إلى أن يدرك محل الوجوب ما يكمل به نصابا فيؤخذ منه ثم من الباقي والظاهر أنه لا خلاف فيه ونقل المصنف في التذكرة اجماع المسلمين عليه وقال في المنتهى لو كان له نخل يتفاوت ادراكه بالسرعة والبطؤ بان يكون في بلدين (؟) أحدهما أسخن من الأخر فتدرك الثمرة في الا سخن قبل ادراكها في الأخر فإنه تضم الثمرتان إذا كان لعام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو الأكثر لان اشتراك ادراك الثمار في الوقت الواحد متعذر وذلك يقتضى اسقاط الزكاة غالبا ولا نعرف في هذا خلافا انتهى كلامه ويدل على الحكم المذكور عموم الأدلة ويضم الطلع الثاني إلى الأول فيما يطلع مرتين في السنة على المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم الضم محتجا بأنه في حكم ثمره سنتين والأول أقرب لأنهما ثمرة سنة واحدة كما إذا اختلف الادراك فيتناوله عموم ما دل على الوجوب ولو اشترى ثمرة قبل البدو على الوجه الذي يصح بان يكون بيعها بعد الظهور أو مع الضميمة فالزكاة عليه اي على المشتري والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة ولو اشترى ثمرة بعده اي بعد البدو فالزكاة على البايع لتعلق الوجوب في الزمان الذي كان في ملكه ولا يجب على المشتري لعموم ما دل على أن المال لا يزكي من جهتين وهذا مبني على قول المصنف من أن وقت الوجوب بدو الصلاح واما على ما اخترناه من أن وقت الوجوب صدق الاسم فالاعتبار به لا ببدو الصلاح وهل ينفذ البيع في قدر الواجب بعد تعلق الوجوب إذا لم يضمن المالك الزكاة يبنى على ما سيجيئ من أن تعلق الزكاة هل هو على سبيل الشركة أو الرهن أو الجناية أو هي متعلقة بالذمة وسيجيئ تحقيقه ويجزي الرطب والعنب عن مثله لقوله في صحيحة سعد بن سعد في العنب إذا خرصه اخرج زكاته ولا يجزي الرطب والعنب عن التمر والزبيب أصالة فلو اخذ بالقيمة السوقية جاز ان جوزنا اخراج القيمة في غير النقدين وهل يجزي عن التمر الرطب إذا اخرج مال وخب لكان بقدر الفرض فيه وجهان واستقرب المصنف في المنتهى الأجزاء لتسمية الرطب تمرا في اللغة وفيه نظر والترجيح للعدم ولا يجزي المعيب كالمسوس عن الصحيح لينتفي الضرر عن الفقراء وكانه لا خلاف فيه ويدل عليه عدم حصول العلم بالبرائة وبه قال المصنف في التذكرة التمر إن كانت كلها جنسا واحدا اخذ منه سواء كان جيدا كالبرني وهو أجود نخل بالحجاز أو رديا كالجعرور ومصران الفارة وعذق بن جيق ولا يطالب بغيره ولو تعددت الأنواع اخذ من كل نوع بحصته لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيد وعن الفقراء بأخذ الردي وهو قول عامة أهل العلم وقال مالك والشافعي إذا تعددت الأنواع اخذ من الوسط والأولى اخذ عشر كل واحد لان الفقراء بمنزلة الشركاء ولا يجوز اخراج الردي لقوله تعالى ولا يتمموا الخبيث منه تنفقون ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يأخذ الجعرور وعذق بن جيق لهذه الآية وهما ضربان من التمر أحدهما يصير قشرا على نوى والاخر إذا اتمر صار حشفا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يترك (معا) معي فارة وأم جعرور ولا يزكيان ولا يجوز اخذ الجيد عن الردي لقوله (ع) إياك وكرايم أموالهم فان تطوع المالك جاز وله ثواب عليه انتهى كلامه ولو مات المديون بعد بدو الصلاح أخرجت الزكاة وان ضاقت التركة عن الدين لو مات المديون بعد تعلق الوجوب إما ببدو الصلاح على رأى المصنف أو بصدق الاسم على القول الآخر فالظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب اخراج الزكاة من أصل المال ويدل عليه ما رواه الكليني عن عباد بن صهيب في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في رجل فرط في اخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثم أوصى به ان يخرج ذلك فيدفع إلى من تجب له فقال جايز يخرج ذلك من جميع المال انما هو بمنزلة دين لو كان عليه للورثة شئ حتى (يؤدوا ما أوصى به من الزكاة وعن معاوية ابن عمار في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت له رجل) يموت وعليه خمس مائة درهم من الزكاة وعليه حجة الاسلام وترك ثلاثمائة درهم فأوصى بحجة الاسلام وان يقضي عنه دين الزكاة قال يحج عنه من أقرب ما يكون ويخرج البقية في الزكاة وروى الكليني عن علي بن يقطين في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي الحسن الأول (ع) رجل مات وعليه زكاة واوصى ان يقضى عنه الزكاة وولده محاويج ان دفعوها أضر ذلك بهم ضررا شديدا فقال يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم ويخرجون منها شيئا فيدفع إلى غيرهم ومقتضى هذه الرواية جواز صرف الأولاد في حوايجهم إذا كانوا محتاجين ولو ضاقت التركة عن الدين فالأكثر ومنهم الفاضلان على وجوب تقديم الزكاة فمنهم من اطلق ومنهم من قيده بما إذا كانت العين موجودة دون ما إذا تلفت بناء على تعلق الزكاة بالعين وقيل يجب (التحاصر) بين أرباب الزكاة والديان واليه ذهب الشيخ وهو مبني على أن الزكاة هل تتعلق بالعين على سبيل الشركة أو تتعلق بالذمة فعلى الأول اتجه القول الأول مع التقييد المذكور وعلى الثاني الثاني مع امكان التأمل فيه قال في البيان وهو يعني قول الفاضلين حسن ان قلنا بتعلق الزكاة بالمال تعلق الشركة وان قلنا كتعلق الرهن أو الجناية بالعبد فالأول أحسن ولو مات قبله اي قبل بدو الصلاح صرفت في الدين ان استوعب التركة والا وجبت على الوارث ان فضل النصاب بعد تقسيط الدين على جميع التركة هذا ما قاله المصنف وتفصيل المقام ان المديون ان مات قبل زمان تعلق الوجوب فلا يخلو إما ان يكون الدين مستوعبا للتركة أم لا وعلى الأول فلا يخلو إما ان يكون موته قبل ظهور الثمرة أم بعده خير مسئلتان الأولى ان يكون موته قبل ظهور الثمرة ثم يظهر ويبلغ الحد الذي يتعلق به الوجوب قبل أداء الدين فقيل لا يجب الزكاة على الميت ولا على الوارث مطلقا وهو ظاهر اطلاق المصنف وقيل يبنى على القول بانتقال التركة إلى الوارث وعدمه فان قلنا إن التركة لا ينتقل إلى الوارث بل يبقى على حكم مال الميت كما هو رأى جماعة من الأصحاب منهم المحقق لم تجب الزكاة على الميت لان الوجوب سقط عنه بموته ولا على الوارث لانتفاء الملك كما هو المفروض وان قلنا إنها ينتقل إلى الوارث كانت الثمرة له لحدوثها في ملكه والزكاة عليه ولا يتعلق بها الدين فيما قطع به الأصحاب لأنها ليست جزء من التركة وحكم الشهيد الثاني بعدم وجوب الزكاة على القولين ووجهه على القول بالانتقال بأنه ممنوع من التصرف فيها قبل أداء الدين فلا يتم الملك والأقرب انه ان قلنا (بعدم الانتقال إلى الوارث فالوجه عدم وجوب الزكاة كما مر وان قلنا) بالانتقال فالوجه وجوبها إما ان قلنا بان الوارث غير ممنوع من التصرف في التركة كما هو أحد الأقوال في المسألة أو قلنا بأنه غير ممنوع من التصرف في النماء المتجدد في ملكه وانما المنع مختص بالتركة فالظاهر واما ان قلنا بعموم المنع فلعموم أدلة وجوب الزكاة وعدم ثبوت كون المنع من التصرف مطلقا مانعا من وجوبها فإنهم لم يحتجوا على ذلك الا ببعض الاخبار المختصة ببعض المواد التي لا يشمل محل البحث و ما ذكره الشهيد الثاني من تعليل عدم الوجوب بالمنع من التصرف لو تم لا يجري في صورة تمكن أداء الدين من غيرها الثانية ان يكون موته بعد ظهور الثمرة قبل بلوغها الحد الذي يجب فيه الزكاة ثم يبلغ قبل أداء الدين فقيل لا يجب الزكاة وهو ظاهر كلام المصنف وبه صرح في المنتهى والوجه ان يبنى على القول بانتقال التركة إلى الوارث وعدمه فان قلنا بان التركة لا ينتقل إلى الوارث لم يجب الزكاة لما مر وان قلنا بان التركة ينتقل إلى الوارث فقد قيل فيه وجوه أحدها عدم الوجوب مطلقا واليه ذهب الشهيد الثاني معللا بالمنع من التصرف في (التركة قبل أداء الدين وثانيها انه ان تمكن من التصدق في) النصاب ولو بأداء الدين من غير التركة وجبت الزكاة عليه والا فلا وتوجيهه ظاهر وثالثها ما ذكره المصنف في التذكرة حيث قال فإن كان لهم مال أخرجوه من مالهم لان الوجوب حصل في ملكهم وتعلق حق الغرماء بذلك لا يمنع من وجوب الزكاة كالمرهون قال فإن لم يكن للورثة ما يؤدون الزكاة احتمل سقوطها لتعلق الدين بالعين هنا فمنع من تعلق الزكاة ووجوبها لان الزكاة يتعلق بالعين وهي استحقاق جزء من المال فيقدم على حقوق الغرماء ورابعها الوجوب مطلقا سواء قلنا بجواز التصرف في التركة قبل أداء الدين أم لا ولعله أقرب لما أشرنا إليه في الصورة السابقة واحتمله الشهيد في البيان معللا بحصول السبب والشرط أعني امكان التصرف وكون تعلق الدين هيهنا أضعف من تعلق الرهن وعلى القول بالوجوب فهل يغرم العشر للديان أم لاقيل لا لان الوجوب قهري فهو كنقص القيمة السوقية والنفقة على التركة وقيل نعم واستقربه الشهيد في البيان لسبق حق الديان ويحتمل التفصيل بكون التأخير من قبل الوارث وعدمه وعلى القول بالتغريم لو وجد الوارث مالا يخرجه عن الواجب فالظاهر عدم تعينه للاخراج وقيل يتعين لأنه لا فائدة في الاخراج من العين ثم العزم وعلى الثاني وهو ان لا يكون الدين مستوعبا للتركة فإن لم يفضل لبعض
(٤٤٤)