الأخر واختاره المصنف في المنتهى ونسبه في التذكرة إلى الفقهاء الأربعة وفي المعتبر إلى ثلاثة منهم وذهب الشيخ وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن البراج إلى أنه يجب فيها أربع شياة حتى يبلغ أربعمائة فيؤخذ من كل مأة شاة فلا يتغير الفرض حتى يبلغ خمسمأة واختاره المصنف في (لف) ونسبه المحقق في المعتبر إلى الشهرة ونقل الشيخ في (ف) اجماع الفرقة عليه وهيهنا قول ثالث قاله ابن زهرة في الغنية وهو ان في ثلاثمائة وواحدة أربع شياة فإذا زادت على ذلك سقط هذا الاعتبار واخرج عن كل مائة شاة ونقل عليه اجماع الفرقة واحتج الأولون بما رواه الشيخ عن محمد بن قيس في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ليس فيما دون الأربعين من الغنم شئ فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة فيها شاتان إلى المأتين فإذا زادت واحدة فيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة فإذا كثرت الغنم ففي كل مأة شاة ولا يؤخذ هرمة ولا ذات عوار الا ان يشاء المصدق ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق ويعد صغيرها وكبيرها وعد المصنف في المنتهى هذه الرواية من الصحاح واعترضها في (لف) بان محمد بن قيس مشترك بين أربعة أحدهم ضعيف فلعله إياه وأجاب عنه الشهيد الثاني في بعض فوايده بان محمد بن قيس الذي يروى عن الصادق (ع) غير محتمل للضعيف وانما المشترك بين الثقة والضعيف من يروى عن الباقر (ع) نعم يحتمل كونه ممدوحا وموثقا فيحتمل حينئذ كونها من الحسن ومن الصحيح وفيه ان في جمله من يروى عن الصادق (ع) من ليس بموثق ولا ممدوح لكن المستفاد من كلام الشيخ والنجاشي ان محمد بن قيس هذا هو البجلي بقرينة رواية عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عنه وقد وثقه النجاشي فيكون الخبر صحيحا واستدل المصنف في المنتهى على هذا القول أيضا بما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن الباقر (ع) قال قال فان زادت واحدة ففيها ثلاث شياة إلى ثلاثمائة فإذا كثر الغنم سقط هذا كله واخرج عن كل مأة شاة ولا يخفى ان هذه العبارة موجودة في الفقيه بعد رواية لزرارة والظاهر أنه من جملة الرواية كما يظهر عند التأمل في سابقه ولاحقه وظن أن المصنف وهم في المنتهى ولهذا لم ينقلها المصنف في غير المنتهى ولاغيره من الأصحاب فيما اعلم الا بعض المتأخرين حيث وافق المصنف في ذلك احتج الآخرون بما رواه الكليني والشيخ عنه عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي والفضيل عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) في الشاة في كل أربعين شاة شاة وليس فيما دون الأربعين شئ ثم ليس فيها شئ حتى يبلغ عشرين ومأة فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة فإذا زادت على مائة وعشرين ففيها شاتان وليس فيها أكثر من شاتين حتى يبلغ مأتين فإذا بلغت المأتين ففيها مثل ذلك فإذا زادت على المأتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة ثم ليس فيها شئ أكثر عن ذلك حتى يبلغ ثلاثمائة فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياة فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتى يبلغ أربعمائة فان تمت أربعمائة كان على كل مأة شاة وسقط الأمر الأول وليس على ما دون المأة بعد ذلك شئ وليس في النيف شئ وقالا كل مال لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شئ عليه فإذا حال عليه الحول وجبت عليه والمحقق في المعتبر اورد الروايتين من غير تعرض لترجيح أحدهما على الأخر والمصنف في المنتهى رجح الرواية الأولى لكونها أصح من الثاني واعتضده بالأصل ونفى البعد عنه بعض الأصحاب وزاد عليه ان الرواية الثانية مخالفة لما عليه الأصحاب في النصاب الثاني وذلك مما يضعف الحديث وعندي ان الحسان بإبراهيم بن هاشم لا يقصر عن الصحاح فترجيح غيره عليه لا يخلو عن اشكال مع أن هذا الترجيح انما ينفع عند التساوي من جهات أخرى وهو ممنوع كما ستعلم والأصل معارض بوجوب تحصيل اليقين بالبرائة من التكليف الثابت بل هو حاكم عليه دافع له ومخالفة الرواية الثانية المعمول بينهم في النصاب الثاني مقصورة على ما نقله المصنف في المنتهى وفاقا لبعض نسخ التهذيب حيث قال فيه فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها شاتان واما على الوجه الذي اوردنا الخبر نقلا عن الكافي فلا يلزم المحدود المذكور وعلى هذا الوجه اورده الشيخ في الاستبصار والمصنف في التذكرة وصاحب المشقي ويوافقه بعض نسخ التهذيب ومنهم من رجح الرواية الثانية بكثرة رواته وفضلهم وكونها عن الباقر والصادق عليهما السلام واعترض عليه بان الكثرة لا ينفع مع الانتهاء إلى الواحد والرواية عن واحد منهم كالرواية عن الجميع ولا يخفى ان التعدد في بعض المراتب له رجحان ما بالنسبة إلى الوحدة في جميع المراتب وكذا الرواية عن امامين لان احتمال السهو والاشتباه في غيره أقوى ولكن مجرد هذا الترجيح لا يكفي في هذا المقام وزعم بعض أفاضل المتأخرين انه لا تعارض بين الخبرين فخلو رواية محمد بن قيس عن التعرض لذكر زيادة الواحد على الثلاث مأة فان قوله فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة يقتضي كون بلوغ الثلاث مائة غاية لفرض الثلاث داخلة في المغيا كما هو الشأن في أكثر الغايات الواقعة فيه وفي غيره من الروايات المتضمنة لبيان نصب الإبل والغنم والكلام الذي بعده يقتضي إناطة الحكم بثبوت وصف الكثرة وفرض زيادة الواحدة ليس من الكثرة في شئ فلا يتناوله الحكم ليقع التعارض بل يكون خبر الفضلاء مشتملا على بيان حكم لم يتعرض له في الخبر الآخر لحكمة ولعله التقية وفيه نظر لأن الظاهر في مقام البيان حيث ذكر نصب الغنم على سبيل الترتيب وذكر غاية كل نصاب إلى أن وصل إلى ثلاثمائة ثم قال فإذا كثرت الغنم ففي كل مأة شاة ان مبدأ الكثرة التي يثبت بها هذا الحكم ما بعد الثلثمائة وقد سبق نظيره في اخبار الإبل ولا ينافيه مفهوم الغاية في قوله إلى ثلاثمائة إذ يجوز ان يكون التحديد باعتبار النصاب التي يتعلق الفريضة به لا باعتبار الفريضة فيتعلق الفريضة بالمأتين وواحدة وعفو إلى ثلاثمائة وواحدة فان النصاب حينئذ كل مأة وقد اشتملت رواية الفضلاء على غير نظيره وقوله فرض زيادة الواحدة ليس من الكثرة في شئ محل نظر إذ لو صح ذلك لزم ان لا يكون للكثرة في شئ من المراتب مبدأ أصلا والظاهر عندي ان الروايتين معتبرتان متعارضتان فلابد من الجمع بحمل الأولى على التقية لموافقتها لمذهب العامة ولعل في قوله (ع) فإذا كثرت الغنم حيث غير أسلوب الكلام ولم يصرح بالمقصود بل أبهم في التعبير إشارة إلى ذلك فان دأبهم (ع) في مواضع التقية ايراد المبهمات والمجملات والإشارات الدقيقة إلى المقصود أحيانا تقديرا للعدول عن التصريح بالحق بمقدار الحاجة كما لا يخفى على من تتبع كلامهم وقد سبق نظيره في بعض اخبار الإبل فإنه (ع) قد عبر بمثل هذه العبارة في موضع الاختلاف بيننا وبينهم ولعل في مفهوم الغاية في قوله إلى ثلاثمائة تأييد إما لما ذكرنا إذ لا يبعد ان يقال التحديد باعتبار مقدار الفريضة لا ما يتعلق به لكنه لا يصلح للدلالة ويعضده توقف اليقين بالبرائة من التكليف الثابت عليه ولا يصح التمسك بالأصل بعد ثبوت التكليف فظهر ان الترجيح للقول الثاني واعلم أن هيهنا سؤالا مشهورا اورده المحقق في درسه والأحسن في تقريره ان يقال إذا كان يجب في أربع مأة ما يجب في ثلاثمائة وواحدة فأي فائدة في جعلهما نصابين وينسحب مثله في المأتين وواحدة والثلثمائة وواحدة على القول الآخر والجواب ان الفائدة تظهر في الوجوب والضمان إما الأول فلان محل الوجوب في الأربع مائة مجموعها و في الثلثمائة وواحدة إلى أربعمائة الثلثمائة وواحدة وما زاد عنه عفو فهذا هو الفائدة في جعلهما نصابين وكذا الكلام في نظيره على القول الآخر واما الضمان فلانه لو تلفت واحدة من أربعمائة بعد الحول بغير تفريط سقط من الفريضة جزء من (مأة) سبعين جزء من شاة ولو كانت ناقصة عنها لم يسقط عن الفريضة شئ ما دامت الثلثمائة وواحدة باقية لان الزائد عليها ليس محلا للفريضة بل هو عفو ولو تلفت شاة من الثلثمائة وواحدة سقط من الفريضة جزء من خمسة وسبعين جزء وربع جزء من شاة هذا محصل ما ذكره ولكن في عدم سقوط شئ من الفريضة في صورة النقص عن الأربعمائة نظر لان الزكاة يتعلق بالعين فكون الفريضة حقا شايعا في المجموع ومقتضى الإشاعة توزيع التالف على المجموع وإن كان الزايد على النصاب عفوا ولا منافاة بين الامرين وفي عدم سقوط شئ في الصورة المذكورة والسقوط في الأربعمائة بعد ومخالفة للاعتبار لكن أمثال هذه الأمور بمعزل عن التأثير في اثبات الأحكام الشرعية وذكر بعض الأصحاب في سياق تحرير الفائدة انه لو تلفت الشاة من الثلثمائة وواحدة سقط من الفريضة جزء من خمسة وسبعين جزء من شاة ان لم نجعل الشاة الواحدة جزء من النصاب والا كان الساقط منه جزء من خمسة وسبعين جزء
(٤٣٥)