استشكله بعض الأصحاب بان اسقاط الواجب بفعل من لم يتعلق به الوجوب مع الاذن وبدونه يتوقف على الدليل وحمله على الدين والزكاة المالية لا يخرج عن القياس وهو متجه لكن الشيخ في الخلاف في الأجزاء إذا أخرجت زوجة الموسر عن نفسها بإذن الزوج وبه قطع المصنف وقد يقال التحقيق البناء على أن الفطرة على الزوج أصالة أو هو تحمل فعلى الأول لا تجزى الا إذا نوت الوكالة عن الزوج والظاهر أنها على الزوج أصالة وحينئذ فالظاهر أنه لا يجزى الا إذا وكلها في الاخراج عن ماله لا مطلقا ان ثبت الاجماع على جريان التوكيل هيهنا وروى الكليني عن جميل بن دراج في القوي عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان يعطى الرجل عن عياله وهم غيب عنه ويامرهم فيعطون عنه وهو غايب عنهم ورواه الشيخ باسناد اخر في القوى أيضا ولعلم ينزل على التوكيل وكذا يخرج الفطرة عن المولود كذلك اي كان عنده قبل الهلال بحيث يدرك أول الهلال والمراد ان يدرك غروب الشمس ليلة العيد نص عليه المحقق والمتجدد في ملكه حينئذ كذلك يظهر من كلام الفاضلين انه متفق عليه بين الأصحاب وذكر بعض المتأخرين انه متفق عليه بين العلماء ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن معوية بن عمار في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) في المولود يولد ليلة الفطر واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر قال ليس عليهم فطرة ليس الفطرة الا على من أدرك الشهر والرواية ضعيفه ولا يبعد ان يقال ضعفه منجبر بالشهرة ويؤيده صحيحة معوية بن عمار الآتية ولو كان بعد الهلال يجب للرواية المذكورة وما رواه الشيخ عن معوية ابن عمار في الصحيح قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) عن مولود ولد ليلة الفطر أعليه فطرة قال لا قد خرج الشهر وسئله عن يهودي أسلم ليلة الفطر أعليه فطرة قال لا وروى المسألة الأولى في موضع اخر عن معوية بن عمار باسناد اخر في الصحيح أيضا ولو تحرر بعض المملوك وجب عليه الفطرة بالنسبة وقوى الشيخ في (ط) سقوط الزكاة عنه وعن المولى إذا لم يصله المولى ليس بحر فيلزمه حكم نفسه ولا هو مملوك فيجب زكاته على مالكه لأنه قد تحرر بعضه ولا هو في غيلولة مولاه فيلزمه فطرته لمكان العيلولة واستدل المصنف في المنتهى على ما اختاره بان النصيب للمملوك يجب نفقته على مالكه فيكون فطرته لازمة واما النصيب الحر فلا يجب على السيد أداء الزكاة عنه لأنه لا يتعلق به الرقية بل يكون زكاته واجبة عليه إذا ملك بجزئه الحر ما يجب فيه الزكاة عملا بالعموم وفي الحجة من الجانبين نظر وعلى ما ذكره ابن بابويه من وجوب فطرة المكاتب على نفسه وان لم يتحرر منه شئ فالوجوب هنا أولي ولو قيل يجب عليه الفطرة انه ملك ما تجب به الزكاة كان قويا عملا بعموم الأدلة ولو عاله المولى وجبت الفطرة عليه امكان العيلولة المقتضية للوجوب و يستحب للفقير اخراجها بان يريد صاعا على عياله ثم يتصدق به استحباب اخراج الفقير عن نفسه ومن عياله ففي المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع الا من شذ ويدل عليه الأخبار السابقة في تحقيق اشتراط الغنى في وجوب الفطرة واما ما ذكره من الإرادة المذكورة فاستدل عليه بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق ورواه الكليني أيضا وابن بابويه أيضا يتفاوت قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل لا يكون عنده شئ من الفطرة الا ما يؤدى عن نفسه من الفطرة وحدها يعطيه غريبا أو يأكل هو وعياله قال يعطى بعض عياله ثم يعطى الأخر عن نفسه يردونها فيكون عنهم جميعا فطرة واحدة وظاهر كلام المصنف ان المتصدق وهو الأول وهو انسب بالإرادة التي ذكرها المصنف وغيره و ذكر الشهيد في الدروس ان الأخر منهم يدفعه إلى الأجنبي والرواية خالية عن ذلك كله بل ليس فيها دلالة على انها يدفع إلى الأجنبي قال الشهيد الثاني ولو كانوا غير مكلفين أو بعضهم تولى المولى ذلك عنه ولا يشكل اخراج ما صار إليه عنه بعد النص وثبوت مثله في الزكاة المالية ولا يخفى ان دلالة النص على ما ذكره غير واضح فتدبر ولو بلغ قبل الهلال اي قبل غروب الشمس ليلة العيد أو أسلم أو عقل من جنونه أو استغنى وجب اخراجها عليه وقد مر بيان ذلك ولو كان بعده اي بعد الهلال المضبوط بغروب الشمس ليلة العيد استحب ما لم يصل العيد ونقل المصنف في (لف) عن ابن بابويه في المقنع أنه قال وان ولد لك مولود يوم الفطر قبل الزوال فادفع عنه الفطرة وان ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه وكذا إذا أسلم الرجل قبل الزوال وبعده والظاهر أن مراده الاستحباب كما صرح به في من لا يحضره الفقيه ويدل عليه ما رواه الشيخ في التهذيب مرسلا ان من ولد له ولد قبل الزوال يخرج عنه الفطرة وكذلك من أسلم قبل الزوال ويدل عليه أيضا رواية محمد بن المسلم السابقة عند شرح قول المصنف عنه وعن من يعوله وهو محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة والمراد بقوله ما لم تصل العيد قبل زوال الشمس نص عليه المحقق في المعتبر ويخرج عن الزوجة والمملوك وان كاتبه مشروط إذا لم يعلهما غيره الظاهر اتفاق العلماء كافة على وجوب اخراج الفطرة عن الزوجة والمملوك في الجملة وقد وقع الخلاف في الزوجة في موضعين أحدهما إذا لم تكن واجبة النفقة على الزوج كالناشزة والصغيرة وغير المدخول بها مع عدم التمكين كالأكثر على عدم الوجوب حينئذ الا مع العيلولة تبرعا وذهب ابن إدريس إلى الوجوب مطلقا سواء كن نواشز أو لم يكن وجبت النفقة عليهن أو لم يجب دخل بهن أو لم يدخل دائمات أو منقطعات والأول أقرب لإناطة الحكم بالعيلولة وينتفى عند عدمها احتج ابن إدريس بالاجماع والعموم من غير تفصيل من أحد من أصحابنا وفيه منع واضح قال في المعتبر قال بعض المتأخرين الزوجية سبب لا يجاب الفطرة لا باعتبار وجوب مؤنتها ثم تحجر فقال يخرج من الناشزة والصغيرة التي لا يكن الاستمتاع بها ولم يبد حجة عدا دعوى الاجماع من الامامية على ذلك وما عرفنا أحدا من فقهاء الاسلام فضلا عن الامامية أوجب الفطرة على الزوجة من حيث هي زوجة بل ليس يجب فطرة الا عمن يجب مؤنته أو تبرع بها عليه فدعواه اذن غريبه من الفتوى والاخبار انتهى كلامه وثانيهما إذا لم يعلها الزوج وكانت واجبة النفقة عليه فظاهر الأكثر الوجوب وقيل لا يجب الا مع العيلولة واختاره بعض المتأخرين وهو جيد نظرا إلى ترتب الحكم في الاخبار على العيلولة واما المملوك غير المكاتب فحكم الأكثر بوجوب فطرته على المولى مطلقا حتى قال المصنف في المنتهى أجمع أهل العلم كافة على وجوب اخراج الفطرة عن العبيد الحاضرين غير المكاتبين والمغصوبين والآبقين وعبيد التجارة صغارا كانوا أو كبارا لان نفقته واجبة على المولى فيندرج تحت العموم بايجاب الفطرة عن كل من يعوله وقال المحقق في المعتبر يجب الفطرة عن العبد الغايب الذي يعلم حياته والآبق والمرهون والمغصوب وبه قال الشافعي واحمد وأكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة لا يلزمه زكاته لسقوط نفقته كما تسقط عن الناشزات ان الفطرة يجب على من يجب ان يعوله وبالرق يلزم العيلولة فيجب الفطرة وحجته ضعيفة لأنا لا نسلم ان نفقته تسقط من المالك مع الغيبة وان اكتفى بغير المالك كما لو كان حاضرا واستغنى بكسبه انتهى كلامه ره وقيل لا يجب الفطرة الا مع العيلولة وهو متجه لما ذكرنا مرارا والظاهر أن القريب لا يجب فطرته على قريبه الا مع العيلولة لما مر مرارا وحكى المصنف عن الشيخ أنه قال الأبوان والأجداد والأولاد الكبار إذا كانوا معسرين كان نفقتهم و فطرتهم عليه واحتج عليه بكونهم واجبي النفقة ثم رده بان الفطرة تابعة للنفقة لا لوجوبها وهو حسن واما المكاتب الذي لم يتحرر منه شئ فالمشهور بين الأصحاب ان زكاته على المولى وخالف فيه الصدوق ره فإنه روى عن علي بن جعفر في الصحيح انه سئل أخاه موسى (ع) عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه ويجوز شهادته قال الفطرة عليه ولا يجوز شهادته ثم قال قال مصنفه هذا الكتاب وهذا على الانكار لا على الاخبار يريد بذلك كيف يجب عليه الفطرة ولا يجوز شهادته اي ان شهادته جايزة كما أن الفطرة عليه واجبة ورواه الشيخ معلقا عن علي بن جعفر وطريقه إليه في الفهرست صحيح والأقرب وجوب الفطرة عليه كما هو قول الصدوق عملا بمدلول الرواية سواء حملت على الاخبار والانكار واعلم أن الأصحاب اختلفوا في العبد الغايب الذي لا يعلم حياته هل يجب فطرته على المولى أم لا فذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى إلى عدم الوجوب وخالف ابن إدريس فأوجب فطرته على المولى احتج الأولون بان المولى لا يعلم أن له مملوكا فلا يجب فطرته عليه وبان الايجاب شغل الذمة فيقف على ثبوت المقتضى وهي الحياة وهي غير معلومة وبان الأصل عصمة مال الغير
(٤٧٣)