هلك فاما من هو مستغن عن جميع ذلك فلا يجوز له ان يذوق الطعام وفي هذا التأويل بعد واضح ولو مضغ الصايم شيئا فسبق منه شئ إلى الحلق بغير اختياره فالظاهر أن صومه لا يفسد بذلك وقال المصنف في المنتهى لو ادخل فمه شئ وابتلعه سهوا فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه والا وجب القضاء وفي ايجاب القضاء على التقدير المذكور {والاستنقاع للرجل في الماء} ولا كراهة فيه ويدل عليه مضافا إلى الأصل " رواية الحسن بن راشد المذكورة سابقا في شرح قول المصنف وشم الرياحين ورواية جنان سدير السابقة في بحث الارتماس للصايم والحقنة بالجامد على رأى قد مر شرح هذه المسألة سابقا وابتلاع النخامة والبصاق إذا لم ينفصل عن الفم والمسترسل من الفضلات من الدماغ من غير قصد ولو قصد ابتلاعه أفسد الظاهر أن مراد المصنف عن النخامة ما خرج من الصدر بقرينة المقابلة لما خرج من الدماغ وأطلق جماعة من الأصحاب النخامة عليهما وفي النهاية لابن الأثير النخامة البزقة التي تخرج من أقصى الحلق ومن مخرج الخاء المعجمة وفي [ق] النخامة النخامة وفيه أيضا النخاعة بالضم أو (النخامة) ما يخرج من الصدر أو ما يخرج من الخيشوم وفي المغرب انه ما يخرج من الخيشوم عند التنخع واختلف الأصحاب في حكمها على أقوال ثلثة الأول جواز ابتلاع ما يخرج من الصدر ما لم ينفصل من الفم والمنع من ابتلاع الأخر وان لم يصل إلى الفم واليه ذهب المصنف في هذا الكتاب والمحقق في الشرايع الثاني جواز ابتلاعهما ما لم يصل إلى الفم والمنع منه إذا وصل واليه ذهب الشهيدان الثالث جواز اجتلاب النخامة من الصدر والرأس وابتلاعهما ما لم ينفصلا عن الفم واليه ذهب الفاضلان في المعتبر والمنتهى والظاهر عندي عدم الافساد إذا لم ينفصلا إلى الفم لعدم صدق الاكل عليه وأما إذا وصل شئ منهما إلى الفم فابتلعه ففي الافساد توقف للشك في صدق الاكل عليه ومقتضى الشك الاجتناب نظرا إلى وجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت الا انه لا يلزم بذلك وجوب الكفارة ولا القضاء " وقد روى الشيخ في الصحيح عن غياث وهو موثق لكنه قال الشيخ انه تبرى وروى الكليني في الحسن بإبراهيم عنه عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان يزدرد الصايم نخامته وهذه الرواية باطلاقها يقتضى جواز ازدراد النخامة مطلقا لكن في المقصود من النخامة نوع شك لما مر من نوع اختلاف فيه ولا يبعد ترجيح كون المراد أعم منها فيرجح القول باطلاق الترخيص احتج المرخصون مطلقا بوجوه ثلثة الأول ان ذلك لا يسمى اكلا وشربا فكان سايغا تمسكا بالأصل السالم من المعارض الثاني ان النخامة مساوية للريق في عدم الوصول من خارج فوجب مساواته له في الحكم الثالث ان ذلك لا ينفك منه الصايم الا نادرا فوجب العفو عنه لعموم البلوى به والكل لا يصفو عن التردد ثم إن قلنا بكون ذلك مفسدا للصوم ففي وجوب الكفارة تردد وربما قيل بوجوب كفارة الجمع بناء على تحريم اكل ذلك على غير الصايم وفيه تردد لمنع التحريم للأصل و " ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان قال سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول من تنخع في المسجد ثم ردها في جوفه لم تمر بداء في جوفه الا ابرائته " {وفعل المفطر سهوا} المراد بالسهو هنا نسيان الصايم ولا اعلم خلافا بين الأصحاب في أن فعل المفطر سهوا لا يوجب الافطار ولا القضاء ولا الكفارة قال في المنتهى لا خلاف بين علمائنا في أن الناسي لا يفسد صومه ولا يجب عليه قضاء ولا كفارة بفعل المفطر ناسيا ويدل عليه روايات منها " ما رواه الكليني والصدوق والشيخ عن الحلبي في الصحيح ورواه الكليني في الحسن أيضا عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل نسى فاكل وشرب ثم ذكر قال لا يفطر انما هو شئ رزقه الله عز وجل و منها ما رواه الشيخ عن محمد بن قيس في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) يقول من صام فنسى فاكل وشرب فلا يفطر من أجل انه نسى فإنما هو رزق رزقه الله عز وجل فليتم صومه ومنها ما رواه الصدوق عن عمار بن موسى في الموثق عن رجل ينسى وهو صايم فجامع أهله قال يغتسل ولا شئ عليه ومنها ما رواه الكليني عن سماعة في الموثق قال سئلته عن رجل صام في شهر رمضان فاكل وشرب ناسيا قال يتم صومه وليس عليه قضاؤه وعن داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) في الرجل ينسى فيأكل ويشرب في شهر رمضان قال يتم صومه فإنما هو شئ أطعمه الله ورواه الشيخ باسناده عن الكليني وروى الشيخ عن أبي بصير قال سئلت سألت أبا عبد الله عن رجل صام في رمضان فاكل وشرب ناسيا فقال يتم صومه وليس عليه قضاء وعن أبي بصير في الموثق عندي قال قلت لأبي عبد الله رجل صام يوما نافلة فاكل وشرب ناسيا قال يتم صومه ذلك وليس عليه شئ وروى الصدوق والشيخ عنه من عبد الله السلام بن صالح الهروي في القوى قال قلت للرضا (ع) يا بن رسول الله قد روى عن ابائك (ع) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلث كفارات وروى أيضا عنهم كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ قال بهما جميعا متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلث كفارات عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة وإن كان ناسيا فلا شئ عليه واطلاق النصوص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق في الحكم المذكور بين الصوم الواجب و المندوب وكذا يقتضى عدم الفرق بين رمضان وقضائه والواجب بالنذر وإن كان غير معين وبانسحاب الحكم في قضاء رمضان صرح في المنتهى معللا بعدة من الأخبار المذكورة ثم قال وللشيخ قول اخر وهذا أجود ولو كان وقوع المفطر عمدا أو جهلا بالحكم أفسد إما العامد العالم فلا ريب في فساد صومه ولا خلاف فيه واما الجاهل بالحكم فللأصحاب فيه خلاف فذهب الأكثر إلى أنه كالعالم في فساد الصوم وتعلق وجوب القضاء والكفارة وقال ابن إدريس لو جامع أو أفطر جاهلا بالحكم فللأصحاب فيه خلاف فذهب الأكثر إلى أنه كالعالم في فساد الصوم وتعلق وجوب القضاء والكفارة وقال إلى بالتحريم فلا يجب عليه شئ ونحوه يستفاد من كلام الشيخ في التهذيب واحتمله المصنف في المنتهى وقال المحقق في المعتبر والذي يقوى عندي فساد صومه ووجوب القضاء دون الكفارة واختاره كثير من المتأخرين حجة الأول ان الجاهل يصدق عليه المتعمد فيندرج في الاخبار الأدلة على وجوب القضاء والكفارة بتعمد الافطار وحجة الثاني أصالة البراءة من وجوب القضاء والكفارة ويحتاج توجيه هذا القول إلى منع صدق المتعمد على الجاهل حجة القول الثالث إما على وجوب القضاء فاطلاق الامر بالقضاء عند عروض أحد الأسباب المقتضية لفساد الأداء فإنه يتناول العالم والجاهل وعلى سقوط الكفارة الأصل " وما رواه الشيخ عن زرارة وأبى بصير قالا سئلت سألت أبا جعفر (ع) عن رجل اتى أهله في شهر رمضان أو أوتي أهله وهو محرم وهو لا يرى الا ان ذلك حلال له قال ليس عليه شئ قيل ويمكن ان يستدل على هذا القول أيضا بقول الصادق (ع) في صحيحة عبد الصمد بن بشير الواردة فيمن لبس قميصا في حال الاحرام أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شئ عليه " وغير ذلك من العمومات المتضمنة لعذر الجاهل وفي هذه الأدلة نظر إما دليل القول الأول فلمنع صدق المتعمد على الجاهل واما دليل القول الثاني فلما ذكر في حجة القول الثالث واما دليل القول الثالث فلان اطلاق الامر بالقضاء على تقدير تسليم كونه شاملا للجاهل وانه ليس المتبادر منه في مواضعه العالم بالحكم معارض برواية زرارة وأبى بصير ورواية عبد الصمد بن بشير والنسبة بين المتعارضين
(٥٠٧)