهن وجبت الزكاة وإن كان موسر كلف اخراج الزكاة وإن كان معسرا تعلق بالمال حق الفقراء يؤخذ منه لان حق المرتهن في الذمة وقال في موضع اخر منها لو استقرض ألفا ورهن ألفا لزمه زكاة الألف القرض دون الرهن لعدم تمكنه من التصرف في الرهن وقال في الخلاف لو كان له الف واستقرض ألفا غيرها ورهن هذه عند المقرض فإنه يلزمه زكاة الألف التي في يده إذا حال الحول دون الألف التي هي رهن ثم استدل بان مال الغايب إذا لم يتمكن منه لا يلزمه زكاة والرهن لا يتمكن منه ثم قال ولو قلنا إنه يلزم المستقرض زكاة الألفين كان قويا لان الألف القرض لا خلاف بين الطائفة انه يلزمه زكاتها والألف المرهونة هو قادر على التصرف فيها بان يفك رهنها والمال الغايب إذا كان متمكنا منه يلزمه زكاته بلا خلاف ويستفاد من هذا الكلام التفصيل بالقدرة على الفك وعدمه وبه صرح المصنف في النهاية حيث قال ولو كان قادرا على الانفكاك وجبت الزكاة لتمكنه من التصرف ولا يخرجها من النصاب لتعلق حق المرتهن فيه تعلقا مانعا من تصرف الراهن وفي الدروس ولا في الرهن مع عدم تمكنه من فكه وعندي في هذه المسألة اشكال وشرط الضمان الاسلام وامكان الأداء فلو تلفت بعد الوجوب وامكان الأداء ضمن المسلم لا الكافر تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول ان الكافر يجب عليه جميع فروع الاسلام ولكن لا يصح منه ما دام كافرا إما الوجوب فلعموم الأوامر السالم من المعارض وقوله تعالى ويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة واما عدم الصحة ما دام كافرا فعلل بوجوه منها ان الصحة مشروط بنية القربة ولا يصح منه ومنها الأخبار المستفيضة الدالة على بطلان عبادة المخالف فضلا عن الكافر ومنها الاجماع على أن الكافر لا يدخل الجنة ولو وقعت منه عبادة صحيحة لا يثبت عليها ولزوم دخوله الجنة لايصال الثواب إليه إذ لا يقع في غيرها اجماعا على ما نقله جماعة وطريق المناقشة إلى هذه الوجوه غير منسد ولكن الامر فيها هين الثاني ذكر كثير من الأصحاب ان الكافر لا يضمن بعد اسلامه وان وجبت عليه في حال كفره وقد نص الفاضلان ومن تبعهما من المتأخرين على أن الزكاة تسقط عن الكافر بالاسلام وإن كان النصاب موجودا وظاهر كلام المصنف في بعض كتبه انه يستأنف الحول من حين اسلامه وان أسلم في أثناء الحول وكلام الشهيد كالصريح في هذا وفي عبارة المصنف في النهاية نوع اجمال بل لا يبعد ان يقال إنه مشعر بخلافه حيث قال فإذا أسلم بعد الحول سقطت عنه لقوله (ع) الاسلام يجب ما قبله ولو أسلم قبل الحول بلحظة وجبت الزكاة ولو كان الاسلام بعد الحول ولو بلحظة فلا زكاة سواء كان المال باقيا أو تالفا بتفريطا منه وبغير تفريط والاشكال في هذه الأحكام ثابت لعموم الأدلة الدالة على الوجوب وعدم وضوح ما يدل على السقوط وضعف الخبر الذي تمسكوا به بحسب السند والدلالة وقوله تعالى قل للذين كفروا يغفر لكم يدل على ارتفاع الاثم بما حصل في حال الكفر وهو غير مستلزم للمدعى كما لا يخفى مع أن تصوير الوجوب مع عدم صحة أدائها حال الكفر وسقوطها بالاسلام محل اشكال ولهذا توقف فيها غير واحد من المتأخرين وهو في محله الثالث قالوا لا يشترط في وجوب الزكاة التمكن من الأداء وفي المنتهى انه قول علمائنا أجمع واستدل عليه بعموم الأدلة السالمة من المعارض السابقة ويمكن الاستدلال بقول أبي عبد الله (ع) في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه وصحيحة الفضلاء وغيرها من الأخبار السابقة وبقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وما بعد الغاية مخالف لما قبلها وبأنه لو حال على النصاب أحوال ولا يتمكن من الأداء وجب زكاة الأحوال وهو دليل الوجوب لكن لا يخفى ان وجوب الزكاة معناه وجوب ايصال قدر معين من المال على الشرايط المعلومة إلى المستحق ولا معنى لهذا عند عدم التمكن من الأداء ولعل المقصود ثبوت بعض الآثار المرتبة على الوجوب كوجوب الايصاء ووجوب اخراجه عن ماله عند الوفاة وحصول الشركة للمستحق وأمثال ذلك فالمراد بوجوب الزكاة ثبوتها على الوجه المذكور وعلى هذا يضعف الاستناد إلى بعض الأدلة المذكورة الرابع الضمان مشروط بالتمكن من الأداء والظاهر أنه متفق بين الأصحاب وما استدل عليه ان الزكاة متعلقة بالعين لا بالذمة فيكون النصاب في يده بمنزلة الإمامة فلا يضمن الا بالتعدي والتفريط فلو تلف قبل التمكن من الأداء من غير تفريط لم يكن عليه شئ وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل بعث بزكوة ماله ليقسم بينهم فضاعت هل عليه ضمانها حتى يقسم فقال إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتى يدفعها وان لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده وكذلك الوصي الذي يوصى إليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه إليه فإن لم يجد فليس عليه ضمان
(٤٢٦)