فيقف انتزاعه على العلم بالسبب ولم يعلم ومرجع هذه الوجوه إلى أمر واحد وهو ان الامر المقتضى لا يجاب الزكاة العيلولة المتوقفة على الحياة وهي غير معلومة فلا يحصل العلم بايجاب الزكاة المرتب عليها ويرد عليه انه قد تصدق العيلولة عرفا في الغايب إذا لم يجهل غيره ولم ينقطع وان انتفى العلم بحيوته فلا يصدق الحكم على العموم احتج ابن إدريس بان الأصل البقاء وبأنه يصح عتقه في الكفارة إذا لم يعلم بموته وهو انما يتحقق مع الحكم ببقائه فيجب فطرته وأنت خبير بضعف التمسك بهذا الأصل وأمثاله وقد عورض الأصل المذكور بأصالة براءة الذمة والتسوية بين صحة العتق ووجوب الفطرة لا دليل عليها إذ لا يترتب الثاني على الأول وأجيب عنه أيضا بمنع صحة عتقه في الكفارة وبالفرق بان العتق اسقاط ما في الذمة من حقوق الله تعالى وهي مبنية على التخفيف بخلاف الفطرة لأنها ايجاب مال على المكلف لم يثبت وجوبه وذكر بعض أفاضل المتأخرين ان محل الخلاف في هذه المسألة غير محرر فإنه إن كان المملوك الذي جهل خبره أو انقطع خبره كما ذكر الشهيد في البيان اتجه القول بعدم لزوم فطرته للشك في السبب وان جاز عتقه في الكفارة بدليل من خارج فان ابن إدريس ادعى الاجماع على الجواز ورواه الكليني في الصحيح عن أبي هاشم الجعفري قال سألت سألت أبا الحسن (ع) عن رجل قد ابق منه مملوك أيجوز ان يعتقه في كفارة الظهار قال لا باس به ما لم يعرف منه موتا وإن كان محل الخلاف مطلق المملوك الغايب الذي لا يعلم حياته فينبغي القطع بالوجوب مع تحقق العيلولة إذا لم ينقطع خبره وان لم يكن حياته معلومه بل ولا مظنونة كما في الولد الغايب وغيره إذ لو كان العلم بالحياة معتبرا لم يجب اخراج الفطرة عن غايب وهو معلوم البطلان ويدل على الوجوب مضافا إلى العمومات ما رواه الكليني في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان يعطى الرجل عن عياله وهم غيب عنه أو بامرهم فيعطون عنه وهو غائب عنهم انتهى كلامه وما ذكره غير بعيد لكن الاستدلال على الوجوب برواية جميل محل تأمل والرواية المذكورة ليست بصحيحة على التحقيق لان الكليني يرويها عن محمد بن إسماعيل عن الفضل ومحمد هذا محتمل لغير الثقة الا ان جماعة من الأصحاب يعدون مثل هذا الخبر صحيحا ويسقط الفطرة عن الزوجة الموسرة والضيف الغنى بالاخراج عنه عند أكثر الأصحاب واستدل عليه بعضهم بان ظاهر الاخبار المتضمنة لوجوب الزكاة على المعيل سقوطها من المعال وهو غير بعيد واستدل عليه المصنف بقوله لا يتنافى صدقه وفيه تأمل ونقل عن ظاهر ابن إدريس ايجاب الفطرة على الضيف والمضيف وهو أحوط واعلم أن الأصحاب اختلفوا في الزوجة الموسرة إذا كان زوجها معسر هل يجب الفطرة عليها أم لا فقال الشيخ في الظاهر لا فطرة عليها ولا على الزوج لان الفطرة على الزوج فإذا كان معسرا لا يجب عليه الفطرة ولا يلزم الزوجة لأنه لا دليل عليها وقواه في الايضاح وأوجب ابن إدريس عليها وقواه المحقق في المعتبر لأنها ممن يصح ان يزكى والشرط المعتبر موجود فيها وانما تسقط عنها لوجوبها على الزوج فإذا لم تجب عليه وجب عليها وقال المصنف في المختلف والأقرب ان تقول ان بلغ الاعسار بالزوج إلى حد يسقط عنه نفقة الزوجة بان لا يفضل معه شئ البتة فالحق ما قاله ابن إدريس وان لم ينته الحال إلى ذلك فإن كان الزوج ينفق عليها مع اعساره فلا فطرة هنا والحق ما قاله الشيخ واستدل على الأول بانتفاء العيلولة الموجبة للسقوط عنها فيبقى العمومات الدالة على وجوبها على كل مكلف غنى سالما من المعارض وعلى الثاني بتحقيق العيلولة الموجبة للسقوط عنها والاعسار الموجب للسقوط عنه و استضعفه الشهيد في البيان بان العيلولة والنفقة انما يسقط الفطرة مع تحملها وأدائها لا مطلقا وهو حسن وفي المختلف التحقيق ان الفطرة إن كانت بالأصالة على الزوج سقطت لاعساره عنه وعنها وإن كانت بالأصالة على الزوجة وانما يتحملها الزوج سقطت عنه لفقره ووجبت عليها عملا بالأصل وفي البيان ظاهر الأصحاب وجوبها أصالة على الزوج و (الظاهر) ان وجوب الفطرة على الزوج أصالة مع يساره لا (مطلقا) فتعلق بالزوجة أصالة مع اعساره للعمومات السالمة عن المعارض فاذن المتجه القول بوجوبها على الزوجة إذا لم يجب على الزوج لاعساره مطلقا سواء سقطت عنه نفقة الزوجة أم لا وسواء تكلف إعالة الزوجة الموسرة أم لا وزكاة العبد المشترك عليهما إذا عالاه أو لم يعله أحد عند أكثر الأصحاب ونقل في الدروس قولا بعدم الوجوب وقال ابن بابويه لا فطرة عليهم الا ان يكمل لكل واحد منهم رأس تام واستدل على الأول بان المؤنة عليهم فزكاته عليهم وبأنه عبد مملوك من الفطرة وهو عاجز عنها فيجب على أربابه كالمنفرد والتعليلان ضعيفان حجة الصدوق ما رواه في من لا يحضره الفقيه عن زرارة في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال قلت عبد بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة قال إذا كان لكل انسان رأس فعليه ان تؤدى عنه فطرته وإن كان عدة العبيد وعدة المولى سواء كانوا جميعا فيهم سواء أدوا زكاتهم لكل أحد منهم على قدر حصة وإن كان لكل انسان منهم أقل من رأس فلا شئ عليهم ولا يبعد المصير إلى مقتضى هذه الرواية لموافقتها للأصل وسلامتها عن المعارض ولو قبل وصيه الميت بالعبد قبل الهلال المتقدر بغروب الشمس وجبت الفطرة عليه التحقيق الملكية ونفى بعضهم الخلاف وفيه لكن الظاهر أنه لابد من صدق العيلولة إذ هي مناط الوجوب والا اي وان لم يقبل الوصية قبل الهلال سقطت عنه وعن الورثة على رأى اختاره المصنف وهو قول الشيخ في المبسوط و (ق) وقيل يجب على الوارث وقيل يجب على الموصى له به جزم الشهيد في (س) واختاره الشهيد الثاني حجة الأول ان الوصية مانعة من دخول العبد في ملك الوارث فتسقط عنه والقبول متأخر عن الغروب فرضا فلا يدخل في ملك الموصى له فتسقط عنه وحجة الثاني ان الملك لا بدله من مالك وهو إما الموصى له أو الوارث إذ الميت لا ملك له وحيث لم يكن ملكا للموصى له لتوقف ملكيته على القبول تعين كونه ملكا للوارث فيجب الزكاة عليه واعترض عليه بأنه لا استحالة في كون التركة مع الدين المستوعب أو الوصية النافدة وغير مملوكة لاحد بل يصرف في الوجوه المخصوصة والفاضل للورثة وحجة الثالث ان القبول كاشف عن الملكية فيجب على الموصى له وفيه نظر لمنع الأصل والفرع ومن المتأخرين من منع الفرع استنادا إلى استحالة تكليف الغافل وهو سند ضعيف والأقرب القول الأول للأصل وعدم الدليل على الوجوب ولو لم يقبض الموهوب فلا زكاة عليه بناء على أن القبض شرط لصحة الهبة ولو مات الواهب فالزكاة على الوارث اي وارث الواهب لعدم الانتقال إلى الموهوب ويحكى عن الشيخ في (ظ) أنه قال لو قبل الموهوب ثم مات ثم قبض الورثة قبل الهلال وجبت عليهم وهو مبنى على أن القبض شرط للزوم الهبة لا لصحتها كما ذهب إليه في الخلاف وتردد المحقق في هذه المسألة وتقسط التركة على الدين وفطرة العبد بالحصص لو مات المولى بعد الهلال وضاقت التركة عن الوفاء بالجميع وهذا مبنى على أن زكاة الفطرة واجبة في الذمة فيكون حكمها حكم ساير الديون وكذا الحكم في فطرة الزوجة والغريب والمعال تبرعا ولو مات المولى قبله اي قبل الهلال تسقط فطرة العبد فلا يجب على أحد وهذا مبنى على عدم انتقال التركة مع الديون المستوعب إلى الورثة كما هو أحد القولين في المسألة واما على القول بانتقالها إلى الوارث وان منع من التصرف فيها قبل أداء الدين فالفطرة على الوارث ويجزى من اللبن أربعة أرطال ذكر ذلك الشيخ وجماعة من الأصحاب ومستنده ما رواه الشيخ من القسم بن الحسن في الضعيف يرفعه عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة قال يتصدق بأربعة أرطال من لبن قال في المنتهى لم نقف فيه على مستند سوى الخبر المذكور قلت وجدت في (في) خبرا اخر رواه عن إبراهيم بن هاشم في الحسن يرفعه عن أبي عبد الله (ع) مثل الخبر السابق ولا يخفى ان الروايتان مرسلتان مخصوصتان بصورة عدم التمكن من الفطرة والأرطال فيها مجملة وفسرها الشيخ ومن تبعه بالمدني استنادا إلى ما رواه الشيخ عن محمد بن ريان قال كتبت إلى الرجل أسئله عن الفطرة زكاتها كم يؤدى فكتب أربعة أرطال بالمدني وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف إلى محمد بن عيسى فإنه محتمل للعبيدي وفيه توقف وقال في المعتبر الرواية في الضعف على ما يرى قيل وكان الوجه في ذلك اطباق الأصحاب على ترك العمل بظاهرها والا ففي معتبرة الاسناد والشيخ في (يب) احتمل فيها وجهين أحدهما ان يكون أربعة امداد لصحف الراوي والثاني انه أراد أربعة أرطال من اللبن والأقط لان من كان قوته ذلك يجب عليه منه القدر المذكور في الخبر والأفضل التمر ثم الزبيب ثم غالب قوته اختلف الأصحاب في هذه المسألة فقال ابنا بابويه والشيخان وابن أبي عقيل على ما نقل عنهم ان أفضل ما يخرج التمر قال الشيخان ثم الزبيب وهو قول ابن البراج في الكامل وقال في المهذب التمر والزبيب
(٤٧٤)