عن المعادن كم فيها فقال كلما كان ركازا ففيه الخمس إلى اخر الحديث وقد مر في حكم المعدن والركاز ما ركزه الله في المعدن أي أحدثه ودفين أهل الجاهلية وقطع الذهب والفضة من المعدن قاله في (ق) ولا يخفى ان قرينة السؤال دالة على أن المراد من الركاز ما كان معدنا لا الدفين فالاستدلال بهذا الخبر مشكل واعلم أن الأصحاب قد قطعوا بان النصاب معتبر في وجوب الخمس في الكنز ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما يجب الزكاة مثله ففيه الخمس وقد صرح (المصنف) في المنتهى بان عشرين مثقالا معتبر في الذهب والفضة يعتبر فيها مائتا درهم وما عداه يعتبر قيمة بأحدهما وهو الصحيح كما هو المستفاد من الرواية وجماعة من الأصحاب اقتصروا على ذكر نصاب الذهب ولعل ذلك من باب التمثيل لا الحصر وقد صرح المصنف في المنتهى بان المعتبر النصاب الأول فما زاد عليه يجب فيه الخمس قليلا كان أو كثيرا واستشكله بعض المتأخرين بان مقتضى رواية ابن أبي نصر مساواة الخمس للزكوة في اعتبار النصاب الثاني للأول الا اني لا اعلم بذلك مصرحا ثم اعلم أن الكنز إذا وجد في دار الحرب فقد قطع الأصحاب بأنه لواجده بعد الخمس سواء كان عليه اثر الاسلام أم لا لان الأصل في الأشياء الإباحة والتصرف في مال الغير انما يحرم إذا ثبت كونه ملكا لمحترم ولم يثبت ولم يتعلق به نهى فيكون باقيا على الإباحة الأصلية وان وجد في دار الاسلام في ارض مباحة بان يكون في ارض موات أو خربة باد أهلها ولم يكن عليه اثر الاسلام فهو (في) مثل الأول حكما وحجة ولو كان عليه سكة الاسلام فلقطة على رأى اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الشيخ في (ف) وابن إدريس وجماعة من الأصحاب منهم المحقق في كتاب اللقطة من (الشرايع) إلى أن حكمه كالسابق وذهب الشيخ في (المبسوط) إلى أنه لقطة وهو قول المحقق واختاره أكثر المتأخرين منهم (المصنف) والأول أقرب لنا مع الحجة السابقة فإنها ينسحب هيهنا بتأييد عموم صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال سئلته عن الدار يوجد فيها الورق فقال إن كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم وإن كانت خربة قد خلا عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به وصحيحة محمد بن مسلم أيضا عن أحدهما (ع) قال وسألته عن الورق يوجد في دار فقال إن كانت الدار معمورة فيها أهلها فهي لأهلها وإن كانت خربة فأنت أحق بما وجدت احتجوا بوجوه منها انه يصدق عليه انه مال ضايع عليه اثر ملك انسان ووجد في دار الاسلام فيكون لقطة كغيره وأجيب عنه بمنع اطلاق اسم اللقطة على المال المكنوز إذ المتبادر منها المال الضايع على غير هذا الوجه على أن اللازم من ذلك انسحاب هذا الحكم فيما ليس عليه اثر الاسلام ووجد في دار الاسلام أيضا وهم لا يقولون به الا ان يدعى في نفيه هناك الاجماع ومنها ان اثر الاسلام يدل على سبق يد مسلم والأصل بقاء ملكه وفيه منع الدلالة على سبق يد مسلم إذ يمكن صدور الأثر من غير المسلم كما اعترف به الأصحاب في الموجود في دار الحرب والظاهر لا يقاوم الأصل الا بدليل وما ادعى من أصالة بقاء الملك ضعيف عندي لا يصلح للتعويل عليه وما رواه الشيخ عن محمد بن قيس عن الباقر (ع) قال قضى علي (ع) في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها والجواب ان الرواية معارضة بما هو أقوى منها فلابد من الجمع إما بحملها على ما إذا كانت الخربة لمالك معروف أو على ما إذا كان الورق غير مكنوز أو على الاستحباب وبالجملة ظاهر الرواية غير معمول بينهم والتفصيل الذي ذكروها غير مستفاد منها ولو كان المكنوز في مبيع عرفه البايع فان عرفه فهو له والا فللمشتري بعد الخمس والمراد بالبايع الجنس ليشمل القريب والبعيد لاشتراك الجميع في المقتضى قالوا وحيث يعترف به البايع يدفع إليه من غير بينة ولا وصف ولو تعذر البايع في طبقة واحدة دفع إليهم جميعا ان اعترفوا بملكيته وان اعترف به بعضهم دفع إليه وان ذكر ما يقتضى التشريك دفع إليه حصته خاصة وفي منع البايع انتقل عنه بغيره من أسباب الملك واعلم أن الحكم بوجوب تعريف البايع مشهور بين الأصحاب ذكره الفاضلان وغيرهم والحجة عليه غير واضحة إذا احتمل عدم جريان يده عليه وأصالة البراءة من هذا التكليف تقتضي عدمه إلى أن يقوم عليه دليل واضح والأمثل في أمثاله سلوك طريق الاحتياط ولو علم انتفائه عن بعض الملاك فالظاهر سقوط وجوب التعريف والظاهر أن الحكم بكونه للمشترى مع عدم اعتراف البايع به مفيد بما إذا لم يكن عليه اثر الاسلام كان لقطة (قد قيد الحكم في المسألة السابقة بذلك للاشتراك في المقتضى فإذا كان عليه اثر الاسلام) عندهم وكذا لو اشترى دابة فوجد في جوفها شيئا فإنه يجب تعريف البايع فان عرفه فهو له وان جهله فهو للمشترى وعليه الخمس إما وجوب التعريف فالأصل فيه صحيحة على ابن جعفر قال كتبت إلى الرجل أسئله عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جوهر لمن يكون ذلك قال فوقع (ع) عرفها البايع فإن لم يكن يعرفها فالشئ لك رزقك الله إياه وظاهر الرواية عدم الفرق بين ما عليه اثر الاسلام وغيره بل الظاهر كون الدراهم في ذلك الوقت مسكوكة بسكة الاسلام ولا يبعد ان يكون ذلك هو السبب في اطلاق الأصحاب الحكم في هذه المسألة والتفصيل في مسألة وجدان الكنز في دار الاسلام وقال الشهيد الثاني واطلاق الحكم الشامل لما عليه اثر الاسلام وعدمه تبع لاطلاق النص ومن اعتبره ثم اعتبره هنا أيضا لاشتراكهما في المقتضى وفيه تأمل والمستفاد من الرواية انه لا يجب تبع (تتبع) من جرت يده على الدابة من الملاك وهو كذلك لجواز عدم جريان يد المالك المتقدم عليه ولو علم تأخر ابتلاع الدالة لم يبعد سقوط تعريف البايع ويكون الرواية محمولة على الغالب واما وجوب الخمس فهو مقطوع به في كلام الأصحاب ولم ينقلوا عليه دليلا واضحا واندراجه في الكنز بعيد ولا يبعد دخوله في قسم الأرباح ولو اشترى سمكة فوجد في جوفها شيئا فهو للواجد من غير تعريف بعد الخمس والفرق بينه وبين الدابة ان الدابة مملوكة للغير في الأصل بخلاف السمكة فإنها من المباحات التي يتوقف ملكيتها على الحيازة والنية المتحققتان في السمكة دون ما في جوفها لانتفاء النية بالنسبة إليه بل أمكن دعوى عدم صدق الحيازة أيضا بالنسبة إليه ويلوح من كلام المصنف في التذكرة الميل إلى الحاق السمكة بالدابة لان القصد إلى حيازتها يستلزم القصد إلى حيازة جميع اجزائها وفيه تأمل وذكر الشهيد الثاني ان هذا إذا كانت السمكة مباحة الأصل فلو كانت مملوكة كالموجودة في ماء محصور مملوك فحكمها حكم الدابة كما أن الدابة لو كانت مباحة بالأصل كالغزال فحكمها حكم السمكة واطلاق الحكم فيها مبنى على الغالب والظاهر من اعتبر عدم اثر الاسلام في ملكية الكنز الموجود في دار الاسلام اعتبره هنا للاشتراك في المقتضى واما وجوب الخمس هنا فكما مر في المسألة المتقدمة والخمس واجب أيضا في الغوص كالجواهر والدر إذا بلغت قيمته دينارا بعد المؤنة إما وجوب الخمس فالظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب وفي المنتهى انه قول علمائنا أجمع والأصل فيه ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن العنبر وغوص اللؤلؤ قال عليه الخمس وروى الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم نحوا منه والرواية قاصرة عن إفادة التعميم واما اعتبار النصاب فالظاهر أنه متفق عليه بين الأصحاب لكنهم اختلفوا في تقديره فذهب الأكثر إلى أنه دينار واحد ومن المفيد في الرسالة الغرية انه جعل نصابه عشرين دينارا كالمعدن ومستند الأول رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر السابقة في اعتبار النصاب في المعدن واستضعفه بعضهم لجهالة الراوي وفيه تأمل لصحة الرواية إلى ابن أبي نصر السابقة في اعتبار النصاب في المعدن وقد نص الشيخ على أنه لا يروى الا عن الثقات ويؤيده ان الاجماع محكى عنهم في اعتبار النصاب فيجب الاقتصار على الدينار المذكور في هذه الرواية اقتصارا في تخصيص الخبر السابق الدال على وجوب الخمس في هذا النوع مطلقا على القدر المتيقن وفي المنتهى لا يعتبر في الزايد نصابا اجماعا بل لو زاد قليلا أو كثير أوجب فيه الخمس والبحث في الدفعة والدفعات كما سبق في المعدن ولو اشترك في الغوص جماعة اعتبر بلوغ نصيب كل واحد منهم نصابا قالوا ويضم أنواع المخرج بعضها إلى بعض في التقويم ولو خرج حيوان بالغوص فالظاهر أنه لا يتعلق به حكم الغوص بل يكون من باب الأرباح والفوايد التي يعتبر فيها مؤنة السنة لعدم عموم النص وعدم تحقق الاجماع في محل النزاع وهو اختيار المحقق في المعتبر ونقل في (ن) عن بعض من عاصره انه جعله من قبيل الغوص واما وجوب الخمس في هذا النوع بعد المؤنة فقد مر ما يصلح حجة عليه ولو اخذ من البحر شئ بغير غوص فلا خمس من هذه الجهة وان
(٤٧٩)