ويرد على الأول منع العموم واستفادة العموم من خبر عبد الرحمن بمعونة ترك الاستفصال واطلاق السؤال انما يتم بالنسبة إلى الافراد المتبادرة المنساقة إلى الذهن وهو العاجز عن الأداء بقرينة قوله قد ابتلى به وهو يقتضى قصور التركة سلمنا العموم لكنه يتخصص برواية زرارة لان الخاص حاكم على العام الا ان يثبت تأويل انها قرب منه ولم يثبت هيهنا ويرد على الثاني ان انتقال التركة إلى الوارث انما يكون بعد الدين والوصية كما هو منطوق الآية الشريفة والحاصل ان عموم الحكم غير مستفاد من الرواية وفي عموم الآية نوع تأمل أيضا فالعمل بالبرائة اليقينية من التكليف الثابت يقتضى تقدير الحكم بمقدار اليقين واستثنى الشهيد الثاني ما لو نعذر استيفاء الدين من التركة إما لعدم امكان اثباته أو لغير ذلك فجوز الاحتساب عليه حينئذ وإن كان غنيا وتنظر فيه بعض المتأخرين وهو في موقعه وهذا الحكم أعني جواز القضاء عنه ثابت مطلقا ولو كان المديون واجب النفقة على المزكى لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب وقد مر بيان ذلك عند شرح قول المصنف وان لا يكونوا واجبي النفقة ولا يشترط الفقر في الغازي والعامل والمؤلفة قلوبهم لا اعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب ويدل عليه عموم الآية ويسقط في الغيبة اي غيبة الإمام (ع) سهم الغازي الا ان يجب الغزو كما إذا أدهم المسلمين عدو يخاف منه على بيضة الاسلام لا للدعوة إلى الاسلام لاختصاص ذلك بحضور الإمام (ع) ويسقط في زمان الغيبة سهم العامل أيضا على ما ذكره جماعة من الأصحاب ولا اعرف عليه حجة واضحة وجزم الشهيد في الدروس ببقائه في زمن الغيبة مع تمكن الحاكم من نصبه وهو حسن لعموم الآية وكون الحاكم نائب الامام على العموم ويسقط في زمان الغيبة سهم المؤلفة قلوبهم على ما اختاره المصنف هنا وخالف فيه في المنتهى وقد مر الكلام في تحقيقه سابقا المقصد الرابع في كيفية الاخراج يجوز ان يتولاه اي اخراج الزكاة المالك بنفسه أو وكيله على المشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين منهم بل يظهر من التذكرة والمنتهى الاجماع منهم عليه قال في المنتهى ولو دفع المالك الزكاة إلى وكيله ليفرقه و نوى حال الدفع إلى الفقير أجزأ اجماعا ونحوه قال في التذكرة وقال الشيخ الأموال ضربان ظاهرة وباطنة فالباطنة الدنانير والدراهم وأموال التجارات فالمالك بالخيار بين ان يدفعها إلى الامام أو من ينوب عنه وبين ان يفرقها بنفسه على مستحقه بلا خلاف في ذلك وجعل الأفضل حمل الأموال الظاهرة مثل المواشي والغلاة إلى الامام وذهب جماعة من الأصحاب إلى وجوب حملها إلى الإمام (ع) وعلى هذا القول ففي الأجزاء بدون ذلك وجهان كما سيجيئ فمن المذاهبين إلى الوجوب المذكور المفيد ره حيث قال فرض على الأمة حمل الزكاة إلى النبي صلى الله عليه وآله والامام خليفته قائم قايم مقامه فإذا غاب الخليفة كان الفرض حملها على (إلى) من نصبه خليفته من خاصته فإذا عدم السفراء بينه وبين رعيته وجب حملها إلى الفقهاء المأمونين من أهل ولايته وقال أبو الصلاح يجب على كل من تعينت عليه فرض الزكاة أو فطرة أو خمس أو انفال ان يخرج ما وجب عليه من ذلك إلى سلطان الاسلام المنصوب من قبله تعالى أو إلى من نصبه لقبض ذلك من شيعته ليضعه مواضعه فان تعذر الأمران فإلى الفقيه المأمون فان تعذر واتولى ذلك بنفسه قال ابن البراج فإذا كان الامام ظاهرا وجب حمل الزكاة إليه ليفرقها في مستحقها فإن كان غايبا فإنه يجوز لمن وجب عليه ان يفرقها في خمسة أصناف ويدل على الأول ان الامر باخراج الزكاة إلى المستحق مطلق فيحصل الامتثال بالمباشرة بنفسه والأصل عدم وجوب حملها إلى الامام ويدل عليه أيضا الأخبار الكثيرة المستفيضة الدالة على أنهم (ع) يأمرون الناس بايصال زكاتهم إلى المستحقين وما دل على جواز النيابة والتوكيل فيه وقوله تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم احتج الموجبون بقوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ووجوب الاخذ يستلزم وجوب الدفع واختصاص الخطاب بالنبي صلى الله عليه وآله يحتاج إلى ادعاء عدم القائل بالفصل في انسحابه في الأئمة (ع) وبان سألت أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها ولم ينكره الصحابة فيكون اجماعا منهم وأجيب عن الأول بأنها يدل على وجوب اخذه لو دفعت إليه لا مطلقا ولا يستلزم ذلك وجوب الدفع إليه وفيه نظر لان الامر مطلق لا تقييد فيه وأجيب عنه أيضا بان مقتضى هذا الاستدلال وجوب الحمل إليه مع الطلب لا مطلقا ولا كلام فيه ولقائل أن يقول مقتضى العموم وجوب اخذ كل زكاة على النبي فيجب عليه ان يأمرهم بحمل كل زكاة يكون عندهم إليه وحينئذ يلزم وجوب حمل الزكاة إليه مطلقا ولكن لزم اقتران الطلب أيضا أيضا والوجه ان يقال إن الامر في الآية محمول على الاستحباب جمعا بينها وبين أدلة الفريق الأولى وأجيب عن الثاني بان مقاتلة أبي بكر لمنعهم من أداء الزكاة فلا يدل على محل النزاع إذا عرفت هذا فاعلم أيضا ان الاخبار دالة على قبول هذا الفعل للنيابة ومنها ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل بعث إلى أخ له زكاته ليقسمها فضاعت فقال ليس على الرسول ولا على المؤدى ضمان وقد مر عند شرح قول المصنف وشرط الضمان الاسلام وامكان الأداء اخبار أخرى تدل عليه ويعضده ما رواه الكليني عن صالح بن رزين في الضعيف قال دفع إلي شهاب بن عبد ربه دراهم من الزكاة اقسمها فاتيته يوما فسئلني هل قسمتها فقلت لا فاسمعني كلاما فيه بعض الغلظة فطرحت ما كان (معي) من الدراهم وقمت مغضبا فقال لي ارجع حتى أحدثك بشئ سمعته من جعفر بن محمد فرجعت فقال قلت لأبي عبد الله (ع) اني إذا وجبت زكوتي أخرجتها فادفع منها إلى من أوثق به تقسيمها قال نعم لا بأس بذلك إما انه أحد المعطين قال صالح فأخذت الدراهم حيث سمعت الحديث فقسمتها ويجوز ان يتولى الاخراج الامام والساعي ان اذن له الامام بلا خلاف في ذلك والا اي وان لم يأذنه الامام فلا يجوز للساعي توليه لا اعرف فيه خلافا لأنه وكيل من الامام فيكون تصرفه مقصورا على موضع الاذن من الموكل ويستحب حملها اي حمل الزكاة إلى الامام لأنه أبصر بمواقعها واعلم بمواضع الحاجة إليها ولأنه لبعده عن الهوى واستقامته على الحق المحض أقدر على الانصاف والتعديل وعدم الركون إلى الأغراض والدواعي الطبيعية ففيه منع المستحقين موافق للحكمة التي شرعت الزكاة لأجلها وقد ذكر جماعة من الأصحاب تأكد الاستحباب في الأموال الظاهرة ولم اطلع على نص يتضمنه قيل ولعل الوجه فيه ما يتضمنه من الاعلان بشرايع الاسلام والاقتداء بالسلف الكرام ولو طلبها اي الامام وجب حملها إليه باتفاق الأصحاب لوجوب متابعته في جميع الأمور وتحريم مخالفته ولو فرقها حينئذ اثم لعصيانه بمخالفة الإمام (ع) وأجزء على رأي اختاره المصنف في التذكرة وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والمحقق إلى عدم الأجزاء احتج المصنف بأنه دفع المال إلى مستحقه فخرج عن العهدة كالدين إذا دفعه إلى مستحقه وفيه منع احتج الأولون بأنها عبادة ولم يؤت بها على وجهها المطلق شرعا فلا يخرج المكلف بها عن العهدة ولان الامر بالشئ يقتضى النهى عن ضده والنهي في العبادة يستلزم الفساد والترجيح عندي للقول بعدم الأجزاء وزيادة الكلام في هذه المسألة مما تقل فائدته وحال الغيبة اي غيبة الامام يستحب دفعها اي الزكاة إلى الفقيه الجامع بشرايط الافتاء ليصرفها في مصارفها الشرعية وقيد الفقيه في كثير من عباراتهم بالمأمون وفسره جماعة من المتأخرين بمن لا يتوصل إلى اخذ الحقوق مع غنائه عنها بالحيل الشرعية وهو غير بعيد لان غير ذلك ناقصة الهمة ساقطة المرتبة غير (متأهلة) مستأهل لما يعتبر فيه التنزه والتورع ففيه اضرار بالمستحقين ونقص للحكمة المقتضية لاستحباب الحمل إلى الفقيه وقيل يجب دفعها إلى الفقيه وقد مر ذلك ويستحب بسطها على الأصناف لا اعرف خلافا بين أصحابنا في عدم وجوب البسط على الأصناف وجواز تخصيص جماعة من كل صنف أو صنف واحد بل شخص واحد من بعض الأصناف وان كثرت ونقل في التذكرة انه مذهب علمائنا أجمع وحكاه عن أكثر العامة وعن الشافعي انه إذا قسمه الامام يقسمه بين الأصناف سوى العاملين فسقوط حقة بانتفاء عمله فإن كانت السبعة موجودين والا دفعها إلى الموجودين من الأصناف يقسمها بينهم لكل صنف نصيبه سواء قلوا أو كثروا على السواء وان قسمها الساعي عزل حقه لأنه عامل وفرق الباقي على الأصناف السبعة وان فرقها بنفسه سقط نصيب العامل أيضا وفرقها على باقي الأصناف ولا يجزيه ان يقتصر على البعض ثم حصة كل منهم لا يصرف إلى أقل من ثلثه ان وجد منهم ثلثة لنا الأخبار المستفيضة منها ما رواه الكليني عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي في الحسن
(٤٦٥)