وهي صائمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بطعام فقال لها كلي فقالت انى صائمة فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ان الصوم ليس من الطعام والشراب قال وقال أبو عبد الله (ع) إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ودع المراء واذى الخادم وليكن عليك وقار الصايم ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك وعن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من عبد صالح يشم فيقول انى صايم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني الا قال الرب تبارك وتعالى استجار عبدي بالصوم من شهر عبدي قد اجرته من النار وعن حصين عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء فاما الدعاء فيدفع عنكم به البلاء واما الاستغفار فيحيي به ذنوبكم وعن أبي بصير قال سمعت سألت أبا عبد الله يقول إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ان مريم (ع) قالت انى نذرت للرحمن صوما أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا ابصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا فان الحسد يأكل الايمان كما يأكل النار الحطب وعن حماد بن عثمن وغيره في الحسن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال لا تنشد الشعر بليل ولا تنشد في شهر رمضان بليل ولا نهار فقال إسماعيل يا أبتاه فإنه فينا قال وإن كان فينا الرابعة صوم شهر رمضان واجب بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تبارك وتعالى يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن شهد منكم الشهر فليصمه " واختلف في الأيام المعدودات فقيل إنها غير شهر رمضان وكانت ثلاثة أيام من كل شهر وقيل هي مع صوم عاشوراء ثم اختلفوا فقيل إنه كان تطوعا وقيل كان واجبا واتفق هؤلاء على نسخها بصوم رمضان وأكثر المفسرين على أن المراد بها صوم شهر رمضان فقيل إنه أوجب الصوم أولا مجملا ثم بين انها أيام معدودات ثم بين بقوله شهر رمضان تقريرا وتأكيدا وقيل إنه لم يكن واجبا عينيا بل كان مخيرا بينه وبين الصدقة والصوم أفضل وذلك " قوله (تع) وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا وهو خير له وان تصوموا خير لكم ثم نسخ بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقيل إن معناه وعلى الذين كانوا يطيقونه ثم صاروا بحيث لا يطيقونه وعلى هذا فلا نسخ واما السنة فمتواترة والاجماع على وجوب صوم شهر رمضان ثابت من جميع المسلمين وهو من ضروريات الدين واختلف في رمضان فقيل إنه علم للشهر كرجب وشعبان ومنع الصرف للعلمية والا لف والنون واختلف في اشتقاقه فقيل إنه من الرمض بتسكين الميم وهو مطر يأتي في وقت الخريف يظهر وجه الأرض من الغبار سمى الشهر بذلك لأنه يطهر الأبدان عن الأوزار وفي الكشاف رمضان مصدر رمض إذ الهترق من الرمضا سمى بذلك إما لارتماضهم فيه من حر الجوع كما سموه ناتقا لأنه كان ينتقهم أي يزعجهم اضجار بشدته عليهم اولان الذنوب ترمض فيه أي تحترق وقيل انما سمى بذلك لان الجاهلية كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرم وقيل لما نقلوا أسماء (الش) عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر وقيل إنه اسم من أسماء الله (تع) سبحانه وعلى هذا فمضى شهر رمضان شهر الله " روى الكليني عن هشام بن سالم في الصحيح عن سعد عن أبي جعفر (ع) قال كنا عنده ثمانية جار فذكرنا رمضان فقال لا تقولوا هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جأر رمضان فان رمضان اسم من أسماء الله (تع) لا يجئ ولا يذهب وانما يجئ ويذهب الزائل ولكن قولوا شهر رمضان فان الشهر رمضان إلى الاسم والاسم اسم الله عن ذكره وهو الشهر الذي انزل فيه القران جعله مثلا وعيدا " وعن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عن أبيه (ع) قال قال أمير المؤمنين لا تقولوا رمضان ولكن قولوا شهر رمضان فإنكم لا تدرون ما رمضان " {والنظر في هذا الكتاب في ماهيته} أي ماهية الصوم وأقسامه ولواحقه {الأول الصوم} لغة هو الامساك قال الجوهري الصوم الامساك عن الطعم ونقل عن أبي عبيده أنه قال كل ممسك عن طعام أو كلام أو غير فهو صايم وقال في (ق) صام صوما وصياما واصطام أمسك عن الطعام والشراب والكلام والنكاح وعن ابن دريد كل شئ سكنت حركته فهو صايم وفي المغرب الصوم في اللغة ترك الانسان الاكل وامساكه عنه وفيه (ايض) صام سكت وقد استعمل في عرف الشرع في معنى أخص منه واختلف عبارات الفقهاء في تعريف المعنى الشرعي فقال المحقق في (يع) انه الكف عن المفطرات مع النية ونقض في طرده بالكف عن المفطرات وقتا ما مع النية وفي عكس بصورة تناول المفطر سهوا وأجيب عن الأول بان المراد النية الشرعية وهي لا تتعلق بغير الزمان المخصوص وعن الثاني بان التناول على وجه النسيان لا ينافي الكف أو باضمار فيه يحترز به عنه وفيه نظر لان الكف عبارة عن بعث النفس على ترك الفعل وهو يرجع إلى العزم على تركه وهو ينافي الفعل سواء كان عهدا أو سهوا والاحتياج إلى الاضمار يكفي في حصول الاختلال في التعريف وأورد عليه (أيضا) ان المفطر عبارة عما يفسد الصوم فيكون تعريفه به دوريا وان الكف أمر عدمي فلا يصلح ان يكون متعلقا للتكليف وأجيب عن الأول بان المراد بالمفطر ما صدق عليه ذلك فيكون المراد به الأكل والشرب وما يجرى مجريها في افساد الصوم وعن الثاني بمنع كون الكف أمرا عدميا بل هو أمر وجودي وهو بعث النفس على ترك ما تعلق به الكف وأورد عليه (أيضا) ان الكف إن كان أمرا زائدا على النية وترك المفطرات فليس بواجب مع استلزامه بطلان صوم الذاهل لعدم تحقق الكف عنه في حال الذهول وإن كان هو النية لم يكن التعريف صحيحا إذا الصوم غير النية ويكون اعتبار النية معه تكرارا قال بعض المتأخرين فالأولى ان يراد بالكف هنا نفس الترك بل الأصح ان ذلك متعلق النهى لأنه المتبادر منه ولتحقق الامتثال به وان لم يتحقق معه بعث النفس عليه وهو مقدور للمكلف باعتبار استمراره اذله ان يفعل الفعل فيقطع استمرار العدم وان لا يفعله فيستمر فلا مانع من التكليف به ولا يخفى ان ههنا أمران أحدهما عدم الفعل والثاني الامر الذي يصير منشأ لانتزاع العدم وهو السكون أو حركة أخرى ضد للحركة المنهى عنها والأول أمر اعتباري انتزاعي لا حصول له الا في الأذهان والأحكام الخارجية المشتبه له انما يكون باعتبار منشأ انتزاعه والأصل المأخوذة منه فمتعلق التكليف في الحقيقة منشأ انتزاع ذلك العدم فإن كان (المقصد) من الترك العدم ففي كونه متعلقا للنهي نظر وإن كان (المقصد) منه منشأ انتزاعه فهو متجه وعرفه (المص) في (عد) بأنه توطين النفس على الامتناع من المفطرات مع النية وهو قريب من التعريف السابق وعرفه الشهيد في (س) بأنه توطين النفس لله على ترك الثمانية الأكل والشرب إلى اخره من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب من المكلف أو المميز المسلم الخالي من التعريف والموانع التي عددها و (ظ) لفظ التوطين يقتضى انتقاص التعريف بتناول المفطرات ساهيا والامر في التعريفات هين جدا كما نبهنا عليه مرارا وما عرفه به (المص) هيهنا أجود من التعريفات السابقة حيث قال {وهو الامساك مع النية من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب الخمرة المشرقية} إما كون أول وقت الامساك طلوع الفجر الثاني فلا خلاف فيه ويدل عليه " قوله (تع) كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الا بيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل " والمستفاد من الآية تحريم الأكل والشرب بعد التبين ووجوب اتمام الصيام على الليل ويضاف إليه وهو عدم القائل بالفصل بين التحريم والامساد ان قصد الاستدلال به على الافساد ويدل عليه أيضا ما " رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي بصير في الصحيح عندي قال سئلت سألت أبا عبد الله (ع) فقلت متى تحريم الطعام على الصايم ويحل الصلاة صلاة الفجر فقال لي إذا اعترض الفجر وكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام ويحل الصلاة صلاة الفجر قلت فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس فقال هيهات أين تذهب تلك صلاة الصبيان وعن الحلبي باسنادين أحدهما صحيح والاخر حسن عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فقال بياض النهار من سواد الليل قال وكان بلال يؤذن للنبي وابن أم متكوم وكان
(٤٩٥)